تاليف -فالح الحجية
ولد الشاعر والكاتب خيرالدين الزركلي بمدينة بيروت من أبوين سوريين وبالتحديد من دمشق ونشأ في دمشق وترعرع فيها، ودرس على علمائها أمثال جمال الدين القاسمي وعبد القادرالبدران، وأبي الخير الميداني، فنشا محبا الادب شغوفا بالعربية ولغتها وادابها يسري في قلبه الولاء للدم العربي وقوميته الخالدة ونستبين ذلك من خلال مواقفه الوطنية ونشاطه السياسي للذود عن حياض وطنه وامته وتحررها من ايدي الاستعمار الفرنسي الأمر الذي دفع المستعمر الفرنسي إلى الحكم عليه بالإعدام لكنه عندما سنحت له الفرصة هجر بلده الشام مرغما وتخلصا من اذى اعداء بلاده المستعمرين والطغاة وظل شاعرنا يتنقل حينذاك بين مكة المكرمة والقاهرة وعمان وينشر قصائده الوطنية ومنها القصيدة التي وصف معركة ميسلون الشهيرة والتي تعتبر من روائع الشعر العربي فيصور الفاجعة التي حلت بوطنه الغالي فلسطين العربية . وكانت الصحف تتناقل هذه القصائد التي كانت تتساقط على المستعمر سهاماً مسمومة وضربات موجعة له بل تعد سياط ممضة ونار لاهبة تحرق المستعمرين الفرنسيين و تفضح اباطيلهم وتثير الرأي العام العالمي ضدهم ولنقرأ معا هذه الابيات للشاعر خير الدين الزركلي وهو يصور معركة ميسلون هذه المعركة غير المتكافئة يقول فيها :
الله للحدثان كيف تكيد
. بردى يغيض وقاسيون يميد
غلت المراجل فاستشاطت أمة
عربية غضباً وثار وقود
زحفت تذود عن الديار ومالها
. من قوة، فعجبت كيف تذود
الطائرات محوّمات حولها
والزاحفات صراعهن شديد
واثناء وجوده في مصرعام \ 1929 أقيم مهرجان خطابي شعري لمساندة ومؤازرة الثورة العربية في سوريا ضد الاستعمار الفرنسي فوقف ا امير الشعراء احمد شوقي ليلقي قصيدته القافية الرائعة والتي تعتبر من روائع الشعر العربي في العصر الحديث ايضا ومطلعها \
سلام من صبا بردى ارق
ودمع لا يكفكف يا دمشق
وقف خير الدين الزركلي بعده وأنشد قصيدته الرائعة ومطلعها \
الأهل أهلي والديار دياري
. . وشعار وادي النيرين شعاري
لقد تغني خير الدين الزركلي بأفراح سوريا خاصة والشام عامة ، وبكى أتراحها وكانت مواقفه مشهودة محمودة فقد اشتهر معظم شعره بالطابع الوطني الجياش الذي يفيض عاطفة ويقطر ثورة في نفوس الشباب الشامي والعربي عموما ،وهذا ما ينم عن شخصية وطنية عربية فذة تحمل بين جنباتها روحا عربية خالصة .فقد كان صوت الشام المدوي والناطق بلسانها والمعبر عن خلجاتها ومشاعرابنائها فكان حقاً شاعر الشام وكان ابنها البار
توفي خير الزركلي في عام\ 1976ميلادية تاركا خلفه ثروة طائلة للغة العربية وامتها وقرائها وهو( كتاب الاعلام ) النفيس الذي صدر في عدة أجزاء و مجموعة من الكتب والمؤلفات والقصائد .
وفي نهاية بحثي اقدم قصيدة ( الفاجعة ) التي انشدها في احتلال دمشق من قبل الفرنسيين عام \1920 ميلادية وهذه هي :
الله للحدثان كيف تكيد
بردى يغيض وقاسيون يميد
بلد تبوأه الشقاء فكلما
قدم استقام له به تجديد
لانت عريكة قاطنيه ومادروا
أن الضعيف معذب منكود
ما تنفع الحجج الضعيف وإنما
حق القوي معزز معضود
غلت المراجل فاستشاطت أمة
عربية غضباً وثار رقود
زحفت تذود عن الديار ومالها
من قوة فعجبت كيف تذود
الطائرات محومات حولها
والزاحفات صراعهن شديد
ولقد شهدت جموعها وثابة
لو كان يدفع بالصدور حديد
جهروا بتحرير الشعوب وأثقلت
متن الشعوب سلاسل وقيود
خدعوك ياأم الحضارة فارتمت
تجني عليك فيالق وجنود
والشعب إن عرف الحياة فما له
عن درك أسباب الحياة محيد
- حلم على جنبات الشام أم عيد
لا الهم هم ولاالتسهيد تسهيد
- يايوم أيار والنيران ملهبة
على دمشق تلظيها جلاميد
- ذكرى سجونك ماتنفك ماثلة
لم يمح من هولها عيد وتعييد
- هذي ضحاياك في الأيام آبدة
وللضحايا على الأيام تأبيد
- الطفل في المهد لم تهدأ مضاجعه
مروّع من لهيب النار مكمود
- تلفه أمه مابين أضلعها
وموقد النار مطراب وغريد
- فقل لصحبك والأمواج تحملهم
هل الحضارة تذليل وتبعيد
0 تعليقات:
إرسال تعليق