Ads

استغلال منظمات المجتمع المدني سياسيا


دكتور عادل عامر

إن "المنظمات غير الحكومية من حقها ممارسة العمل السياسي لان كل شي أصبح مرتبطا  للان "الربيع العربي قادته منظمات المجتمع المدني  بمصر انه لابد من حملة إعلامية من اجل توعية المجتمع ماذا تعني منظمات المجتمع المدني : فبعد الربيع العربي تبرَّأت الولايات المتحدة الأمريكية من الحكام رغم خدماتهم وحمايتهم لتلك المنظمات، واتجهت بأموالها وتمكُّنها نحو الشعوب الإسلامية متخذةً من منظمات المجتمع المدني مطيَّة لأهدافها، ويمكن تلمُّس ذلك من خلال استغلال تلك المنظمات لتسويق النمط الغربي في العالم الثالث، واستغلال فقرهم ومرضهم وجهلهم في إملاء تصوراتهم ورؤاهم، وتنمية الوعي بدعاوى الديمقراطية وحقوق الإنسان لدى المصريين مثلاً، ويؤكده أن محاور عطاءات أغلب المنظمات الغربية في بلاد النيل يدور حول أطروحاتٍ الغالبُ منها جميل في مظهره، مقبول في عمومياته، ولكن مصدرها ووقتها ومحاورها التفصيلية يعكر حقائقها، ويجعل علامات التعجب والقلق تحيط بها من كل جانب، وإنه لمن الأخطاء الفاحشة أن نأتي بنُخَب طلابية من مجتمع يعض على المذهب الحنفي بالنواجذ لنعلِّمه الفقه الحنبلي؛ فكيف بقضايا فكرية وسياسية مستوردة تختفي الألغام في كل منعطف ومنخفض ومطلع، وتنعدم الرؤية في معرفة أسس محركاتها؟ ويؤكد ما سبق عناوين أنشطة الجمعيات الغربية الأهلية التي تصبُّ في بؤر مشبوهة، تؤدي إلى زلزلة استقرار البلاد، ومنها: (تعزيز الديمقراطية) و (تدريب أعضاء الأحزاب الجديدة) و (تبادل الأفكار بين الدول) و (تنمية الأحزاب) و (أبحاث الرأي العام) و (إستراتيجية الحملات الدعائية) و (أوضاع المرأة) و (التسامح والتنوع الديني) و (النساء في الريف المصري) و (استقلال الاتحادات العمالية) و (المسح الميداني لقياس الوعي السياسي بين النساء) إضافة إلى برنامج (معهد الأندلس للتسامح) المتضمن إقامة 24 دورة تدريبية لتحسين التواصل بين طلاب الجامعات وأعضاء البرلمان المصري، وثلاثة مؤتمرات للطلاب الجامعيين لتعليمهم كيفية مراقبة الأداء البرلماني، ويتم الإنفاق عليها من (الوقف الأمريكي). أما (جمعية المراقب المدني لحقوق الإنسان) فأنها تعمل على تقديم حلقات دراسية في محافظة الدقهلية للتدريب على كتابة التقارير عن حقوق المرأة وانتهاكاتها بمصر، ومن أعمالها  أيضاً بعثتها لشباب من (حركة 6 أبريل) المصرية إلى صربيا لتلقِّي دورات تدريبية على التظاهر والاعتصام بعد الثورة، ومثل هذه الأنشطة تشير إلى غياب الحيادية في مزاعم الأنشطة المدنية، التي هي شرط أساسي في عملها؛ حيث قام بعضها بتشكيل تكتلات ضد ثورة 25 يناير، ومارست أنشطة محورها العمل السياسي وقد اعترفت سفارة واشنطن بمصر – من خلال وثائق (ويكيليكس) – بأن (المجموعة المتحدة) جعلت من الإعانات وقوداً لأنشطة سياسية، وهو ما يؤكد خروج المنظمات عن أهدافها الإنسانية الأولى، وابتعادها عن الحاجات الأساسية للمجتمع المصري كالدواء والغذاء وتعليم القراءة والكتابة، وما سبق مثال مختزل من خلال مجموعة منظمات قليلة في دولة واحدة؛ فكيف لو تم تتبُّع جذور تلك المنظمات الغربية وتحويلاتها، وتفكيك كيدها، وأهدافها الخطيرة في جميع الدول الإسلامية، وما تم تحقيقه هنا وهناك بواسطتها. . ومن الناحية السياسية والأمنية، تستغل الدول الأجنبية إمكانياتها المالية لتحقيق أهداف سياسية، وثقافية داخل الدول العربية والنامية بشكل عام. ولف مختلف تنظيمات المجتمع المدني حول استراتيجيات تلك الدول. إضافة إلى ذلك، يعتبر التمويل الدولي آلية للتجسس وتتبع مواقف الفاعلين داخل الدول من سياسات الدول الأوروبية. ذلك أن أهداف الممولين الأجانب وإن كانت تتقاطع مع أهداف المنظمات المحلية، كما تقول المنظمات المستفيدة من التمويل الأجنبي، تنطوي على مخاطر إستراتيجية كبيرة، من أهمها استغلال الممولين الأجانب للأنشطة التي تمولها من أجل تتبع تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للدول واستغلالها اقتصاديا وسياسيا وبشكل يضر بمصلحة الدول التي تستفيد منظماتها من التمويل الخارجي؛ لهذا أصبحت العديد من تلك الجمعيات، دون وعي، بعد انخراطها في عمليات التمويل الرسمي أو الأجنبي، تساعد الممولين الأجانب والرسميين في تحقيق أهدافهم بالنيابة وبتكاليف أقل. فالمجتمع المدني إن تكلفة وخطورة الفساد كارثة بكل المقاييس على الاقتصاد والمجتمع من حيث حرمان خزينة الدولة من مجموعة من الموارد بسبب التهرّب الضريبي، ونهب الأموال العامة وإهدارها واستنزافها في أغراض شخصية، أو تهريبها نحو الخارج،عوض توجيهها نحو مشاريع تنموية اجتماعية حيوية في مجالات الصحة والتعليم والسكن والبنيات الأساسية.. بما يخلق حالة من عدم الثّقة وخيبة الأمل لدى المواطن ويقتل فيه روح المبادرة والاجتهاد، ويسمح بانتشار العزوف السياسي، ويعرقل تحقّق التنمية بكل مظاهرها وأشكالها، ويفرز مظاهر من التهميش والفقر وإضعاف الدخل الفردي، والإثراء غير المشروع ويسهم في إضعاف الاستثمارات المحلية والخارجية، نتيجة لعدم نهج الشفافية والمنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص في طرح الصفقات العمومية أمام الخواص وتدبيرها وعلى المستوى السياسي، ينخر الفساد جسم الدولة ويكرّس روح الانتقام داخل المجتمع، وثقافة عدم الثّقة في القوانين والمؤسسات السياسية للدولة، بالشكل الذي يؤثّر بالسلب على أمن واستقرار الدولة والمجتمع، ويعرقل أي تغيير أو إصلاح حقيقي على طريق بناء دولة الحقّ والقانون وتحقيق الديمقراطية وترسيخ مبدأ المساواة بين المواطنين، وهو ما يجعل منه عاملا أساسيا في مصادرة الحقوق والحريات الفردية والجماعية وتقويض كيان الدولة والمجتمع وزرع البلبلة وعدم الاستقرار ففي مناخ فاسد تصبح الدولة غير قادرة على وضع قواعد ملزمة أو ضمان تطبيقها وفرض العقوبات على من يقوم بخرقها، الأمر الذي يترتب عنه شيوع ثقافة رفض المساءلة والإفلات من العقاب ومقاومة عمل المؤسسات بكل الوسائل، والعمل على تأخير وعدم تفعيل القوانين الرقابية على المال العام، كما تتعقّد عملية تجديد النخب نتيجة لرغبة المنتفعين من الفساد في الحفاظ على مناصبهم ومصالحهم. ويصبح الفساد أكثر سوءا وخطورة عندما يصيب جهازي القضاء والأمن ليتحولا من ذلك “الملاذ” الذي يفترض فيه حماية الحقوق والحريات وفرض احترام القانون، إلى آلية لحماية الفساد ولجعل “المفسدين” في مأمن ضد أية مساءلة أو عقاب كيفما كانت الجرائم والمخالفات المرتكبة وتزداد خطورته أكثر عندما ينتقل إلى بعض المؤسسات التي يفترض أن تقاومه من قبيل الأحزاب السياسية والبرلمان وبعض فعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بمختلف وسائطها، حيث تصبح جزءا من الفساد وفي خدمته ووسيلة للتغطية عليه إن الأسباب الرئيسة لظهور الفساد وانتشاره متشابهة في معظم المجتمعات، لا يجوز اتهام جميع المنظمات المدنية التي تتلقى الدعم بأنها تتسلم أموال من جهات مشبوهة وبالتالي فأنها عميلة أو خاضعة لها, فهي أحكام مطلقة لا يجوز القبول بها أو تبنيها. لا يجوز رفض الدعم من اي جهة كانت شريطة أن لا تكون مقرونة بشروط. ضرورة أن تقوم الدولة أو السلطة التنفيذية بتقديم الدعم المالي لهذه المنظمات وفق المشاريع التي تقدمها والتي تقدم خدمة للمواطن والمجتمع وأن تستند إلى مبادئ الديمقراطية والشفافية في عملها وحساباتها. أن تمارس هيئاتها الإدارية الانتخابات وفق قانون تأسيس الجمعيات والمنظمات المدنية وأن تخضع للرقابة من قيل الأعضاء. أن تكون مستقلة استقلالاً تاماً وأن تسعى لتنفذ مهماتها بصورة جدية وبعيدة عن الأساليب غير الديمقراطية في العمل وأن ترفض أي هيمنة عليها من أي جهة كانت, بما في ذلك وقبل كل شيء الحكومة والأحزاب السياسية.

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

0 تعليقات:

إرسال تعليق