Ads

الثقافة السياسية وبناء قيم المجتمع


بقلم / سهام عزالدين جبريل 
مفهوم الثقافة السياسية : يقصد بالثقافة السياسية مجموعة المعارف والاراء والاتجاهات السائدة نحو شئون السياسة والحكم ، الدولة والسلطة ، الولاء والانتماء، الشرعية والمشاركة، وكذلك  تعنى منظومة المعتقدات والرموز والقيم المحددة التى يرى بها مجتمع معين الدور المناسب للحكومة وضوابط هذا الدور والعلاقة المناسبة بين الحاكم والمحكموم . 
ويتضح من ذلك ان الثقافة السياسية ليست نمطاً فردياً اونما هى  نظام من القيم والمعتقدات التى ترتبط بأفراد مجتمع معين  يتعرضون لخبرات  تنشئة مختلفة الى حد ما ولذلم فمن المتوقع ان تنطوى الثقافة السياسة لاى مجتمع على قدرما من عدم التجانس وهو ما يرجع الى  تباين الانتماءات، الاجيال ، اللغةن الدين ، المعتقدات ، الطبقة  ، ولذلك فان الثقافة السياسية  تشتمل على عدد من الثقافات الفرعية وهى : 
أ‌. ثقافة النخبة وثقافة الجماهير 
تعرف كافة المجتمعات تفرقة اساسية بين ثقافة النخبة وثقافة الجماهير ويختلف مدى التجانس بين هاتين الثقافتين من مجتمع لاخر ففى البلدان المتقدمة يوجد تجانس شبه تامن بينما فى البلدان النامية والاقل تقدما نجد فجوه هائلة بين النخبة والجماهير،وكذلك فمن الممكن ان يكون هانك تباين فى الثقافة بين كل طبقة ففى النخبة نفسها يمكن ان يحدث تباين حسب قيم كل نخبة عن الاخرى وايضا يمكن ان يكون هانك تباين فى ثقافة الجمهاير بين شريحة تتصف بالاهتمام السياسى وتلك التى تظهر نوعا من اللامبالاة ازاء العملية السياسية . 
ب‌. بين ثقافة الشباب وثقافة الكبار 
غالبا ما يقترن التغير الاجتماعى بظهور فجوات ثقافية بين الأجيال فالجيل القديم يظل محافظاً على القيم 
القديمة، بينما يجد الجيل الجديد نفسه واقعا تحت تأثير قوى وعوامل اجتماعية جددية فيقاوم القيم التقليدية ويجنح الى تقبل القيم الحديثة وهو ما يؤدى الى نشوء اختلاف ثقافى بين الكبار والشباب . 
ففى بعض المجتمعات نجد ان التباين الثقافى يكاد يكون منعدم بل ومغلف بنوع من العاطفة بينما فى مجتمعات اخرى نجد ان التباين يصل الى درجة الانقطاع التام بين الاجيال وخاصة فى البلدان الى نالت استقلالها حديثا حيث تسعى الى تغيير الثقافة السياسية لتحل محلها ثقافة جديدة. 
جــ. بين ثقافة الريفيين وثقافة الحضريين 
بفضل التحول الضخم الذى شهدة الريف فى المجتمعات المتقدمة باتت الهوه الثقافية بين القرية والمدينة ضيقة الى حد كبير، إلا ان هذه الهوه تتسع فى الدول الاقل نمواً الى حد وجود عالمين منفصلين تمام هما عالم المدينة وعالم القرية، حيث يتصف اهل المدينة بانهم اكثر وعيا واهتماما بقضايا المجتمع واكثر ميلا الى تقبل الافكار الجديدة واقل استسلاما الى الغيبيات، بينما فى الريف فهم اكثر استغراقا فى مجتمعهم المحلى واعتزازا بالقيم واحتماء فى ضباب الغيبيات .
مكونات الثقافة السياسية 
يمكن الحديث عن مجموعة من المكونات للثقافة السياسية سواء تلك التى تتبناها الدولة او الثقافة الرسمية وتلك السائدة بني الأفراد والتى تسمى الثقافة غير الرسمية ومن هذه المكونات : 
1. المرجعية : وتعنى الاطار الفكرى الفلسفى المتكامل أو المرجع الاساسى للعمل السياسى وهو ما يفسر التاريخ ويبرر الاهداف والرؤى والمواقف السياسية والممارسات التى تتم على ارض الواقع وغالبا ما يتحقق الاستقرار باجماع المجتمع على الرضا على مرجعية الدولة، وزيادة الوعى باهميتها بعتبارها تعبر عن اهدافهم وقيمهم ، ومن امثلة تلك المرجعيات الديمقراطية الاشتراكية الرأسمالية العلمانية . 
2. التوجه نحو العمل العام : هناك فرق بين التوجه الفردى الذى يميل الى اعلاء شان الفرد وتغليب مصلحتة الشخصية علىالمصالح العامة، وبين التوجه العام او الجماعى الذى يعنى الايمان بالعمل التعاونى المشترك فى المجالين الاجتماعى والسياسى والتوجه نحو العمل العام والاحساس بالمسئولية الاجتماعية تجاه المجتمع وقضاياه ، فالشعور بالمسئولية يدفع بالمواطن الى الايجابية فى التعامل مع القضايا والوضوعات فى ظل ثقافة مؤداها الاحساسا بالولاء للجماعة. 
3. التوجه نحو النظام السياسي : الاتجاة نحو النظام السياسى والايمان بضرورة الولاء له والتعلق به من ضروريات الاحساس بالمواطنة وما ترتبه من حقوق والتزامات، فكل ثقافة سياسية تحدد النطاق العام المعقول للعمل السياسى والحدود المشروعة بين الحياة العامة والحياة الخاصة وكذلك تحديد الافردا المسموح لهم بالمشاركة فى العملية السياسية . 
4. الاحساس بالهوية: يعتبر البعض ان الاحساس بالانتماء من اهم المعتقدات السياسية وذلك لان شعور الافراد بالولاء للنظام السياسى يساعد على اضفاء الشرعية على النظام كما يساعد على بقاء النظام وتخطية الازمات والمصاعب التى تواجهه، فضلا عن ان الاحساس بالولاء والانتماء للوطن يساعد على بلورة وتنمية الشعور بالواجب الوطنى وتقبل الالتزامات.
  ويحتاج كل نظام سياسى الى وجود ثقافة سياسية تغذية وتدعمة فينما نجد فى الحكم الفردى توائمة ثقافة سياسية تتمحوؤ عناصرها فى الخوف من السلطة والاذعان لها وضعف الميل الى المشاركة السياسية وفتور الايمان بكرامة وذاتية الانسان وعدم اتاحة الفرصة لظهور المعارضة، نجد الحكم الديمقراطى يقتنع بضرورة الانسان والاعلاء من قيمته وكرامته ويعمل على حمايته وحماية حرايته ويسعى لايجاد الثقة المتبادلة بين جميع طوائف المجتمع .
كما تؤثر الثقافة السياسية على علاقة الفرد بالمجتمع فبعض المجتمعات تتميز بقوة الشعور بالولاء الوطنى والمواطنة والمسئولية وهنا يتوع ان يشارك الفرد بقوه فى الحياة الاجتماعية وان يساهم طواعية فى النهوض بالمجتمع الذى ينتمى اليه، وفى دول اخرى يتسم الفرد بالغربة واللامبالاة وعدم الشعور بالمسئولية تجاة اى شخص خارج محيط الاسرة وينظر المواطن الى النظام السياسي باعتبارة نظام ابوى يتعهدة من المهد الى اللحد ويتولى القيام بكل شئ نيابة عنه ويتشكك فى السلطة السياسة ويرى انها تعمل لتحقيق مصالح القائمين عليها فقط . 
عملية التنشئة السياسية
مفهوم ومضمون التنشئة السياسية:-تشهد المجتمعات المعاصرة بدرجات متفاوته ازمة اندماج وطنى فمن الواضح ان اكثر الدول النامية بها العديد من الجماعات المختلفة عرقيا ولغويا ودينيا الامر الذى جعل عملية بناء الامة مطلبا ملحاً وتواجه الدولة المتقدم ذات المشكلة وان كانت بطريقة اقل حدة حيث انها تضم اقليات لم تستوعب فى النسيج الاجتماعى ومن هنا تصبح التنشئة السياسية لازمة لخلق شعور عام قوى بالهوية القومية. 
وتعرف التنشئة السياسية على انها عملية التفاعل الاجتماعى التى يتم من خلالها تكوين الوليد البشرى وتشكيلة وتزويدة بالمعايير الاجتماعية، بحيث يتخذ مكانا معينا فى نظام الادوار الاجتماعية ويكسب شخصيته ، او هى العملية التى يتم من خلالها تكييف الفرد مع بيئته الاجتماعية بحيث يصبح عضوا معتراف به ومتعاوناً مع الاخرين ، وهو مصطلح يستخدم للاشارة الى الطريقة التى يتعلم بها الاطفال قيم واتجاهات مجتمعهم وما ينتظر ان يقوموا به من ادوار فى كبرهمن وهى عملية لا تتوقف عند مستوى معين او سن معين بل هى عملية مستمرة وممتدة ، وتلعب التنشئة السياسية اداوراً رئيسية مثل : 
1. نقل الثقافة السياسية عبر الاجيال 
2. تكوين الثقافة السياسية 
3. تغيير الثقافة السياسية 
هذا وقد تحدث التنشئة السياسية بصورة غير مخططة وذلك نتيجة لتحول البنية الاقتصادية والاجتماعية او تبديل الننظام السياسى او حدوث تعبئة اجتماعية او اعتناق ديانة جديدة او الدخول فى حرب او التعرض لثورة او حدوث تحولات عالمية كبرى او قد تكون عملية التنشئة السياسية منظمة وواعية ترمى الى استبدال نظام ثقافى جديدة بنظام اخر  وهو ما يمكن تنفيذه من خلال ادوات التنشئة السياسية .
----------------------------------------------
تحياتى / سهام عزالدين جبريل

0 تعليقات:

إرسال تعليق