Ads

المذبحة


منال عبد الحميد‏

كانت آثار المذبحة ما تزال طازجة ،.
بقع صغيرة من الدم النيئ تملأ الحوائط وتسيل في خطوط متعرجة لتصب على الأرض المغطاة بالكامل بلطع كبيرة من الدماء مازال بعضها ساخناً .. كان هذا المشهد في الطرقة ! 
أما في الصالة فقد كان المنظر لا يُحتمل .. ثلاثة أجساد ممزقة الصدور والبطون ، ورأسين منفصلتين عن جسميهما ، وقد عُجن شعرهما بالدم .. وسبع أصابع ملقاة هنا وهناك منهم سبابتين وإبهام وثلاثة أصابع وسطي وخنصر واحد وكانت جميعها منزوعة الأظافر!!!
بجهد بالغ نجحت في اجتياز الصالة لأصعد السلم المؤدى إلى الطابق العلوي .. وعلى درجات السلم كانت تنساب ثلاث مجارى دموية واضح أنها قادمة من أعلى .. وقد سالت هذه المجارى الدموية على درجات السلم وهى تحمل وسطها قطع ممزقة من الجلد المتهرئ، المليء بالثقوب .. وعلى الدرجة السادسة كان يوجد شيء ملقى يشبه الجنين الغير مكتمل ، ولكن المشيمة لا تزال لاصقة فيه!!!
وعلى آخر درجات السلم كان هناك حبل يتدلى – تم تثبيته في مكان المصباح الذي كان يضيء السلم للنازل والطالع - ومن هذا الحبل كان يتدلى جسد عملاق جحظت عيناه وبرز لسانه من حلقه ، ولكنه لم ينجو هو الآخر من التمزيق ، فكانت أنفه مقطوعة وقد احتل الدم الجاف مكانها ، وكانت بطنه مفتوحة وأحشائها تتدلى منها حتى تلامس درجة السلم القريبة منه !!!
- وقبل أن أهرب من أمام هذا المشهد البشع ، أفزعتني قطرة دم سقطت على وجهي ، وعندما رفعت عيني وجدت جثة يتدلى نصفها فوق حائط السلم في الدور الثالث وينقط منها الدم نقطة نقطة !!!
في الدور الثاني لم تكن هناك أية جثث ! وكان يبدو أن قاطنيه عندما فاجأهم الهول لاذوا بالفرار عن طريق السطح والآخرون حاولوا الفرار من الدور الأرضي .. ولكن لم ينجوا هؤلاء ولا هؤلاء !!
- رغم عدم وجود قتلى هاهنا إلا أن سيل الدماء الذي كون المجارى الثلاث على السلم مازال يجرى !! فدرت ببصري هنا وهناك لأرى من أين تأتى بحيرات الدم هذه ،ولاحظت أن منبعها يكمن في مكان ما خلف الستارة الرماية ! وعندما أزحتها وجدت الدم ينهمر من فتحة في السقف تقع داخل حمام الدور الثالث !!
- ما أدهشني أن السلم هنا كان لامعاً براقاً ولا يوجد عليه أي أثر من مخلفات المذبحة !!

وفى الدور الثالث كان الهول بعينه ، فقد وجدت ما لا يقل عن ستة جثث مذبوحة من رقابها ومعلقة من أرجلها في الحمام .. هذا إذاً هو منبع الدماء التي تجرى بأسفل !!
- وفى الصالون وجدت أن كل شيء منظم ونظيف كما هو بالضبط وكأن شيئاً لم يحدث ، فالمقاعد مرتبة والمنضدة التي تتوسط المكان عليها طبق فاكهة كبير مليء بالتفاح والفراولة والطماطم ! بل إن التليفزيون كان مفتوحاً أيضاً، فاسترخيت على كنبة وثيرة ، ثم أخذت في مشاهدة فيلم عن (دراكولا) كان معروضاً على القناة الثانية ، ومددت يدي إلى طبق الفاكهة وتناولت تفاحة وقضمت أول قطعة منها ولكن طعمها كان مقززاً فألقيتها من يدي ورفعت يدي لأجدها غارقة في سائل أحمر لزج

ففزعت.. لقد كانت التفاحة ذاتها تنزف دماً !!!
تركت هذا المكان وقد اعتراني الفزع وركضت .. ركضت بلا توقف ، ومر كل شيء أمامي كالبرق : طبق الفاكهة ، الصالون، (دراكولا) يفغر فاه .. الحمام والجثث المعلقة فيه ، 
السلم البراق ، الستارة الرمادية ، سيل الدماء ، الجثث المعلقة في نهاية السلم ، المجارى الدموية ، الجنين الغير مكتمل ومشيمته ، الأصابع مقلوعة الأظافر ، الرؤوس والأجساد الممزقة ، بقع الدم النيئ ...
لن أعود ها هنا .. لن أسرف في طعام العشاء وسأتغطى جيداً .. ولن أفزعك يا أمي الحبيبة ثانية على صوت صراخي في منتصف الليل !!
-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق