Ads

من فقه الحج (8) حكم الحج عن المريض (2) حكم الحج عن المريض غير الميئوس من شفائه


بقلم : د. عبد الحليم منصور 
رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالدقهلية – فرع جامعة الأزهر

تحدثنا في المقال السابق عن حكم الحج عن المريض المأيوس من شفائه ، وبينا موقف المفقه من تلك المسألة ، وفيما يأتي نتناول حكم الحج عن المريض غير المأيوس من شفائه على النحو الآتي فأقول :
اختلف الفقهاء في حكم الحج عن المريض الذي يرجى زوال مرضه على رأيين :
الرأي الأول : يرى الشافعية ، والحنابلة ، ومن وافقهم ، أن المريض الذي يرجى زوال مرضه ، وكذا المحبوس ، ليس له أن يستنييب أحد ليقوم مقامه في  أداء الحج ، فإن فعل ذلك ، لم يجزئه ، وإن لم يبرأ. 
وحجة هذا الرأي : أنه مريض يرجو القدرة على الحج بنفسه ، فلم يكن له الاستنابة ، ولا تجزئه إن فعل ، قياسا على الفقير . 
الرأي الثاني : يرى الإمام أبو حنيفة أن للمريض مرضا غير مزمن أن يستيب غيره ، فإن شفي من مرضه وقدر على الحج بنفسه بعد ذلك لزمه الإعادة ، وإن لم يقدر على الإعادة بنفسه ، أجزأه ما تم فعله .
وحجة هذا الرأي : أنه إن شفي من مرضه المرجو زواله ، لزمة الإعادة دون خلاف ، وإن لم يشف منه ، لم يلزمه لأنه عاجز عنه بنفسه  ، فأشبه المأيوس من شفائه ، فيأخذ حكمه . 
مناقشة هذا الاستدلال : لا نسلم لكم الاستدلال بالقياس سالف الذكر ، وذلك لأنه قياس مع الفارق فيكون باطلا :
وبيان الفرق : أن استنابة المريض المأيوس من برئه جائزة بنص الحديث ، فلا يقاس عليه إلا ما كان في معناه ، والمريض الذي يرجي زوال مرضه ليس كذلك ، فلا يقاس عليه .
الرأي الراجح : 
يبدو لي بعد العرض السابق لآراء الفقهاء وأدلتهم في هذه المسألة رجحان ما ذهب إليه القائلون بعدم صحة الاستنابة في الحج عن المريض مرضا يرجى زواله ، وإن فعل ذلك فلا يجزئه ، ويلزمه الحج بنفسه ، إن شفي بإن الله تعالى ، وذلك لأن النيابة في الحج عن المريض وردت على سبيل الاستثناء ، في الشيخ الكبير الذي لا يثبت على الراحلة ، ويدخل فيها من كان في معناه ، كمن كان مريضا مرضا لا يرجى شفاؤه ، أما من لم يكن بهذه الصفة ، فيرجع في حكمه إلى الأصل العام ، وهو قيام بنفسه في أداء الأعمال البدنية ، التي كلف بها من قبل الشارع الحكيم . والله أعلم .

0 تعليقات:

إرسال تعليق