سارة طالب السهيل
كاتبه عراقية
التصوف من أسمى صورالتعبد وأرقاها ، فمن لم يفهم معنى التصوف الحقيقي يتصور أنه اعتكاف مطلق وزهد وتعبد ليل نهار، بل إن هناك الكثير من المتصوفة الذين يتمسكون بحب الله وتقواه وبآخرتهم . كما يتمسكون بالدنيا وشهواتهم المحللة من الله ، وهذا يعنى أنهم لا يرفضون الدنيا لكنهم يعيشونها وفقا للمنهج الإلهى الذي يدعوهم للتمتع بحلال الله دون ما حرمه المولى ـ عز وجل ـ وأتصورأن الأديب الراحل نجيب محفوظ كان نموذجاً للإنسان الذي يتبنى روح الصوفية من حيث إعمال العقل والتدبرفي خلق الله ، والبساطة في التعامل مع كل الطبقات دون الانبهار بالدنيا وغرورها .
ففي تقديري أن كل إنسان يستطيع أن يختلي بنفسه ولو حتى وسط الناس والجماهيرليناجى ربه بسمو ورفعة وطهارة نفس وبياض قلب ، فهو متصوف ، وبرأيي أن ديننا الإسلامي الحنيف ترك مساحة كبيرة للروحانيات ولصعود الروح لأقصى رقعة في السماء ، فسمح الله لنا بالوصول إليها وبمناجاة كل من يمثل خلق الله على الأرض فمن الذي قال إن الأشجار والأحجار والجبال من حولنا لاتسمعنا بل وتفهمنا ؟! فلم لانخاطب الأشياء وكل المخلوقات كما نخاطب من يفهم لغتنا ؟ فربما لغة الروح اقوى من أى لغة في العالم ، هناك من لايفهم منطقك وأنتما تتحدثان نفس اللغة ، وربما يفهم الحيوان ما بداخلك في بعض الأحيان ويقدرشعورك ، فمن الذى يجعلك تتواصل مع الآخر؟ طبعا الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو من جعلك تشعر بقدرته ولو أمعنت النظر فما أدراك لشعرت بكل شيء حولك ، وربما تأخذنا الدهشة قليلاً لو علمنا أن الصوفية موجودة قبل الإسلام بزمن بعيد ، بالأخص في قريش وفي اليمن وأصل الصوفية يعود لرجل يدعى « الغوث بن مر » الذى يلقب بـ « صوفة» وقد نذرته أمه للكعبة ولقبته بصوفة ، والصوفية بشكلها الأصلي تعني الانقطاع عن الدنيا ، ونذر النفس لله ، وخدمة الكعبة والحجاج أو بيوت الله ، وقد كانوا يرتدون الصوف كنوع من الزهد عن المظاهر والمغالاة وذلك تيمنا بإبراهيم ـ عليه السلام . وبعض الناس يعتقدون أن كلمة التصوف جاءت من كلمة « سوفيا » وهى كلمة يونانية تعني الحكمة وبعضهم اعتقد أن التصوف من الصفاء .
ومن أشهر المتصوفين في التاريخ هو الشاعرالعراقى الحلاج ، وابن عربي ، وابن الفارض .
ويلخص الحلاج تصوفه وعلاقته بربه بقوله : ما رأيت شيئًا إلا ورأيت الله فيه وبالرغم من إيمانه وتصوفه لله فقد قتل مصلوبا بعد ضربه ألف سوط وقطعت يداه ورجلاه ، ولم يكن يسكت عن قول : أحد أحد ، إلى أن صلب وأحرقت جثته وألقيت أشلاؤه في نهردجلة ظلما وبهتانا لأغراض شخصية وسياسية حيث اتهم باطلاً بالكفر والإلحاد !!
ومن شعره :
اقتلوني يا ثقاتي
إن في قتلي حياتي
ومماتي في حياتي
وحياتي في مماتي
أنا عندي محو ذاتي
من أجل المكرمات
وهنا..باستطاعتك أن تقرأ المسرحية الأولى من مسرحيات صلاح عبدالصبور الشعرية ، إنها بعنوان : مأساة الحلاج ، وسترى فيها تحليلا عصريا ( إجتماعيا سياسيا ) وشعريا لهذا المتصوف العظيم .
ما اجمل ان نطهر قلوبنا بذكر الله و مناجاته و التضرع له طمعا في حبه وفي قربه وان تكون الغايه حبا اكثر من خوفا لانه الحليم الرؤوف الرحمن الرحيم لانه المحبه و لانه من علمنا الحب و الخير و السلام هو من يريد مناجاتنا اليه كرما و عطفا منه علينا نحن الصغار امام جلاله و عظمته و هيبته ،يجب ان لا تبعدنا الذنوب عن قربه و لا تحول معاصينا دون اللجوء اليه توسلا و تضرعا فنغسل همومنا و نسند ظهورنا على الخالق وليس على مخلوق نشكو له ضعفنا و قلة حيلتنا و نستمد من قوته نصرا بالخير و للخير على الشر و الاشرار ربما يحاسبنا الله على مظهرنا و لكنه اعمق بكثير و اعدل بكثير و ارحم بكثير من انه يظلمنا بالحكم على صورنا بدلا من قلوبنا و افعالنا
خذني اليك يا الله فولدت بأمر منك و عشت برحمتك و نجحت بفضلك و مننت علي بعطفك و لطفك و كرمك نجيتني من الاشرار و بدلت لي الخبيث بالطيب و لم ترضى لي الذله و لا المهانه و انزلت علي من رفعتك كرامه، واحد احد فرد صمد الاهي انت ملجأي و مرادي
0 تعليقات:
إرسال تعليق