Ads

على طريق الحل


بقلم المستشار/ طه حسين أبو ماجد
قد أبدو للبعض متفائلاً بأكثر من اللازم وبأكثر مما تستلزم الأمور، ولكن التفاؤل فضيلة لا يجب أن 
نخاف منها أو نخفيها لأنها تعبر بيننا دون الحاجة لوسيلة لإيصالها. نعم نحن على طريق الحل، وللتدقيق الأمة المصرية تمضي بخطى ثابتة على طريق الحل، هي على مشارف أبواب الحل، حل لذلك الصراع الذميم الذي مضى عليه أكثر من قرنين بين تيارين أساسيين تنازعا الساحة المصرية ولم يبحثا عن مساحة للعيش المشترك أو لتكامل، ولكن فرغا نفسهما والبلاد للخلاف الذي ما يلبث يهدأ حتى يثور كعواصف أمشير حاملا معه الأتربة التي تفقدك القدرة على الرؤية. 
والجديد، والذي يعتبر سببا رئيسيا في الحل، أن ثورة 25 يناير كشفت استحالة قضاء أي من الفريقين على الآخر؛ فإذا بهم أمام حقيقة واحدة لا تقبل التأويل أو الالتفاف من حولها، ألا وهي العيش المشترك، عليهم أن يديروا خلافاتهم بعيدا عن الصراعات الضيقة، وأن يفتحوا الأبواب لحلول جذرية وحاسمة لخلفاتهم تساعد الأمة على النهوض من كبوتها للحاق بركب الحضارة، وعلى عقلائهم واجب إتمام المصالحة أو الدعوة إليها والبدء في استحقاقتها حتى يتفرغ الوطن لمشاغله ويتفرغ المواطنون لهمومهم
وكان الفضل الأكبر لهذا الفهم ولهذه النتيجة أن ثورة 25 يناير جاءت بلا أية منة من أحد أو فضل من فصيل، بل بلا قيادة واضحة مسيسة منضمة إلى فريق أو محسوبة على فريق آخر، جاءت إلى عموم الشعب ومن طبقته المتوسطة والمتوسطة العليا التي ضاقت ذرعا بالأوضاع، حيث وقف بينها وبين مستقبلها النظام السابق، والذي وقف دائما عائقا في طريق التقدم والتطور فبادروا إلى إسقاطه
وكانت المفاجأة أن أي من الفريقين المتصارعين لم يكونا على مستوى الحدث ولا على مستوى المسئولية، فبادروا إلى إضاعة حلم سنين طويلة وآمال أجيال ناضلت من أجل دولة عصرية متصالحة مع هويتها متسامحة مع أبنائها، دولة تقوم على العدل والمساواة والحرية، دولة تعلي المبادئ والأخلاق ولا تعلي المصالح الضيقة، دولة تعي أسباب وجودها، وتعي دورها ووظيفتها، وتعي تحديات العصر، وعلى استعداد تام أن تلعب دورا مميزا فيه دولة تحترم مواطنيها وترعى شئونهم ولا تعتبرهم عبء عليها
وعلى هذه التيارات أن توفر على الأمة الوقت والجهد الذان سيبذلان في هضمهما، ويكفي ما أضاعوه عليها من سنين طويلة في إشكاليات تافهة وفي صراعات ضيقة لبها السلطة وظاهرها المبادئ واختلاف الرؤى
أتمنى أن تصل الرسالة إلى الجميع، وأن يعوا مخاطر الانقسام وعواقبه، ويعوا حجم الفاتورة الضخمة التي سيدفعها الوطن إذا ما استمر الجميع في غيهم. وختاماً، الحل قادم لا محالة لأن المستقبل لا يملك أحد مصادرته أو تسييره كما يشاء إلا الله سبحانه وتعالى، وعلى من بيدهم زمام الأمور أن يتواضعوا، فمن تواضع لله رفعه، وأذكرهم بما كانوا ينادون به من المبادئ والقيم التي تثبت الأيام شئ واحد أنهم لم يكونوا على قدر المطالبة بها، وغير قادرين على استحقاقتها، وأثبتت الأيام حتى الآن أنهم لم يكونوا على قدر المسئولية التي حملوها، وأنهم غير ذي كفاءة لحملها، وعليهم أن يفسحوا الطريق للأمة للانطلاق بيدهم أو بيد غيرهم، وأن يفسحوا المجال للمخلصين من أبناء الوطن من غيرهم، وأن يستعينوا بكل طيب صالح في هذه البلاد، وأن يعوا أن التركة ثقيلة، وأن المغانم زائلة، وأن الأمة التي أزاحت طاغية بعد مرور 30 عاما لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تحدٍ كبر أم صغر

0 تعليقات:

إرسال تعليق