Ads

لن نهزم اليوم من قلة


خلف عبد الرؤف علام

بقدر فرحتى وابتهاجى الشديد بالحشد غير المسبوق الذى ملأ الساحات والشوارع بمدينة نصر تحت عنوان لا للعنف ، بقدر ما كانت صدمتى الشديدة بسبب بعض ما قيل على المنصة ، لقد كانت الصورة كافية لتوصيل الرسالة التى مؤداها أننا لسنا لقمة سائغة وأن الدكتور مرسى خلفه حشود وجماهير عريضة ترفض إسقاطه بالفوضى ولى الذراع . الصورة وحدها كانت كفيلة بتوصيل الرسالة ، أما الكلمات فكان ينبغى أن تتخذ مسارا مختلفا تماما وأن تؤدى رسالة واضحة جلية لجميع أبناء الوطن بمن فيهم المعارضة أننا دعاة سلام ووفاق ، كان ينبغى ان تكون كلماتنا مؤداها " تعالوا إلى كلمة سواء " كنت أتمنى أن يتواضع المتحدثون ويخفضوا الجناح للجميع لا أن يطاولوا عنان السماء بلهجة الغرور والاستعلاء . مثل هذه الظروف الدقيقة والحساسة فى حياة الأمم والشعوب لا يجوز فيها ترك كل من هب ودب ليعبر عن رأيه ، كان ينبغى لمنظمى المليونية أن يضعوا للكلمات أهدافا وصياغات دقيقة ،وعلى المتحدثين أن يلتزموا بها وان يتم مسبقا تحديد أسماء المتحدثين، والنقاط التى سيتحدث فيها كل منهم ووضع خطوط حمراء للمتحدث لا يتجاوزها ،واعطاء صلاحية لإدارة المنصة فى مقاطعة المتحدث أو حتى سحب الكلمة منه والرد عليه إذا تجاوز المتفق عليه ، كنت أتمنى أن يتم هذا فى الاجتماع المشترك بين مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة الإسلامية والذى سبق المليونية بيومين .
لكن للأسف ترك المجال للمغامرين والحنجوريين ليوصلوا رسائلهم المهلكة للوطن وللرئيس نفسه الذى خرجوا لنصرته ، لقد تحدث البعض وكأنه يحشد عزائم المقاتلين وقد تراءى الجمعان واصطف الجيشان ، كلام مشايخ وطلاب علوم شرعية كانوا يعكفون طوال الشهور الماضية على قراءة سيرة ابن هشام وليس على قراءة المشهد السياسى الراهن والبحث عن مخرج حقيقى للأزمة التى توشك ان تعصف بكل شئ ، وياليتهم قرأوا السيرة قراءة صحيحة ، حتى هذه فشلوا فيها ، رددوا بلسان الحال والمقال قول القائل : لن نهزم اليوم من قلة ؟ والذى كان سببا فى هزيمة المسلمين فى حنين وفاتهم قول الله تعالى : "ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين " . تكلم البعض بلسان سعد ابن عبادة يوم الفتح عندما قال : اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشا ، ونسوا رد النبى صلى الله عليه وسلم وقد امر بنزع اللواء من سعد وقال الرسالة الواضحة الجلية من رجل السياسة الحكيم ، والتى وصلت إلى قريش فكانت سببا فى حقن الدماء ورفعة الدين وحفظ الأوطان : اليوم يوم المرحمة اليوم تعظم الحرمة اليوم أعز الله قريشا .
بالطبع أنا لا أشبه الداعين والخارجين يوم 30 يونيو بكفار قريش ولكنى أكلم المشايخ والخطباء باللغة التى لا يفهمون غيرها وبالمفردات التى لا يحسنون الا الحديث بها ، فأين أنتم من رسول الله فى هذا الموقف ، عتابى على الدكتور طارق الزمر فى قوله سنسحق المعارضة وان 30 يونيو ستكون الضربة القاضية لهم ، فهو رجل متوازن وحكيم ما كان ينبغى له ان يتحدث بهذا ، اتمنى عليه أن يعتذر عن هذه الكلمة ، أما الشيخ عاصم عبد الماجد فلا ألومه ولا أعاتبه ، ولكننى ألوم من سمح له باعتلاء المنصة وهم يعلمون أنه مسعر حرب ، لا يحسن إلا لغة واحدة ، لا مجال لها فى الخطاب السياسى والتعامل مع ابناء الوطن من المعارضين للرئيس بالحق او بالباطل ، لقد اتخذت الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية منهجا وسطيا توافقيا بدأت معالمه تتبلور فى الكثير من المواقف التى نالت احترام الجميع بعد الثورة ، وينبغى عليها أن تواصل نفس النهج إن كانت تريد فعلا أن تقدم نموذجا إسلاميا حقيقيا وصورة صادقة لما ينبغى أن تكون عليه الجماعة الدعوية ، والحزب صاحب المرجعية الإسلامية . وهو أمر لا مفر فيه من اتخاذ القرارات الصعبة ومن بينها قبول استقالة الشيخ عاصم عبد الماجد ، حتى وان خرجت معه طائفة من أبناء الجماعة المفتونين بخطابه الأهوج ، ولكن للأسف فإن الكثير من الشواهد والمواقف تشير إلى أن الجماعة والحزب ينجرفان إلى الطريق المضاد الذى يمثله خطاب الشيخ عاصم ومن على شاكلته فى صفوف الجماعة ، فى ظل صمت معيب ممن يضيقون ذرعا بأسلوب الشيخ عاصم من حكماء الجماعة وقادتها رعاية لخاطر الشيخ وأشياعه ،أو خوفا على وحدة الصف ، ولأننى لست من قيادات الجماعة التاريخيين وليس لى أشياع ومريدون داخل صفوفها فإن خروجى منها أسهل بكثير من خروج الشيخ عاصم لذلك التمس منه قبول استقالتى .

0 تعليقات:

إرسال تعليق