
بقلم / سهام عزالدين جبريل
تواجهه المنطقة العربية العديد من المشاكل والعقبات الداخلية مما يشكل هذا عبء كبير على المجتمعات العربية وتحد من انطلاقتها نحو التنمية ، وتخلق صراع داخلى يهدد الامن الاجتماعى والاستقرار لدولها حيث تمثل التهديدات والتحديات الداخلية من إختلاف فى التوجهات الأمنية للدول العربية وعدم وجود رؤية مشتركة لهذه الدول ، مقابل ماتواجهه من رياح الغزو الفكري الأجنبي ، فى ظل وجود صراع الايدلوجيات والاثنيات وعدم اندماج الأقليات الدينية والقومية والعرقية مما يهدد تفتيتت هذه المجتمعات ، الى جانب القصور فى تلبية الاحتياجات الاقتصادية للمجتمع والإعتماد الإقتصادي على الخارج ، مع الضعف الشديد فى مجال التصنيع والصناعات المحلية ،ومايصحبها من ضعف فى الإنتاجيـــــــة ، ايضا الخلل فى الاتزان العسكري فى المنطقة، مع وجود الفجوة التكنولوجية والبحث العلمي ، ووجود افة التخلف الاجتماعى وامراضها من ارتفاع نسبة الأمية وضعف التعليم ، الى جانب ثورات الربيع العربى التى شهدتها المنطقة مع مطلع عام 2011 ، حيث اصابت معظم دول المنطقة وكلها تهديدات تواجة المجتمعات العربية مما يخلق تحديات تتطلب المواجة لدى متخذى القرار والقائمين على ادارة شئون هذه الدول من قادة وساسة ومفكرين ...الخ حيث نعرض لهذة التهديدات وتحدياتها بشئ من التفصيل .
1-إختلاف التوجهات الأمنية للدول العربية:
يعد إختلاف التوجهات الأمنية لدول المنطقة العربية تهديداً يهدد كل مكونات أمنها الوطني بإعتباره عاملاً حيوياً نحو عدم توحيد جهودها تجاه القضايا المشتركة ، على أنه يجب الوضع في الإعتبار وقوع الكثير من الباحثين والدارسين لدراسات الأمن القومي في خطأ إقتصار الترتيبات الأمنية للمنطقة العربية على الترتيبات العسكرية فقط ، حيث يجب عدم إقتصارها على الترتيبات العسكرية بل يجب أن تتجاوزها لتشمل التعاون الإقتصادي والإجتماعي والإعلامي والثقافي بإعتبار أن الدول العربية ومعها إيران وتركيا تقع في منطقة جغرافية واحدة وتدين كلها بالدين الإسلامي وتتشارك جميعها في مواجهة تهديداتها.
ويؤثر إختلاف التوجهات الأمنية بدرجة شديدة علي كل مكونات الأمن القومي للدول العربية ودول جوارها الجغرافي فيما عدا إسرائيل فتؤثر عليها بدرجة هامشية , وتركيا بدرجة متوسطة خاصة في ظل التواجد الأمريكي في العراق .
2-الغزو الفكري الأجنبي:
يعد الغزو الفكري الأجنبي وكنتيجة لثورة الإتصالات والمعلومات المتزامنة مع الثورة التكنولوجية تهديداً وتحدياً للثقافة الإسلامية من جهة والثقافة العربية من جهة ثانية ، بإعتباره موجهاً إلى الإنسان المسلم والعربي يهدد قِيَمَهُ المتوارثة ويعاون في إبتعاده عن معتقداته الإسلامية وتراثه الحضاري في تغيير توجهات الشعوب ومذاهبها السياسية.
3-عدم اندماج الأقليات الدينية والقومية والعرقية:
يؤثر عدم إندماج الأقليات الدينية أوالقومية أوالعرقية والاثنيات تأثيراً شديداً على المكون الإجتماعي للعراق وسوريا والسودان ، وبدرجة متوسطة على الجزائر، الى جانب مصر ودخولها فى هذة الدائرة ، فيما يعد تأثيره هامشياً على باقي الدول حيث سيطرتها على الأقليات من الناحية الدينية أما باقي الأقليات فتعد ضمن العمالة الوافدة التي يمكن للدول بتشريعاتها المتعددة السيطرة على أي مظاهر لتهديداتها , حيث قطعت هذه الدول شوطاً كبيراً في محاولاتها لإدماج الأقليات الدينية وتتمثل جميعها في التقريب بين المذاهب السنية والشيعية ولقد إستطاعت الدول السيطرة عليها كل بوسيلته .
4-الإعتماد الإقتصادي على الخارج:
يعد الإعتماد الإقتصادي على الخارج للدول العربية تحدياً خارجياً للقوة الإقتصادية والسياسية بإعتباره يؤثر على عدم إمكانية قيام إقتصاد قومي يعتمد على الذات ، وبالتالي يؤثر على القرارات السياسية للدول حيث يقلل من قدرة الدول على إتخاذ قراراتها وينعدم لها هامش المناورة السياسية ، ويبلغ تأثير الإعتماد الإقتصادي على الخارج الدرجة الشديدة على كل الدول العربية .
5- ضعف الصناعات:
تشير البيانات المتعددة إلى ارتفاع استيراد الآلات ومعدات النقل للدول العربية وبما يعد تهديداً للاستقلال الاقتصادي لتلك الدول واستمراراً لتبعيتها الاقتصادية للخارج ، وبالتالي تعجز دول المنطقة عن قيام أي صناعات حربية او استراتيجية او تكنلوجية عدا بعض الصناعات الحربية المحدودة في مصر والسعودية سواء بالتصنيع أو بالتجميع أو صناعات خفيفة حربية وساعد على ذلك وجود الأساس الذي ترتكز عليه هذه الصناعات من علماء ومهندسين وفنيين الأمر الذي تجد فيه باقي الدول العربية صعوبة فيه بالمقارنة مع جيرانها خاصة إسرائيل والتي قطعت شوطآ كبيرآ في هذة الصناعات، كذا تركيا ويؤثر ضعف الصناعات المتقدمة تأثيراً شديداً على الدول العربية ويساعد عليه عدم وجود إستراتيجية صناعية موحدة للدول العربية وقلة التمويل والبحوث والدراسات , إضافة إلى القيود التي تفرضها الدول مالكة التكنولوجيا على تصديرها إلى الدول النامية ومنها الدول العربية .
6- ضعف الإنتاجيـــــــة:
تعانى معظم الدول العربية من ضعف إنتاجية العمل ، وتعزى أهم الأسباب وراء ضعف نمو الإنتاجية إلى الاعتماد الكبير على القطاع العام فى التوظيف والإنتاج فى العديد من الدول العربية. فقد شكل هذا القطاع النمط السائد فى الاقتصادات العربية ، واتصف "بكثافة العمالة وانخفاض الإنتاجية"، وهو مايختلف عن الأنماط السائدة فى أقاليم أخرى .
كما أن من الأسباب الهامة وراء ضعف الإنتاجية ركود الديناميكية الاقتصادية للقطاع الخاص ومحدودية دوره فى الاقتصاد وعجزه عن سد الثغرة التى خلفها انحسار دور القطاع العام ، رغم الفرص التى أتيحت له من خلال نظم الحماية التجارية ، ومنح الائتمان ،
وتطبيق سياسات التخصيص .
أما ضعف إنتاجية القطاع الخاص فيرتبط بمجموعة من المعوقات منها عدم مواكبة المؤسسات الخاصة للتطورات التقنية الحديثة فى فنون الإنتاج والإدارة، ونقص تأهيل وتدريب العاملين ، إضافة إلى اختلالات الاقتصاد الكلى وبيئة الأعمال غير الجاذبة التى تلعب دوراً كبيراً فى ضعف الإنتاجية , وتؤثر ضعف الإنتاجيـة تأثيراً شديداً على معظم الدول العربية .
7-خلل الاتزان العسكري
بمقارنة التسليح العربي مع إسرائيل والتي تمتلك الرادع النووي ، إضافة إلي أحدث مافي الترسانة العسكرية للدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وتعاونهما معآ في برنامج الدرع الصاروخي وتطوير الصواريخ المضادة للصواريخ وعزوف الدول الغربية علي نقل التكنولوجيات الحديثة إلي الدول العربية ، بجانب افتنائها الى السلاح التقليدى الذى يفوق مجموع ماتمتلكة الدول العربية بأكملها ، كذا تعاظم القدرة الإيرانية كدولة جوار جغرافى وسعيها لإمتلاك السلاح النووي ، الى جانب الدعم الاوربى للقوة العسكرية التركية باعتبارها عضوا فى حلف الناتو وحليف استراتيجى للولايات المتحدة فى المنطقة ، مما شكل ذلك خللآ في الإتزان العسكري مع الدول العربية خاصة في ظل عدم إمتلاك الدول العربية الرادع النووي والتي تحجبة عنها الولايات المتحدة الأمريكية .
8-الفجوة التكنولوجية والبحث العلمي:
على الرغم من المحاولات المتعددة لتخطي الفجوة التكنولوجية للدول العربية إلا أن بعض دولها لم تنجح إلاّ في مجالات محدودة ، حيث إقتصرت على مجرد نقل بعض التكنولوجيا دون إستيعابها وتوطينها. ، وتؤثر الفجوة التكنولوجية والبحث العلمي تأثيراً شديداً على القدرة التكنولوجية للدول العربية .
9-الأمية وضعف التعليم:
تؤثر الأمية وضعف التعليم على المكون الإجتماعي للدول العربية وبدرجات متفاوتة على المكون التكنولوجي للأمن القومي للدول جميعها . وتؤثر تأثير متوسط الشدة علي تركيا وإيران , وهامشي علي إسرائيل .
10- ثورات الربيع العربى :
لاشك ان تسونامى الربيع العربى الذى شهدته المنطقة مع مطلع عام 2011 من ماطلق عليه (ثورات الربيع العربى) حيث اجتاحت المنطقة موجة هائلة من التغيرات الناتجة عن الثورات الشعبية تحت الشعارات المطالبة بالتغيير، وتحقيق امال الشعوب فى العيش بكرامة انسانية وممارسة حقها بحرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية ، والتى استطاعت حتى الآن فى الإطاحة بالأنظمة القائمة فى تونس ومصر وليبيا واليمن ومازالت تتفاعل فى سوريا ، حيث ان هذه الموجة لم تستثن أيضا بلدان مجلس التعاون الخليجى، حيث ظهرت بشكل محدود وخجول فى المملكة السعودية، بعد أن كانت قد امتدت إلى البحرين وما تبع ذلك من تدخل اقليمى قادته المملكة السعودية عبر قوات درع الجزيرة ، فى الوقت الذى لم تكن فيه إيران بعيدة عن محاولة استغلال هذه الأحداث ومحاولة الدفع بها الى مسارات معينة فى إطار مشروعها الطامح إلى الهيمنة الإقليمية ، وايضا تركيا التى استغلت هذه الثورات وتوابعها السياسية للتدخل المباشر فى الشئون الداخلية لهذه الدول ولمحاولة عودتها للشرق العربى طمعا لريادة اقليمية تحت مسميات وشعارات دينية ، بهدف كسب التأييد العربى .
ومن الجلى أن هذه الموجة من الاحتجاجات والثورات الشعبية والتى خلقت مناخ من عدم الاستقرار بالمنطقة ومازالت توابعها قائمة حتى الان ، ولكنها من المؤكد تمثل تهديدا وتحديا للنظم الحاكمة ودورها فى خلق مناخ الاستقرار داخل دولها وتحقيق مطالب جموع الجماهير ولاشك أن هذه الثورات برغم ماتقابلها من عقبات الا انها سوف تحدث تغيرات عميقة فى هياكل وبنى وتوزانات وعلاقات القوة القائمة فى المنطقة ، تمهيدا لإعادة صياغة توازن جديد لم يستقر بعد، إذ أنه مازال فى طور التفاعل ، وسوف يعتمد فى صياغته النهائية على ما تتمخض عنه هذه الموجة الجديدة التى لم تستقر بعد ، من نتائج ، من الأفعال وردود الأفعال الاقليمية والدولية وطبيعة الاستجابات التى سوف تبديها النظم الحاكمة فى مواجهة هذا "التسونامى" الشعبى المطالب بالإصلاح والتغيير والحرية والذى يعتبر اكبر تحدى يواجه دول المنطقة .
-----------تحياتى – إعلامية / سهام عزالدين جبريل
0 تعليقات:
إرسال تعليق