Ads

فلسفة انتخاب المحافظين


دكتور عادل عامر
فالدولة القومية (الوطنية) بعد تراجع هيمنتها، بادرت بالرجوع إلى الهويات وبروز عناصر فاعلة على المستوى المحلي في ظل اللامركزية، والتي اتبعتها الدولة الوطنية بحثا عن أنماط جديدة لاندماجها، ولحل الصعوبات التي تعرفاها هذه الدول حاليا على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى عناصر العقد السياسي. إن توزيع السلطات على هيئات متعددة تتخصص كل منها في عمل معين لا يعني بالضرورة تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات. ذلك أن تعدد السلطات قد يكوم مقروناً بتركيزها في يد شخص أو هيئة، كما قد يكون متسماً بتدرج السلطات. ومن ثم يتعين علينا أن نبدأ بتحديد مفهوم كل من تركيز السلطات وفصل السلطات ثم ننتقل إلى تطبيقات كل من المبدأين في النظم المعاصرة.
وإزاء تأكد النزعة نحو انسحاب الدولة من الاقتصاد والعمل التنموي على الصعيدين الوطني والإقليمي، وكذلك تراجع المد التضامني العالمي وتضاؤل نصيب بلدان العالم الثالث من الاستثمارات الخارجية المباشرة واشتداد تحركية رأس المال المعولم والمنافسة بين الشركات العالمية، أصبحت التنمية المحلية بديلا ملائما للتدخلات الحكومية المؤقلمة والمكثفة.
لذا يفضل أن تخرج قيادة المحافظات من أيديهم , وتكون بيد الشعب مباشرة, حتى يضمن تنافسا بين جميع الأحزاب لصالحه طيلة الوقت فيتمثل ذلك في
.  تشكيل المجالس المحلية الشعبية بالانتخاب المباشر والنزول بسن الترشيح لتمكين الشباب من المشاركة فى الحكم . ·وضع صلاحيات محددة للمجالس الشعبية فى حق الرقابة وسحب الثقة من المحافظين أو من ينوب عنهم ومحاسبتهم والمشاركة فى وضع الخطط التنموية فى المحافظات . · ضرورة اختيار المحافظين بالانتخاب الحر من بين أبناء المحافظة .
 وتكون له أدوار محددة مع المجالس الشعبية لا تزيد عن خمس سنوات . · صلاحيات كاملة للمحافظين على كامل تراب المحافظة تقابلها صلاحيات للمحاسبة للمجالس الشعبية . · توزيع عادل للموارد المالية بين المحافظات تتناسب مع حجم المحافظة وأولويات التنمية بها . ·ضمان إصدار قانون محلى ديمقراطي يسمح بنقل السلطات للمحافظات وضمان التخطيط الاقليمى والمتابعة والرقابة والمحاسبة . ·ضمان توزيع جيد للخدمات الضرورية فى التعليم والصحة / الإسكان / خدمات الطرق / والاهتمام بالأسواق والبيئة ونظافتها وتنمية الثروات المحلية ونظام عادل فى تعيينات شباب المحافظات وذلك فى إطار متناغم مع الخطة الشاملة لكل محافظة بما يتناسب مع المخطط العام للتنمية فى مصر .
مفهوم تركيز السلطة ومفهوم فصل السلطات
يعني تركيز السلطة عدم الفصل بين السلطات التي تتولى مهام الدولة المختلفة ومزجها واستيلاء فرد أو هيئة على جميع السلطات. وهذا الأسلوب يولد مخاطر كثيرة منها التحكم والمساس بالحريات وسوء الإدارة. لأن من يتولى جميع السلطات لا يجد من يراقب أعماله أو ينتقد سياسته: والسلطة بلا مراقبة وبلا نقد يمكن أن تؤدي إلى الوقوع في أخطاء جسيمة. وقد عبر عن ذلك لورد أكتون أحد كبار السياسة والمفكرين والبريطانيين قائلاً « إن السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة » ويشهدنا التاريخ على أن للسلطة نشوة تعبث بالرؤوس، وقد وصلت هذه النشوة برؤوس بعض عظماء التاريخ من ذوي السلطان المطلق – مثل الإسكندر ونابليون وهتلر – إلى القيام بتصرفات تحمل طابع الجنون.
 غير أن الأنظمة السياسية المعاصرة لا تعلن صراحة أنها تأخذ بمبدأ تركيز السلطات، وإنما تحرص على تأكيد أنها توزع السلطات على هيئات متعددة. ولكن الواقع أن كثيراً من هذه النظم المعاصرة تأخذ بتدرج السلطات، بحيث تكون السلطة الحقيقية في يد شخص واحد أو هيئة واحدة، بينما تكون الهيئات الأخرى مجرد هيئات تابعة أو ثانوية.
 أي أن كثيراً من النظم المعاصرة تبقى على فكرة تعدد الهيئات، ولكنها لا توزع السلطة بينها توزيعاً عادلاً، وإنما تميز إحدى الهيئات وتمنحها اختصاصات واسعة وتجعل منها هيئة عليا تسيطر على الهيئات الأخرى. ويذهب بعض المفكرين إلى أن ظاهرة تدرج السلطة التي تعتبر الصورة المعاصرة لتركيز السلطة تفشت في كل النظم المعاصرة سواء أكانت ديمقراطية أم دكتاتورية. ويتحصل الفارق بين النظم الديمقراطية والنظم الدكتاتورية في أن تركيز السلطة في النظم الدكتاتورية يتم لصالح فرد يفرض على الشعب فرضاً بينما يتم تركيز السلطة لصالح فرد يمثل الشعب في النظم الديمقراطية.
ﻣﻦ ﺧﻼل إﺟﺮاء ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺣﻮل اﻷﻣﺮ بما أن اللامركزية هي الحالة أو الوضع الذي يعطى فيه حق المشاركة في اتخاذ القرار للمستويات الإدارية الدنيا، دون أن يلغي ذلك حق الجهة المركزية في اتخاذ القرار، فهي إذن أسلوب في العمل يقوم على مبدأ توزيع سلطة صنع القرار والصلاحيات بين السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة تتواجد في الأقاليم والتجمعات السكانية المختلفة، وهذا يعني أن اللامركزية الإدارية تتمثل في تفعيل دور السلطات الإقليمية والمحلية، وذلك بإسناد مهام إدارية وتنموية لها تزيد من فاعليتها، وتعزز دورها في تحمل مسؤولياتها وصلاحياتها بالشكل الذي يعمل على دمج السكان المحليين في عمليات التنمية المحلية ويؤدي في النهاية إلى نجاحها.
الحد من البيروقراطية الإدارية وتسريع وتسهيل عملية صنع القرار الإداري والتنموي، مما يساهم في إيجاد توزيع عادل نسبياً لسلطة صنع القرار والاستثمارات والموارد داخل الدولة.
* تنازل هيئات الحكم المركزية عن جزء من صلاحيتها لصالح هيئات حكم محلية، هذه الهيئات التي تتعايش مع مشكلات السكان المحليين بشكل مستمر وتدرك أسبابها وأبعادها، وهذا الوضع يمنح هذه الهيئات القدرة على ربط برامج ومشاريع التنمية بالحاجات المتعددة والمتناقضة للمناطق والأقاليم والشرائح السكانية المختلفة، وبالتالي يضمن تحقيق أهداف خطط التنمية الوطنية بصورة فاعلة وإيجابية. * إيجاد الاتصال المباشر والمستمر بين هيئات التخطيط التنموي والسكان، وهذا يُمكّن القائمين على التخطيط من الحصول على بيانات أكثر دقة حول أوضاع مناطقهم، ويساعد على إعداد وتنفيذ خطط تنموية واقعية وفعالة ومؤثرة. * إيجاد توزيع عادل لمكاسب التنمية، وتحسين المستوى التنموي والخدمي في جميع مناطق البلد؛ من خلال وصول الموارد والاستثمارات إلى جميع مناطق وأقاليم الدولة، وهذا يقلل من حدة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية. * تخفيف العبء الإداري والتنموي عن مؤسسات وهيئات الحكومة المركزية؛ حيث تخلصها من العديد من المهمات والصلاحيات بإسنادها إلى هيئات إقليمية ومحلية، وهذا الوضع يمكن هيئات التخطيط المركزية من أخذ الوقت الكافي في الإشراف بشكل فعلي وعملي على متابعة خطط التنمية المختلفة. و ترسيخ مبدأ الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار التنموي على المستوى المحلي، وذلك على اعتبار أن اللامركزية هي شكل من أشكال وأسس العملية الديمقراطية.

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

0 تعليقات:

إرسال تعليق