Ads

قراءة فى إقترابات تحليل السياسة الخارجية

بقلم / سهام عزالدين جبريل
تعتبر السياسة الخارجية هى إحدى أهم مقومات القوى الشاملة للدولة التى من خلالها يمكن ان نترجم كثير من التوجهات العامة لاى دولة وتقدير مساحتها داخل المجتمع الدولى ومدى ثأثيرها فى المجتمع الدولى ومحددات علاقاتها مع دول الجوار الجغرافى والافليمى والدولى ، حيث هناك دول تمثل قوى لايستهان بها وهناك دول تمثل قوى صاعدة واخرى تابعة ، كل ذلك يمكن قراء تة والاستدلال علية من خلال السياسة الخارجية لكل دولة ، وبرنامجها التى يتم اعداده للتعامل مع المجتمع الدولى واعضائة من دول ومؤسسات ومنظمات وفاعلين دوليين ، ولذلك فيجب علينا كباحثين ومهتمين بخذا الشأن التعرف اولا على مفهوم السياسة الخارجية ، ثم دراسة نماذج صنع السياسة الخارجية للدول واقترابات تحليلها ....,
اولا : مفهوم السياسة الخارجية:
السياسة الخارجية هي عبارة عن برنامج عمل معين، تختاره الدولة من بين عدة بدائل، ترى فيه أنه يحقق أهدافها فيما يتعلق بالصعيد الخارجي مع الدول الأخرى، ومن ثمَّ فهي متغيرة من آن لآخر وليست ثابتة، وبالتالي يمكن للدولة أن تغير سياستها الخارجية من وقتٍ لآخر.
ثانياً: نماذج صنع السياسية الخارجية أو اقترابات تحليل السياسة الخارجية:
يوجد العديد من النماذج والاقترابات لصنع السياسة الخارجية، من أبرزها:
1-النموذج الاستراتيجي أو الرشيد:
طبقاً لهذا النموذج تشكل الدول وحدات منفصلة تسعى إلى تعظيم أهدافها في السياسة العالمية،
وفيه ينظرلوحدة صنع القرار على أنها صندوق أسود، يصعب فهم القوى السياسية الداخلية المؤثرة
على خياراتها، وعليه فإن هذا النموذج يفسر السياسة الخارجية في ضوء الفعل ورد الفعل، حيث
يقوم الباحث بتفسير كل تصرف على أنه عملية حساب رشيدة لكل تصرف قام به الطرف الآخر.
ولهذاالنموذج عدد من العيوب التي دفعت الباحثين لاقتراح نماذج أخرى أكثرفاعلية منهاأن السياسة
الخارجية للدول لا تتأثر فقط بسلوك الدول الأخرى ورد الفعل الرشيد على ذلك السلوك، فالعوامل 
الداخلية والدولية لها تأثير واضح على السياسة الخارجية، بيد أن أكبر نقاط الضعف في هذا
النموذج تتمثل في تركيزه على الحسابات الرشيدة لصانعي القرار، وهي حسابات مثالية ونادراً ما
تتحقق، كما أنه يفترض أن مايعد رشيداً بالنسبة لفاعل معين يعد رشيداً كذلك بالنسبة لفاعل آخر
2-نموذج صنع القرار:
يقوم ذلك النموذج على حقيقة أنه مهما كانت العوامل المحددة للسياسة الخارجية فإن أهميتها تتحد 
من خلال إدراك صانعي السياسة الرسميين، فإذا ما أدركوا تلك العوامل فإنها تؤثر في هذه الحالة 
فقط في السياسة الخارجية، وتكمن ميزة هذا النموذج في أنه يأخذ في الاعتبار البعد الإنساني في 
عملية صنع السياسة الخارجية، فأهم عوامل تفسير خيارات السياسة الخارجية وفقاً لهذ النموذج 
تتمثل في دوافع صانعي القرار ومدى توافر المعلومات لديهم وتأثير السياسات الخارجية للدول 
المختلفة على خياراتهم.
3-نموذج السياسة البيروقراطية:
 يؤكد هذا النموذج على الدور الذي يلعبه البيروقراطيين من ذوي العلاقة بعملية صنع السياسة الخارجية فغالباً ما يستعين صانعي القرار بموظفي الخدمة المدنية الدائمين للحصول على النصائح والمعلومات اللازمة، ومن ثمَّ يزداد دور هؤلاء البيروقراطيين في السياسة الخارجية، هؤلاء البيروقراطيين هم المسؤولون عن تنفيذ السياسة الخارجية ولذلك يكون بإمكانهم التأثير على تطبيقها إما بالتباطؤ في التنفيذ أو ربما برفض التنفيذ على الإطلاق.
4-النموذج التكيفي:
يركزهذا النموذج على كيفية استجابة الدول للقيود التي تفرضها أو الفرص التي توفرها البيئة الدولية، حيث يتم من خلاله تحديد خصائص البيئة الدولية التي تؤدي إلى نتائج معينة بغض النظر عن التصرفات والأفعال التي يتحدث عنها صانع القرار.
5-نموذج صنع القرار التدريجي:
ينظر هذا النموذج إلى عملية صنع القرار على أنها عملية تدريجية من أكثر النماذج بعداً عن النموذج الرشيد، فصانعي القرارات لا يفكرون في الخيارات العديدة المتاحة بل يركزون على إعادة تشكيل السياسات القائمة والعمل على إصلاحها.
6-نموذج تحليل الأحداث (نموذج التحليل الكمي):
ظهر هذا النموذج مع المدرسة السلوكية، وهو يقوم على تحويل السلوك الإنساني إلى أرقام، حيث يعتبر هذا النموذج أن الأرقام لا تكذب، حيث تم من خلال هذا النموذج تطوير مقياس كمي يتم من خلاله قياس مدى كثافة العلاقات بين اثنين من الدول، فأقصى درجة تعبر عن وجود علاقة اندماج وتعاون بين الدولتين، وأدنى درجة تعني وجود حرب شاملة بين الدولتين، وبين هاتين الدرجتين، واستفادت المدرسة السلوكية من التطور التكنولوجي الحديث والثورة المعلوماتية الضخمة، إلا أنه وجهت لها عدد من الانتقادات عند استخدامها في العلوم الاجتماعية، من أبرزها أنها لم تنجح في العديد من الحالات لعدم قابليتها للقياس.
7-المنهج الإدراكي:
يدور هذا المنهج حول الكيفية التي يدرك بها صانع القرار الأمور، ويركز على العوامل الإدراكية لصانع القرار والمتمثلة في معتقداته وتصوراته وقيمه الشخصية وخبراته السابقة التي تؤثر عليه في عملية صنع القرار، فالعوامل الإدراكية لصانع القرار. (للمزيد في هذا الشأن أنظر إجابة السؤال الأول في خامساً: تأثير إدراك صانع القرار على صنع السياسة الخارجية).
8-اقتراب الدور الوطني:
يشير اقتراب الدور الوطني إلى مدركات صانعي القرار في السياسة الخارجية لمواقع أممهم في النظام الدولي، فلكل أمة موقع في النظام الدولي، وتصور صانع القرار في السياسة الخارجية لهذا الموقع يؤثر على السياسة الخارجية.
أ‌-    محددات الدور الوطني:
1) المكانة أو المنزلة: والتي تتمثل في مدى قوة ونفوذ الدولة ودرجة تأثيرها في المجال الدولي، وهو ما يقاس من خلال علاقات الدولة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، حيث تختلف سياسة صانع القرار في السياسة الخارجية عندما يرى أن دولته تلعب دوراً قوياً ولها نفوذ كبير على المستويات المختلفة للسياسة الخارجية.
2)  الهيمنة: قد يرى صانع القرار أن لدولته دور كبير في الهيمنة على مقدرات الأمور في علاقاتها الثنائية أو على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وفي أحيان أخرى يرى صانع القرار أن دولته ليست إلا تابعاً لدولة أخرى.
ب‌-                        محفزات الدور الوطني:
1) محفزات تعاونية: مثل العلاقات الاقتصادية كالسوق المشتركة، أو الدفاع المشترك، فيصنف صانع القرار الدولة على أنها دولة حليفة، أو دولة وسيطة، أو دولة مكملة.
2) محفزات تنافسية: حيث يتم من خلالها تصنيف الدولة على أنها دولة معادية للإمبريالية أو للشيوعية، أو للرأسمالية وما إلى ذلك من تصنيفات، ويتجه صانع القرار لهذا الاتجاه في سياسته الخارجية عندما يتقد أن شعبة سيدعمه.
ت‌-  - الأدوار الوطنية ومستوياتها:
1)   دور المدافع عن القيم الإنسانية العالمية وقضايا السلام وحقوق الإنسان وما إلى ذلك.
2)   دور المدافع عن السيادة الوطنية للدولة.
3)   دور المدافع عن الأيديولوجية في مواجهة أيديولوجية أخرى منافسة.
4)   دور المدافع في المجال السياسي والدبلوماسي غير المنحاز.
5)   دور المدافع عن المصالح الاقتصادية المطالب برفع مستوى المعيشة والتنمية.
اقتراب الاقتصاد السياسي:
يعتبر هذا الاقتراب أن تحقيق المصالح الاقتصادية محور أساسي في العلاقات الدولية، فمنذ انتهاء الحرب الباردة تغيرت موضوعات السياسات الخارجية القديمة وحلت محلها قضايا أخرى جديدة مثل القضايا الأمنية والحرب على الأرهاب، وقضايا التكامل الإقليمي ، والحركات العابرة للحدود، وقضايا التكيف الهيكلي التي أصبحت تشغل الدول الأفريقية للحصول على المزيد من المساعدا، كما لم تعد الدولة هي الفاعل الرئيسي في العلاقات الدولة كما كانت من قبل، بل أصبحت العلاقات الدولية متعددة الأطراف وظهر فاعلون دوليون آخرون إلى جانب الدولة تنوعوا ما بين فاعلين رسميين وغير رسميين، ومنظمات مجتمع المدني ومنظمات دولية، كما اختلف مفهوم السيادة المطلقة للدول وأصبح هناك نوعين من السيادة للدول؛ سيادة الدول الكبري التي تؤهلها لإدارة العالم، وسيادة الدول النامية التي لا تحميها من المجتمع الدولي إذا خالفت القانون.
ونتيجة لكل ما سبق، لم يعد من الممكن أن تعالج قضايا السياسة الخارجية بالمناهج والاقتراب التقليدية فظهر منهج الاقتصاد السياسي لا سيما وأن التمييز بين السياسة والاقتصاد لم يعد موجوداً، كما أن التمييز بين الداخل والخارج لم يعد قائماً هو أيضاً، خاصةً وأن منهج الاقتصاد السياسي يفترض أن أهم حركة للدول في علاقاتها الخارجية هي دائرة العلاقات والمنافع الاقتصادية، والحفاظ على التراكم الرأس مالي، فالدول التي يحركها الاقتصاد السياسي تركز في سياستها الخارجية على العقبات الهيكلية فقد أصبحت الدول الأفريقية تتجه لتطبيق منهج الاقتصاد السياسي بغية القضاء على الحواجز، وتسهيل حركة التجارة والبضائع والأفكار والمعلومات، وهي لم تكن مخيرة في ذلك وأنما ناضطرت لذلك لمواجهة ضعفها بالإضافة إلى أن المعسكر الغربي المنتصر إبان الحرب الباردة دفع بها لهذا المنحى، وأصبحت العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، وفقاً لمنهج الاقتصاد السياسي شبه ترابطية، فالاقتصاد يتحكم بالسياسة، وكذلك السياسة تتحكم بالاقتصاد، وقد حل هذا اقتراب الاقتصاد السياسي محل الاقترابات القديمة الواقعية والسلوكية ولكنه لم يلغيها.
   ويرتبط الاقتصاد السياسي حالياً بالعولمة، خاصةً وأن المؤسسات المالية الضخمة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومنظمة التجارة الدولية أصبحت تمثل الآليات الاقتصادية الرئيسية للعولمة، وتميل المدارس المختلفة السائدة في القرن العشرين من الليبرالية للماركسية للتبعية إلى أن الاقتصاد هو المهيمن في هذا العلاقة الترابطية حيث:
أ.المدرسة الليبرالية: ترى أن الاقتصاد هو الأساس وتركز عليه من زاوية المنافسة والحرية
ب-المدرسة الماركسية: هي أيضاً ترى أن الاقتصاد هو الأساس وهو البنية التحتية لبناء الأنظمة السياسية المختلفة ولكنها تركز عليه من زاوية الصراع الطبقي.
جـ-مدرسة التبعية: الاقتصاد فيها هو الأساس أيضاً ولكنها تنظر إليه من زاوية مدى هيمنة الاقتصاديات القوية على الاقتصاديات الضعيفة وفكرة المركز والمحيط، فالمركز بالنسبة لها هو العالم الغربي، والمحيط هو دول العالم الثالث.
هذه نبذة مختصرة عن مفهوم السياسة الخارجية ونماذج واقترابات التحليل السياسى والنظريات الحديثة فى مجال صنع السياسة الخارجية ومدارسها المتعددة وإقتراباتها المتباينة .

------------------
تحياتى / سهام عزالدين جبريل

0 تعليقات:

إرسال تعليق