Ads

حلم مبتور

متسخة ملابسهم ،ملطخة وجوههم بالتراب ، يتقافزون في تحد ومشاغبة للأيام الصفراء المنطبعة علي ملامحهم .
يدفع كل منهم الاخر في براءة مشوهة ،ليحصل علي مكانه المميز فوق المركبة القابعة في سكون في الطريق ....ليتخيل كل منهم انه مالكها او قائدها الذي يمشي متبخترا بين الناس .
تناوشهم اوهام رجولة مغلوطة الفكرة والتوقيت ،يضحكون في نشوة انتصارهم المزيف ضحكة تزجي الوهم بداخلهم لبضع دقائق 
،ثم لا يلبثون ان يستيقظوا علي حلمهم المبتور، عندما ينادي عليهم صاحب العمل ويعطي كل منهم حصته من علب المناديل التي يدسها كل منهم رغما عنها هي الأخرى في ايدي المارين وركاب الحافلات ،لينطفئ شعاع البراءة الاخير في اعينهم ويحل محله هرم الايام ومرارتها في جدية مقززة .
تتناوب نظراتهم الي المارة في غضب تارة وفي حقد تارة اخري ،مناقضة لكل قوانين الطفولة والبراءة .....
يصبو كل منهم لان يكون مالك لمركبة او سيارة فارهة كتلك القابعة في صمت ليقودها ويثير بها غيظ وحقد الاخرين ،مؤكدا لذاته انه لا يقل عن الذين ملكوها يوما ما....ولكن كيف السبيل الي ذلك ؟ فالسبل مختلفة وابواب الجحيم مفتوحة علي مصراعيها وابوابها متعددة .....لا يحجمها تربية قويمة ولا تردعها رحمة ،لان الشارع لا يربي ولا يرحم .
الشارع حلبة صراع تكرس لمبدا البقاء للأقوى وللأدنى اخلاقا وللأكثر شرا ...هذا هو قانون الشارع .
نظرت اليهم وانا افكر ...كيف يمر بهم الناس كل يوم ولا يرون وراء هذه العيون الزجاجية التي فقدت بريقها وصدقها منذ زمن ..(ولا ادري أي زمن ...فهم حديثو العهد بالزمن )قنبلة موقوتة وجحيم مستعر ينذر بالتهامنا في يوم من الايام والفتك بنا ، باحثة عن العدل الذي افتقدته ، مرتدية ثياب القسوة والجحود التي لم تعرف غيرها رداءا يواري سوءتنا .

رانيا ثروت 

0 تعليقات:

إرسال تعليق