Ads

ثار الشعب وصدق الجيش


دكتور عادل عامر
مازال حلم السيطرة على الشرق الأوسط يسيطر على أمريكا وحلفائها ولتحقيق أهدافها تسعى إلى التحكم فى المنطقة بإثارة الفوضى وتفجير الأزمات، وهى تحاول تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى اتخذ من هجمات 11 سبتمبر 2001 فرصة للدخول إلى حقبة استعمارية جديدة دعمتها حرب دعائية اعتمدت على رواية القصص المغلوطة وترديد المعلومات الكاذبة بهدف هدم الدول أو إضعافها تحت حجة الحرب ضد الطغاة والإرهاب وبناء الديمقراطية ولتحقيق هذه الأهداف اخترعوا الحرب الوقائية لمكافحة الدول المارقة من المغرب إلى باكستان لتشكيل العالم بطريقة تحقق أهدافهم، فعلوا ذلك من خلال إشعال الثورات بدعم من المنظمات غير الحكومية وعملاء الداخل..
 كل هذا بهدف هدم النظم المعادية للاستعمار الجديد واستبدالها بنظم تابعة ومرحبة بهذا الاستعمار ويتم ذلك بتشويه الرموز الوطنية في البلد المستهدف وإضعاف الجيش وإنهاك أجهزة الدولة من خلال الفوضى المنظمة، كل هذا شرحه بوضوح تام الخبير الأمريكي زبيجنيو بريجنكسى في كتابه «رقعة الشطرنج» الذي أوضح فيه أنه إذا لم يحدث تغيير في سياسة الإدارة في واشنطن فإن أمريكا ستنهار، لان الروس يبدون شديدي الانزعاج مما يدعونه الحصار الذي يفرض عليهم عبر أوروبا وهم قادرون على إلحاق الأذى بالسياسة الأمريكية في تلك المناطق لاسيما المناطق الآسيوية شديدة التعقيد سواء تعاونوا مع الصينيين الغاضبين من واشنطن أم لا.. هذا فى الواقع ما يحدث مؤخرا.. فالقيادة الأمريكية بدأت تتراجع بعد أن فشل مشروعها الخاص بإسقاط مصر، بل إن الذي حدث هو سقوط عملاء واشنطن في جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب أن الدب الروسى كشر عن أنيابه فى سوريا، لان انتهاء فكرة الأحادية فى العالم.. خاصة بعد أن أعاد بوتين بناء روسيا من الداخل.. وبدأ فى التطلع إلى قيامها بدورها فى المشاركة فى التأثير على الأحداث الجارية فى العالم وعدم ترك الساحة الدولية لأمريكا تفعل بها ما تشاء.
. فتراجعت أمريكا عن تنفيذ مخططاتها فى سوريا وبدأت فى التوافق مع إيران، بل بدأت تحاول إعادة مصر إلى حالة التوافق التي كانت قائمة أيام مبارك ،حدث ذلك بعد أن تأكدت أن الروس قادمون لا محالة إلى مصر.
 الشعب قام وثار في 30 يونيو لكن الذي صدَق علي كلمة الشعب هي القوات المسلحة المصرية بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي.. لان الغرب لديهم "بعبع" اسمه جمال عبد الناصر ومن قبله محمد علي التي تحالفت الدول الغربية كلها وأخرجته من الشام بعد أن دكَت البحرية البريطانية والبحرية الفرنسية القوات المسلحة المصرية وأخرجتها من الشام لأن محمد علي بعد أن استولي علي الشام كان علي مشارف الأستانة وقال الغرب آنذاك هل نحن سنستبدل الرجل المريض وهو الدولة العثمانية بالشاب الفتي وهو مصر؟ ثم حجموه وقالوا له ليس لك إلا مصر وخرجت القوات المصرية من الشام واليونان ومن الجزيرة، ثم جاء عبد الناصر وكان لديه مشروع بتصرف آخر لكنه يكاد يتماشي مع مشروع محمد علي وأظن أن أمريكا شعرت في فترات معينة أن جماعة الإخوان ستتمكن من عمل ما لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أن تفعله وهو تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ لأن المعروف عن هذه الجماعة أنها مكروهة وبالتالي وجودها في هذه المنطقة سيؤدي إلي حروب أهلية وإلي انهيار دول وهذه فكرة الفوضى الخلاقة مشروع كونداليزا رايس الذي كان قاب قوسين أن يتحقق من خلال هذه الجماعة بعد تخريبها للمنطقة ولننظر حولنا اليوم سنجد سوريا تم تخريبها، واليمن، والسودان، وتونس، وليبيا.
. كان المطلوب من هذه الجماعة هدم الجيش المصري وينتهي دوره بعد ذلك لتظل مصر عبارة عن كتل هامشية.. هذا المشروع دمره الشعب المصري مدعوما بالجيش المصري الذي يمثله المشير السيسي إذن فنظرية أمريكا الا تكافئ من دمر لها مشروعها ويصبح رئيساً لمصر لأنه ربما يكون لديه فيما بعد مشروع طموح للنهوض بمصر.
لان وصول المشير السيسي إلي الرئاسة سيصاحبه بعد ذلك ضغوط وتحديات كبيرة جداً يجب علي الناس أن تكون مستعدة لها.. من يريد المشير السيسي عليه أن ينتبه أن بعد مرور شهرين أو ثلاثة سيخرج ليسأل أين السكر أو الزيت مثلاً ويدعو لمظاهرات لتغيير نظام الحكم أقول لمن يؤيد المشير رئيسا لمصر فليكن رجلا إلي النهاية وليقبل التحدي لأنه دخل تحديا مع قوي كبيرة وهذا التحدي من أجل أن تحافظ علي بلدك وإلا إذا لم نحافظ علي بلدنا فهذا معناه أننا نسلمها للأمريكان وللقوة التخريبية وكأننا نعيد نموذج الدولة الفاشلة الموجود في الصومال وفي سوريا وفي اليمن لأن آخر حصن في المنطقة هو الجيش المصري وهو ليس حصن مصر فقط ولكن حصن الأمة كلها وحصن الإسلام أيضا.. ألم يكن يطلق عليه فيما مضي "الجهادية"؟ دور جيش مصر هو الجهاد وأقولها لمن يطلقون علي أنفسهم الجماعة الجهادية وهي في الأصل جماعة تكفيرية.. المجاهدون هم من قتلوا تحت الكوبري الذي انهار والمجاهد الذي قتل في الإسماعيلية والمجاهد الذي قتل في بورسعيد وغيرهم هؤلاء من يجاهدون في سبيل الله أما أنتم فأعداء الله سبحانه وتعالي..
 وبالتالي من يؤيد المشير السيسي فليكن معه يدا بيد ولا يتخلي عنه بعد ذلك بسبب ضغوط لأن هذا متوقع فالرجل خرَب المشروع الأمريكي ولن ينسي له الامريكان هذا.. نحن مقبلون علي معارك ولا مفر من أن نخوضها فلابد أن نستعيد الدولة المصرية مرة أخري وهذا في حد ذاته ليس نزهة وسنقابل تحديات.
لأننا خربنا مشروعا كان سيخدم إسرائيل ليس لعشرات أو مئات السنين بل إزالة مصر كدولة وتحويلها مثل جيبوتي أو الصومال أو أفغانستان أو ليبيا حالياً هذه كانت جائزة كبري فإسرائيل علي مدي 60 سنة لم تستطع أن تفعل هذا كله ولنتذكر أنه بعد هزيمة 1967 بعشرة أيام استعاد الجيش المصري المبادأة وحارب في معركة رأس العش وفي خلال حرب الاستنزاف التي امتدت علي مدار ثلاث سنوات.. أرهقت مصر العدو الصهيوني ولنتذكر أيضا أن يكون قائد مهزوم مثل عبد الناصر في يونيو 1967 ويسافر إلي الخرطوم في سبتمبر 1969 يحمل بسيارته رسالة من الشعب آنذاك معناها أننا لن نتخلي عنك وهذه كانت معركة وأنت خسرتها.. نحن نريد جماهير مثل تلك الجماهير من يريد أن يكون السيسي مثل عبد الناصر عليه أن يكون فردا من جماهير مثل جماهير عبد الناصر التي لم تيأس وكانت تتمتع بالنفس الطويل لكن مشكلتنا أن نفسنا قصير وهذا ما أحذر منه.. أظن بما أن السيسي قبل أن يرشح نفسه سيكون لديه حلول غير تقليدية سواء فيما يتعلق بالداخل واستعادة النظام والأمن واستعادة هيبة الدولة المصرية ومحاولة إدارة عجلة الاقتصاد وأظن أيضا أنه سيكون لديه رؤي في مواجهة التحديات الخارجية ولكن دون لحمة شعبية ودون تماسك وعدم انفراط للعقد الشعبي سنظلم بذلك أنفسنا قبل أن نظلم السيسي فنحن لا نملك بديلا للنجاح لأن عدم النجاح في تجربة الرئاسة القادمة أيا كان اسم الرئيس القادم معناه انهيار للدولة المصرية وعودة الجماعات الإرهابية وتفكيك الجيش المصري.
 فاليوم هم يحاربون جيش مصر لكن في سيناريو عهد جمال عبد الناصر كان تآمرهم علي نظام الحكم فقط أما الآن فتآمرهم علي الشعب من خلال الحديث عن خطط لضرب القناطر الخيرية لإغراق الدلتا وبدأوا ينفذون مخططات شبيهة بذلك مثل إسقاط طائرة عسكرية وقتل مجندين جيش وشرطة وضباط شرطة وزرع قنابل بعضها فجِر وبعضها تم إبطالها.. هم يحاربون بذلك شعب مصر فلا عودة لهم ولا صلح معهم ومن يتحدثون عن ذلك أنا لا أريد أن أتهم أحدا بالتآمر ولكنهم بالفعل يتآمرون علي هذا الشعب.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

0 تعليقات:

إرسال تعليق