Ads

حكم نقل الميت من قبره الذي دفن فيه إلى مدافن الأسرة :


بقلم : د. عبد الحليم منصور 
رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون- جامعة الأزهربالدقهلية

ورد إلى الصفحة السؤال الآتي :
السلام عليكم أستاذنا الفاضل ..أود السؤال عن حكم نقل جثمان المتوفى بعد دفنه الى مدفن آخر إذا حكمت ظروف الوفاة بدفنه فى غير مدفن اﻷسرة ...وإذا كان ممكن ...ينقل بعد الوفاة بوقت معين؟
أشكر سعادتك وأرجوا ان ترد على برسالة ولسعادتك جزيل الشكر واﻹمتنان

الجواب :
بعد حمد الله وتوفيقه أقول : 
الأصل أن يدفن المسلم حيث مات ، وأجاز البعض نقله من مكانه الذي مات فيه إلى حيث يرد ذووه ، أما عن فتح القبر بعد الوفاة ، ونقل الميت من مكانه إلى مكان آخر ، فأجاز ذلك الفقهاء للضرورة ، كأن يصيب القبر سيل ، أو نداوة ، أو لكون القبر في أرض مغصوبة ، قال النووي :" ويجوز نبش الميت إذا دفن لغير القبلة ، أو بلا غسل على الصحيح فيهما ، أو بلا كفن ، أو في كفن مغصوب أو حرير أو أرض مغصوبة ، أو ابتلع جوهرة ، أو وقع في القبر مال على ما سبق في كل ذلك من التفصيل والخلاف قال الماوردي في الأحكام السلطانية : إذا لحق القبر سيل أو نداوة ، قال أبو عبد الله الزبيري : نقله يجوزه ، ومنعه غيره . قلت : قول الزبيري أصح ، فقد ثبت في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : أنه دفن أباه يوم أحد مع رجل آخر في قبر ، قال : ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر فاستخرجته بعد ستة أشهر ، فإذا هو كيوم وضعته هيئة ، غير أذنه وفي رواية للبخاري أيضا : أخرجته فجعلته في قبر على حدة وذكر ابن قتيبة في المعارف وغيره أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم دفن فرأته بنته عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة في المنام ، فشكا إليها النز ، فأمرت به فاستخرج طريا فدفن في داره بالبصرة ، قال غيره قال الراوي : كأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير إلا عقيصته فمالت عن موضعها وأخضر شقه الذي يلي النز . "
وبناء على ما تقدم أقول : إذا كان السبب هو مجرد النقل إلى مدافن الأسرة فلا يجوز ذلك ، لما فيه من هتك حرمة الميت ، والتعدي عليه بالامتهان ، وكل هذا ينافي التكريم الوارد فيه قوله :" ولقد كرمنا بني آدم " والتعدي عليه ميتا كالتعدي عليه حيا ، لاسيما وأن فتح هذا الباب ، سيؤدي إلى نبش القبور ، والتعدي على الموتى ، وفي ذلك ذريعة لأن ينقل كل واحد جثمان قريبه إلى حيث يريد ، وهذا فيه من المفاسد ما فيه .
أما إذا كان ثمة سبب آخر ككون الأرض التي دفن فيها رخوة ، وينز بها الماء ، أو لكونه مدفونا مع غيره من الناس المشهورين بغير الصلاح ، أو لكونه مدفونا في أرض مغصوبة ففي هذه الحالة وما ماثلها يجوز . والله أعلم .
أما مجرد فتح القبر لغرض من الأغراض المعتبرة مع عدم نقل الميت فلا بأس بذلك فقد جاء في كتاب المهذب للعلامة الشيرازي :" فإن وقع في القبر مال لآدمي وطالب به صاحبه نبش القبر لما روي أن المغيرة بن شعبة طرح خاتمه في قبر رسول الله فقال خاتمي ففتح موضعا فيه فأخذه وكان يقول أنا أقربكم عهدا برسول الله ولأنه يمكن رد المال إلى صاحبه من غير ( ضرر ) فوجب رده عليه وإن بلع الميت جوهرة لغيره ومات وطالب صاحبها شق جوفه وردت الجوهرة وإن كانت الجوهرة له ففيه وجهان : أحدهما يشق لانها صارت للورثة فهي كجوهرة الأجنبي 
والثاني ( لا يشق ) لانه استهلكها في حياته فلم يتعلق بهم حق الورثة " 
وقال النووي في الروضة :" فرع لا يجوز نبش القبر إلا في مواضع
منها : أن يبلى الميت ويصير ترابا فيجوز نبشه ودفن غيره ، ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة ، وتختلف باختلاف البلاد والأرض ، وإذا بلي الميت لم يجز عمارة قبره وتسوية التراب عليه في المقابر المسبلة ، لئلا يتصور بصورة القبر الجديد فيمتنع الناس من الدفن فيه ، ومنها أن يدفن إلى غير القبلة ، ومنها أن يدفن من يجب غسله بلا غسل ، فالمذهب أنه يجب النبش ليغسل ، وحكي قول : أنه لا يجب بل يكره لما فيه من الهتك ..
ومنها : إذا دفن في أرض مغصوبة يستحب لصاحبها تركه فان أبى فله إخراجه وإن تغير وكان فيه هتك .
ومنها: لو كفن بثوب مغصوب أو مسروق ففيه أوجه أصحها : ينبش لرد الثوب كما ينبش لرد الأرض " والله أعلم

0 تعليقات:

إرسال تعليق