الذكري الثانية للثورة دوشة وعنف ووجع دماغ

تقرير / عبدالحميد شومان

عشرات الآلاف من المصريين  أحتشدوا أمس لإحياء الذكري الثانية لثورة 25 يناير في عدة ميادين في المحافظات المصرية على رأسها ميدان التحرير بالقاهرة والقائد إبراهيم بالإسكندرية والأربعين بالسويس مرددين شعارات الثورة نفسها المطالبة بـ «إسقاط النظام»؛ غير أن تظاهرات أمس شهدت دوشة وهنف ووجع دماغ  وعراك في أماكن متفرقة بين قوات الأمن وعدد من المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام عدد من المنشآت الحكومية وحرقها مما أدى إلى وقوع أكثر من 110 مصابين.

وشهدت محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس والغربية والمنوفية وبورسعيد والشرقية أكثر التظاهرات حشدا، وهي محافظات تتمتع فيها التيارات المدنية بتواجد كبير، فيما حظيت محافظات الإسكندرية والقاهرة والسويس بالنصيب الأكبر من العنف. 

هدم الجدار

ففي القاهرة استمرت الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين منذ مساء الخميس وعلى مدار يوم أمس الجمعة نتيجة محاولة المتظاهرين هدم الجدران العازلة التي أقامتها قوات الأمن منذ فترة طويلة لحماية مقرات وزارة الداخلية ومجلس الوزراء ومقر البرلمان، حيث وقع عشرات المصابين من الجانبين نتيجة استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع من جهة واستخدام المتظاهرين لزجاجات المولوتوف والخرطوش والحجارة.

وأطلقت الشرطة غازات مسيلة للدموع لتفريق متظاهرين حاولوا ازالة حاجز من الاسلاك الشائكة امام قصر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة بشرق القاهرة.

واتخذت قوات الشرطة اجراءات امنية مشددة حول قصر الرئاسة، حيث اقامت حواجز عدة تحسبا للتظاهرات.

وقامت أجهزة الأمن بفرض طوق امني حول جميع المنشآت المهمة ووضعت أسلاكا شائكة خاصة حول مبنى ماسبيرو «الإذاعة والتلفزيون» وقصر الاتحادية، فيما قام المتظاهرون بقطع الطرق الرئيسية في عدد من الشوارع الرئيسية بالمحافظات خاصة طريق الكورنيش أمام ماسبيرو، فيما حدث حريق محدود بمبنى تابع للسكة الحديد وآخر بجوار السفارة الأميركية. 

اعتصام في التحرير

وكان قيادات جبهة الإنقاذ وعلى رأسهم محمد البرادعي وحمدين صباحي والسيد البدوي وعدد من الشخصيات العامة من بينهم عمرو حمزاوي وخالد يوسف وخالد جمال عبد الناصر قد قادوا المسيرات من عدد من مساجد القاهرة الكبرى الى ميدان التحرير.

وأعلنت مختلف القوى السياسية اعتصامها في الميدان حتى تنفيذ مطالبها التي تباينت ما بين تغيير الحكومة وتعديل الدستور الى «إسقاط النظام» و«تنحي الرئيس محمد مرسي».

وردَّد عشرات الآلاف من المتظاهرين هتافات الشعب يريد إسقاط النظام، وبيع بيع الثورة يا بديع، ويسقط يسقط حُكم المرشد في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، واصحى يا مرسي صحّ النوم النهاردة آخر يوم، وحملوا علم مصر ورسوماً تسخر من قيادات الجماعة. 

حرب شوارع

أما في الإسكندرية فقد تحولت شوارع المدينة الساحلية الى «حرب شوارع» وكر وفر بين الشرطة والمتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مجلس مدينة كوم الدكة وقسم شرطة المنشية ومجمع محاكم ومبنى المحافظة، حيث ألقت الشرطة كميات كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع قابلها المتظاهرون بقنابل المولوتوف والحجارة مما أوقع عشرات الجرحى من الطرفين.

وقام المتظاهرون بإيقاف حركة ترام وقطعوا طريق الكورنيش أمام حركة السيارات، فيما أعلنت عدة قوى سياسية اعتصامها في محيط مسجد القائد إبراهيم، وتحدث متظاهرون عن استعانة الداخلية بعدد كبير من البلطجية للاعتداء عليهم بالأسلحة البيضاء.

وفي السويس والتي انطلقت منها شرارة الثورة في 2011، حدثت اشتباكات واسعة بين قوات الأمن والمتظاهرين أمام مقر المحافظة أثناء محاولة اقتحام المقر، فيما شهدت محافظات بورسعيد ودمياط وكفر الشيخ وقنا تظاهرات طالبت جميعها بـ «إسقاط حكم المرشد». 

حرق مقر للاخوان

وتعرض مقر حزب الاخوان (الحرية والعدالة) في مدينة الإسماعيلية للاعتداء من جانب عدد من المتظاهرين وتم إلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة على المقر.

وتمكنت قوات الأمن من السيطرة على الحريق قبيل انتشاره بباقي أنحاء المبنى الذي يحتل المقر وحدة سكنية منه. وقد اتهم الحزب بلطجية بالوقوف وراء الهجوم على مقره. 

توقف حركة القطارات

وقد توقفت حركة القطارات في معظم انحاء مصر بعد قطع خطوط السكك الحديدية في عدد من المحافظات.

ففي الاسماعيلية، قامت مجموعة من الشباب بقطع خطوط السكك الحديدية ومنع حركة القطارات من وإلى محطة المدينة.

وفي المنوفية، اقتحم المئات محطة السكة الحديد بشبين الكوم وقطعوا خط السكة الحديد طنطا - القاهرة وأشعلوا النيران في إطارات السيارات على القضبان، مما أدى إلى توقف حركة القطارات. 

غياب الإسلاميين

في المقابل، غاب أنصار التيار الإسلامي من مشهد التظاهرات، حيث قامت جماعة الإخوان بتشكيل لجان شعبية لحماية مقر المركز العام للجماعة بالمقطم، وتواجد عشرات من شباب الجماعة أمام المقر.

من جانبه، قال رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني «انه ليس من حق أحد أن يمارس العنف أو يخرب منشآت الدولة وممتلكات المصريين تحت أي مبرر»، مشددا على أن المصريين قاموا بثورة 25 يناير ليؤسسوا دولة الحريات والقانون. 

خطباء المساجد: مصر ليست ملكاً للإخوان أو الليبراليين

بدا لافتا دعوة خطباء المساجد الرئيسية في القاهرة جموع المصلين إلى التهدئة وعدم اللجوء للعنف، مؤكدين ان مصر ليست ملكا لاي فصيل سياسي سواء كان الإخوان او الليبراليين، بل ملك لجميع المصريين، عليهم جميعا المحافظة عليها.

وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي في خطبة الجمعة من على منبر الأزهر ان الله هيأ لنا هذه الثورة وهي ثورة المصريين وليست ملكا للإخوان أو 6 إبريل، وان هذه الثورة كانت «نعم» من أفضل نعم الله، مؤكدا أن الحوار هو الحل الوحيد لحل مشكلات مصر.

فيما طرح الشيخ محمد حسان في خطبته بمسجد عمرو بن العاص مبادرة «المصالحة العامة»، مؤكدا ان المصري يحتاج إلى المصالحة في هذا الوقت، مشيرا الى ان مصر ليس أمامها إلا المصالحة أو التدمير والخراب.

فيما دعا خطيب مسجد الفتح بميدان رمسيس، إلى العمل من أجل تحقيق البناء والتقدم، مطالبا الجميع بالكف عن إطلاق الشعارات، واستشهد الخطيب بالنبي صلى الله عليه وسلم، قائلا: النبى علّم الأمة كيف تثور على الفساد، لذا يجب علينا أن نثور على الظلم ونهزمه، ثم نبني في الحق ونعمل من أجل التقدم والرخاء.

في المقابل، شن خطيب ميدان التحرير هجوما حادا على الاخوان، وقال الشيخ محمد عبد الله نصر إن جماعة الإخوان هم الطرف الثالث بجميع الأحداث التي شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير، وهم المسؤولون عن قتل العشرات من الأبرياء في موقعة قصر الاتحادية وأن جماعة الإخوان تستخدم الدين لخدمة أغراضها السياسية ومصالح أعضائها، فقد كانوا يحرمون الربا قبل سقوط النظام، والآن كل تعاملاتهم مع البنوك الدولية بالربا. 

«بلاك بلوك».. مجموعات ملثمة تلفت الانتباه وتتبنى العنف

ظهرت مجموعات من الشباب الملثمين يرتدون «أقنعة سوداء» فى أماكن مختلفة أمس في القاهرة والمحافظات أثناء التظاهرات يطلقون على أنفسهم «بلاك بلوك»، وقطعوا شارع قصر العيني في القاهرة، ورفعوا لافتات تطالب بالقصاص لشهداء «التراس الاهلي»، وظهرت مجموعة أخرى في الإسكندرية وقاموا بقطع طريق ترام المدينة لساعة تقريبا، وقالوا ان تلك الإجراءات احتجاجية.

وعرف الشباب الملثمون أنفسهم بأنهم من مجموعة «بلاك بلوك»، مشيرين إلى أن هذا الإجراء ليس الوحيد، وأن هناك عددا من الإجراءات التصعيدية التي بصدد استخدامها لإسقاط حكم الاخوان.

وارتدى المشاركون في قطع طريق الترام بالإسكندرية أقنعة سوداء، وكان عددهم لا يتجاوز عشرة أفراد استخدموا الحواجز المرورية لقطع الطريق، حيث وقفوا متشابكي الأيدي بعرض الطريق ليمنعوا السيارات من السير تماما، وذلك بمنطقة القائد إبراهيم على بعد خطوات من المسجد الذي يحمل الاسم نفسه.

وتداول عدد من النشطاء على الفيسبوك، الظهور المفاجئ والعلني لهذه الجماعة وقالوا انها جماعات تخريبية نشطت في الآونة الأخيرة، وسبق وان أكدت مسؤوليتها عن حرق مقار الإخوان.

وأظهرت الصفحة الرئيسية لمجموعة «بلاك بلوك ايجيبت» مجموعة منهم وهم يعدون زجاجات المولوتوف واستخدامها ضد قوات الأمن وحرق المنشآت، فيما لم تصدر وزارة الداخلية أي تعليق. 

لقطات

● علّقت على المنازل القريبة من القصر الرئاسي لافتات تطالب بإسقاط النظام، وأخرى تطالب بحق الشهداء والقصاص لهم، وأخرى تندد بالبراءة التي حصل عليها معظم المتهمين في قضايا قتل الثوار.

● حرص عدد كبير من سكان المناطق المحيطة بقصر الاتحادية على عدم وجود سياراتهم أسفل المنازل خوفاً من حدوث اشتباكات في الشوارع المحيطة للقصر وتكسيرها، فيما أغلقت جميع المحال أبوابها وتحولت إلى منطقة مهجورة.

● نشرت الداخلية 12 سيارة أمن مركزي أمام مقر حزب الحرية والعدالة، المجاور لوزارة الداخلية، الجمعة، بواقع 300 مجند وأكثر من 20 ضابطاً، وذلك لتأمين مقر الحزب، يأتي ذلك في الوقت الذي أغلق فيه مسؤولو الحزب الأبواب.

● نشرت الأجهزة الأمنية أكثر من 50 سيارة أمن مركزي، و12 عربة مدرعة بمحيط وزارة الداخلية ومجلسي النواب والشورى، بالإضافة إلى نصب العديد من الأسلاك الشائكة بتقاطعات بعض الشوارع المحيطة بتلك المنشآت لإغلاقها فوراً في حالة حدوث أي محاولات للتعدي عليها.

● للمرة الثالثة خلال يومين تعرض، أمس، مقر موقع إخوان أون لاين في وسط القاهرة لمحاولة الحرق من قبل مجهولين الذين ألقوا عليه قنابل مولوتوف وحجارة، ولكن عدداً من الأهالي تصدوا لهم.

● شهدت بعض المسيرات مشادات بين المتظاهرين والأهالي الذين طالبوهم بالتركيز على العمل ونهضة البلد، بدلاً من الاستمرار في التظاهر.

● انتشر عدد كبير من الشباب المقنّعين برداء أسود مميز مكتوب عليها «حرس الميدان»، للمرة الأولى فى المليونيات يتم التفتيش ذاتيا لكل من يريد دخول الميدان، كما تواجد معهم عدد من الفتيات لتفتيش النساء والبنات، كما تم غلق كل مداخل الميدان بأسلاك شائكة، وفتح أربع بوابات فقط للدخول.

● أصرّ «حرس الميدان» على تواجد الباعة الجائلين على أطراف الميدان وعدم تواجد أحد منهم في «صحن الميدان».

● تم إغلاق بوابات مترو الأنفاق في محطة السادات (التحرير)، خوفا من نزول أفراد «الألتراس» أو «البلاك بلوك».

● قالت تقارير صحفية إن القوات الخاصة سيطرت على مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، من أجل تأمينه وإحكام السيطرة عليه، ومواجهة أي أعمال عنف أو تخريب قد يتعرض لها المبنى.

● قامت مجموعة بلاك بلوك بقطع الطريق على كوبري 6 أكتوبر من مطلع الكوبري باتجاه الزمالك، وأشعلوا إطارات السيارات، مرددين هتافات «ارحل ارحل»، «يا مبارك قول لمرسي الزنزانة بعد الكرسي» وقاموا بافتراش الأرض لمنع السيارات من المرور.

-->