كتب/ عبدالحميد شومان
في مجتمعاتنا التي ما زالت تلهج بالجهل والفساد، يُنظر الى العلماني على انه كافر او ملحد. ولا يعلم هؤلاء ان العلماني يمكن ان يدين بالاسلام ويدين بالمسيحية ويدين باليهودية ويدين بالبوذية، وكلٌّ حسب قناعته والدين الذي يهديه إليه عقله.. والفارق ما بين العلماني وغيره، ان العلماني واضح صريح قاطع يفصل ما بين الدين والدنيا، فهو يعلم ان «الدين لله.. والأرض للجميع»، فيرفع من قيمة الدين ولا يزج به في مفاسد الدنيا ونفاقها وريائها..
فقد شاهدنا في الحرب التي دارت رحاها ما بين العراق وايران ان كليهما يرفعان راية «لا إله الا الله»، ويتقاتلان، وما كان هذا إلا لتعبئة الشعوب وحشد الحشود، وهذا لا يليق بالدين أبدا، فكيف يستغل الدين العظيم في تعبئة نفوس البشر وحث بعضهم على قتل بعض! وهذا الأمر ذاته نراه الآن في مصر المحروسة.. إذ يستغل «الاخوان» الدين وعاطفة الشعوب في التعبئة العامة، وقد نجح هذا الامر فى الانتخابات التشريعية وفي انتخابات الرئاسة، وها هم يعيدون الكرة في الاستفتاء على الدستور..
أمر غير مفهوم ان تقول إن هذه الدولة مدنية ذات مرجعية دينية.. بمعنى عند حدوث معضلة نرجع الى الدين.. إذاً، هي دولة دينية. الدولة إما مدنية فتعزل الدين كليا عن الدولة.. واما دينية فتُقام على بناء ديني وهيكلة دينية محكمة.. ما ينقص تلك الشعوب هو الجرأة في تحديد مفهوم دولتهم.. فيتحايلون عليها بانتقاء كلمات تريح الجميع.
كل إنسان في هذا العالم المعقّد يعيش حياته تابعا لغيره، فانت مسلم، لأن أباك وأمك مسلمان، وهو مسيحي لأن أبويه كذلك، فقلة هم من اعتنقوا الدين لقناعتهم، وأملى ان يعتنق كل انسان الدين الذي يجد فيه ضالته.. يعتنقه عن قناعة ورضا.. الاديان جميعها تدعو الى التسامح والى المحبة.. فديننا الاسلامي يقول «ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن». نعم، انا علماني، ولكني أعشق الإسلام.
0 تعليقات:
إرسال تعليق