Ads

الإرادة الشعبية الصلبة لمواجهة الإرهاب


دكتور عادل عامر
هناك فارق بين موجة إرهاب الثمانينات والتسعينات، والموجة الحالية رغم التواصل الفكري بينهما، فالتنظيمات ورموزها التي أعادت التوطن واستغلت حالة الفراغ الأمني، والصراعات الاجتماعية، جاءت هذه المرة مسلحة بخبرات وأساليب تفجيرات وتفخيخ اكتسبتها في مناطق أخرى، وكذلك بشبكة علاقات دولية مع التنظيمات المشابهة لها تتبادل فيها الخبرات، وفي بعض الأحيان يشمل التعاون الأفراد مثلما يقال عن وجود عناصر أجنبية مع الجماعات المتطرفة في سيناء. الجديد أيضا أنه كما يبدو فإن بعض القوى السياسية من تيار الإسلام السياسي لا تجد غضاضة في أن تستفيد من نشاط هذه الجماعات في إضعاف خصمها الذي تحاول إضعافه والسيطرة عليه وهو جهاز الدولة، وقد كان أحد أسباب سقوط الإخوان في مصر هو استعانتهم أو تحالفهم مع مجموعات من «الجماعة الإسلامية» التي تورطت في أحداث الإرهاب في التسعينات.
ومنذ تلك اللحظة التاريخية ، وضعت الحكومة علي قمة أولوياتها عوامل قوة الدولة المصرية الماثلة في هذه الإرادة الشعبية الصلبة التي لا تلين ، والآن وبعد أن نجحت ثورتنا ومازالت هذه الجماعات الفاشية تسعي إلي حرق مصر تنفيذا لمخطط التنظيم العالمي للجماعة الإرهابية المتمثل في سياسة "الأرض المحروقة " إلا أن الفاجع هو أن بعض الحكومات الأجنبية أخذت بدعوي الديمقراطية تدعم هذه الجماعة وتساند هذه المؤامرة بشتي وسائل الضغط السياسي والاقتصادي والمعنوي مما أدي إلي استقواء هذه الجماعة الإرهابية ظنا منها أنها قادرة علي كسر إرادة الشعب المصري وإيقاع الدمار والخراب والهزيمة للدولة المصرية العريقة ، وتمزيق جيشنا الوطني العظيم ، وتدمير جهاز الشرطة الباسل ، فقامت بارتكاب جرائم وحشية ضد المواطنين الأبرياء الآمنين في كل مكان بمساعدة تنظيمات إرهابية دولية كتنظيم القاعدة والجماعات السلفية الجهادية والتكفيرية
فاحرقوا الكنائس والمساجد والمدارس والمؤسسات الوطنية والأقسام والمنشآت الحكومية ، ونهبوا المتاحف وأحرقوا المبان التاريخية ، وخربوا الطرق والكباري والحدائق وفجروا خطوط السكك الحديدية وخطوط العاز وأنابيب البترول في هجمة بربرية ممنهجة وممولة بملايين الدولارات التي تضخ يوميا لعصابات إجرامية لم تشهدها البلاد علي مر العصور ، تلك المشاهد الدامية تنقلها يوميا علي الهواء مباشرة عشرات الفضائيات ووكالات الأنباء والصحف والمجلات المحلية والعالمية
وعندما يتصدي ببسالة رجال الشرطة والجيش لصد هجمات الإرهابيين من أجل حماية المواطنين المدنيين الأبرياء تتعالي أصوات الاستنكار من هنا وهناك تندد باستخدام العنف في فض " المظاهرات السلمية !! " وحين يتعلق الأمر بالأمن القومي المصري وأرواح المدنيين وبيوت العبادة فانه يتحتم علينا أن نذكر العالم بموقف بريطانيا ونتفق معها تماما عندما تعرضت لما نتعرض له الآن حين قال المسئولون البريطانيون " لا تحدثنا عن حقوق الإنسان حينما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا القومي " .
وهذا لا يعني عدم احترام الدولة المصرية لحقوق الإنسان فالدولة المصرية عضو فاعل ومتحضر في المجتمع الدولي ، ونحن موقعون علي كافة المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تؤكد احترامنا لحقوق الإنسان طالما كانت الاحتجاجات سلمية والمحتجون يلتزمون بشروط التظاهرات السلمية المتعارف عليها دوليا وفقا لقوانين البلاد ، ولكن في مواجهه هذه الجماعات الإرهابية المسلحة بكافة أنواع الأسلحة القاتلة الحارقة ، لابد من اتخاذ المواقف الحازمة لحماية الأرواح والمنشآت
لقد نزل الشعب المصري بالملايين في 30 يونيو و3 يوليو و26 يوليو 2013 وأذهل العالم كله بأعداده غير المسبوقة في التاريخ ، لم تحدث مصادمات دامية ولم تطلق رصاصة واحدة ، ولم تقع أي إصابات للمتظاهرين ، وقد تمخض ذلك عن خارطة طريق للثمانية عشر شهرا المقبلة ، ولكننا وجدنا أنفسنا في مواجهه تلك الأعمال الإرهابية التي تقودها جماعة الإخوان الفاشية تحت مظلة من حماية بعض الدول الأجنبية ، والآن تمارس حقها الطبيعي في فض الاعتصامات والتظاهرات المسلحة التي تخرج عن السلمية بشكل صارخ ، إن مصر تقف الآن صفا واحدا شعبا وحكومة وجيشا وشرطة في مواجهه الإرهاب المنظم والممنهج .
 رصد مؤشر الديمقراطية وقوع 288 حادث عنف وإرهاب سياسي، خلال أكتوبر الماضي بمتوسط 9 حوادث يوميا، في حين تصدر 6 أكتوبر صدارة مشهد أحداث العنف حيث شهد وقوع 39 حادثة، تلته أيام الجمعة خلال الشهر والتي شهد كل منها وقوع بين 17إلى 19 حادث، وبذلك شهدت الدولة 1072 حادث عنف وإرهاب سياسي منذ بداية أغسطس الماضي، مع فض اعتصامي رابعة والنهضة حتى نهاية أكتوبر الماضي. وأوضح مؤشر الديمقراطية في تقريره الشهري عن أحداث العنف السياسي أن أكتوبر الماضي شهد تصاعداً في حدة الاشتباكات بين الطلاب المناصرين للجماعة وغيرهم من الطلاب المعارضين لها حيث ارتفع عدد الاشتباكات من 15 اشتباك في سبتمبر لـ49 اشتباك خلال أكتوبر و هو ما يعد مؤشرا خطيراً إذا استمر الوضع في التدهور داخل الجامعات، كما ارتفعت أعداد حوادث الاشتباكات بين قوات الأمن و مجموعات من المتظاهرين التابعين للجماعة حيث قفزت من 6 حوادث في سبتمبر لـ15 حادث خلال أكتوبر، كما ارتفعت أعداد اشتباكات الأهالي مع الطلاب من 2 في سبتمبر لـ9 حوادث خلال أكتوبر. ونبه التقرير، إلى أن 15% من أحداث العنف خلال أكتوبر مثلتها 42 حالة فض من الأهالي لتجمعات و تظاهرات وأشكال احتجاجية مختلفة كانت منظمة في معظم الأحداث من قبل أنصار الجماعة و مؤيديها، و لكن أكثر ما يثير مخاوف المؤشر أن تلك الأحداث قد تضاعف من سبتمبر لأكتوبر حيث شهد الأول 22 حادثة بينما شهد الأخير 42 حادثة لم تستهدف قمع مظاهرات الإخوان فقط لكنها امتدت لتقمع كل من لا يتفق تماما مع النظام الحالي. وبينما تركزت الجهود الأمنية المبذولة من جانب الجيش والشرطة للقضاء على العمليات المسلحة في محافظة شمال سيناء خلال الشهور الأخيرة، وسع المسلحون من نشاطهم ليمتد قبل إجازة عيد الأضحى الماضي إلى محافظة جنوب سيناء، في تطور وصفه خبراء، بأنه يسعى لتوسيع رقعة العنف والقتل، وبعد فترة من الهدنة خلال إجازة العيد، اتسعت الرقعة أكثر من ذلك وخرجت عن شبه جزيرة سيناء، لتمتد إلى مدينة الإسماعيلية (شمال شرق)، ومنها إلى القاهرة، التي شهدت أول أمس الأحد استهدف مسلحون لكنيسة بمنطقة الوراق غرب العاصمة، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 4 أقباط بينهم طفلة، وإصابة 18 شخصا، بحسب إحصائيات رسمية.
فإن اتساع رقعة العمليات المسلحة إلى خارج شبه جزيرة سيناء لا يعني بأي حال من الأحوال انحسارها في سيناء. وشهدت محافظة شمال سيناء خلال الشهرين الماضي والجاري 3 حوادث انتحارية نفذها مجهولون ضد مراكز للشرطة والجيش، وهى حادث انفجار سيارتين بمقر المخابرات الحربية برفح، وانفجار سيارة بمدخل قسم شرطة الشيخ زويد، وانفجار آخر بسيارة ملغمة في حاجز الريسة الأمني بمدخل العريش. هذا فضلا عن عشرات الحوادث الأخرى، التي يقوم خلالها المسلحون باستهداف حافلات لقوات الأمن بأسلحة آلية متوسطة وثقيلة وزرع عبوات ناسفة على مسارات سير آليات عسكرية أثناء تحركاتها في المنطقة المحصورة من العريش حتى الحدود مع قطاع غزة وإسرائيل.
 وفي الوقت الذي صار فيه وقوع حوادث عنف بشمال سيناء خبرا شبه يومي، وسع العنف نطاقه ليشمل محافظة "جنوب سيناء".ووقع الحادث الذي شهدته محافظة جنوب سيناء " شرق مصر" بمدينة الطور(عاصمة المحافظة)، صباح الاثنين 7 أكتوبر الماضي، وأسفر عن سقوط أربعة قتلى وإصابة 48 آخرون، ليعيد إلى الأذهان الحوادث المسلحة التي شهدتها المحافظة عامي 2004 و2005 في منطقة طابا وشرم الشيخ، حيث لم تشهد المحافظة من وقتها حوادث إرهابية تذكر. ولم تكن جنوب سيناء وحدها هي السبيل لتوسيع نطاق العمليات المسلحة، فما أن عززت قوات الأمن من إجراءاتها بهذه المحافظة للتعامل مع هذا التطور الجديد، فوجئت بعد عيد الأضحى (وافق الثلاثاء الماضي) بحادثين آخرين شكلا تطور آخر وهو حادث تفجير سيارة مفخخة بالقرب من مبنى المخابرات الحربية بمدينة الإسماعيلية " شرق القاهرة "، وحادث استهداف مسلحين كنيسة بالقاهرة.
 ووقع حادث مدينة الإسماعيلية بالقرب من مبنى المخابرات وأسفر عن وقوع 6 إصابات، وحدوث أضرار بالسور الخارجي للمبنى. إن "هذه التفجيرات تستهدف توصيل رسالة أن الدولة غير قادرة على حماية منشآتها، وهذا فهم خاطئ، لأن أقوى الدول أمنيا وهي الولايات المتحدة وإسرائيل، تتعرض لحوادث إرهابية".واستهدف مسلحون أول أمس الأحد كنيسة بمنطقة الوراق غرب القاهرة، وأسفر الهجوم عن مقتل 4 أشخاص بينهم طفلة، وإصابة 18 شخصا، بحسب إحصائيات رسمية. أن "الإرهاب لم تخف حدته بشمال سيناء، وما يحدث هو توسيع لنطاقه"."كنا في التسعينيات نواجه إرهابا محليا، ولكن العنف الآن عالمي، حيث أدت فترة الانفلات الأمني التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011 إلى دخول جنسيات متعددة من الإرهابيين، وأسلحة ثقيلة ومتطورة، لم تعهدها الشرطة المصرية".إن التعامل مع الإرهاب في مصر من الناحية الأمنية بأنه "غير صحيح للأنة "يبدو من المشهد أن الجيش هو الأساس في المقاومة، وتأتي الشرطة مساعدة له، وهذا من الناحية الفنية غير دقيق، وينبغي أن يحدث العكس

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

0 تعليقات:

إرسال تعليق