Ads

الدولة العميقة يمكن أن تكون مفيدة

د.حنان راشد


في دول العالم الأول العريقة في ممارسة الديمقراطية وفي القبول بالتعددية وفي تفعيل مبدأ التداول السلمي للسلطة، الرؤساء والأحزاب يأتون إلى سدة الحكم ثم يذهبون، لكن السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تمس الحياة اليومية لعموم المواطنين لا تتأرجح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، والأمن القومي لا يتهدد، وكيانات الدول لا تتداعى ولا تتهددها مخاطر الانهيار، وهذا كله نتاج طبيعي لوجود مؤسسات سيادية قوية وراسخة، تلتزم بالولاء للوطن والشعب والدولة وليس للحاكم ولا للنظام، هي ما يطلقون عليه إجمالا ومجازا مسمى "الدولة العميقة"، وهذه المؤسسات هي ما يحمي مجتمعات العالم الأول من صراعات القوى السياسية ومن أهواء الساسة ومن تقلبات السياسة ومن المتغيرات الطبيعية التي تفرزها العملية الديمقراطية. وفي غياب هذه المؤسسات القوية الراسخة، أو إذا كانت هذه المؤسسات عميلة أو ضعيفة أو فاشلة، تنهار الدول وتتفكك المجتمعات وتتفتت الشعوب وتنقسم الدول، وتتحول الحرية إلى فوضى والديمقراطية إلى غوغائية، ويتحول التداول السلمي للسلطة من آلية نهضة وبناء إلى معول هدم وأداة دمار. وأخلص إلى القول بأن الدولة العميقة -إذا أخلصت فقط للوطن وللشعب- كثيرا ما تكون مفيدة.

0 تعليقات:

إرسال تعليق