Ads

من فقه الحج (10) صوابط الحج عن الغير


بقلم : د. عبد الحليم منصور 
رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون- جامعة الأزهربالدقهلية

قلنا قبلا إن المحجوج عنه إما أن يكون مريضا ، وإما أن يكون ميتا وفيما يأتي ضوابط الحج عنهما .
الضابط الأول - إذن المريض : لا يجوز الحج والعمرة عن الحي إلا بإذنه ، فرضا كان أو تطوعا ، لأنها عبادة تدخلها النيابة ، فلم تجز عن البالغ العاقل ، إلا بإذنه كالزكاة . 
الضابط الثاني – أن يكون النائب قد حج عن نفسه أولا : 
ومن ثم فمن حج عن غيره ولم يكن قد حج عن نفسه ، هل يقع حجه عن الأصيل ويكون مجزئا له ، أم يقع عن النائب ؟ 
اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة آراء 
الرأي الأول : يرى الشافعية ، والحنابلة ، أن الحج في هذه الحالة يقع عن النائب ، دون الأصيل ، وهو قول الأوزاعي ، وإسحاق . 
الرأي الثاني : ذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن حج النائب في هذه الصورة يقع عن الأصيل ، حتى ولو لم يكن قد حج عن نفسه ، وحكي عن الإمام أحمد مثل ذلك ، وبه قال الثوري إن لم يقدر الإنسان على الحج عن نفسه جاز له أن يحج عن غيره .
الرأي الثالث : يرى أن الحج في هذه الحالة لا يقع عن واحد منهما ، وإنما يقع باطلا ولا يصح ذلك لا عن الأصيل ، ولا نائبه ، وهذا القول مروي عن ابن عباس . 
الرأي الراجح :
بعد العرض السابق لآراء الفقهاء وأدلتهم في هذه المسألة يبدو لي رجحان ما ذهب إليه القائلون بأنه يشترط في النيابة في الحج عن الغير أن يكون النائب قد حج عن نفسه أولا ، لما ورد عَنِ ابن عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ سمع رَجُلا يقول لَبَّيْكَ عن شُبْرُمَةَ ، فقال : من شُبْرُمَةُ ؟ قال : أَخِي أو قَرِيبٌ لي ، قال: هل حَجَجْتَ ؟ قال : لا ، قال : حُجَّ عن نَفْسِكَ ، ثُمَّ حُجَّ عن شُبْرُمَةَ " ولأنه حج عن غيره قبل الحج عن نفسه فلم يقع عن الغير كما لو كان صبيا .
وما استند إليه المخالفون من أدلة من لم تسلم من الطعن والمناقشة ، الأمر الذي يجعل النفس تطمئن إلى ترجيح هذا الرأي والعمل بموجبه ، والله أعلم .
الضابط الثالث – أن يكون المرض مأيوسا من شفائه : 
فإن كان المريض لا يرجى زوال المرض عنه فهذا أجاز له العلماء القائلون بجواز النيابة ، بإجزاء الحج عنه ، أما إذا كان هذا المرض مرجو الزوال ، والإبراء ، فقد اختلف الفقهاء في حكم النيابة عن هذا المريض ، وهل يجزئه هذا الحج أو لا ؟ والراجح عدم إجزاء الحج عن المريض الذي يرجى زوال مرضه والله أعلم .

0 تعليقات:

إرسال تعليق