جيهان السنباطى
(حسنة قليلة تمنع بلاوى كتيرة ) (الهى يسترك يابنى ويباركلك ويوسع رزقك ) ( ربنا يكرمك مايحرمك ) كل هذه وغيرها كلمات يستخدمها الشحاذين والمتسولين يستدرون بها عطف الناس ليحصلوا منهم على مايريدون .
وقدانتشرت ظاهرة التسول اطفالا وشبابا وشيوخا بشكل كبير فى القرى والمحافظات فى الفترة الأخيرة خاصة فى ظل عدم المتابعة الأمنية والاهمال الملحوظ من الحكومة وتردى الاوضاع الاقتصادية للبلاد , ويلاحظ أن كل منهم له طريقته وأسلوبه التى يتبعها لكسب تعاطف الناس له ومحاولة مساعدته , فيمنون عليهم بما معهم من أموال ابتغاء رضا ربهم رغم أن منهم من ينتابه الشك أن من هؤلاء المتسولين من هم أيسر حالا منه وهو ماتفضحه الأيام ونراه اما روية العين أو نقرأه فى الصحف , فكم من مرة سمعنا عن متسولين افتضح أمرهم بعد وفاتهم وأكتشفنا أنهم يملكون رصيدا ماليا فى البنوك ومنهم من يكتنز أمواله ويعبئها فى أشولة ومنهم من يخبئها تحت الارض أو داخل الجدران ويحرم نفسه من المأكل والملبس والمسكن والحياة الكريمة طوال حياته , وتنتهى حياته فى لحظة ولايستمتع بما أكتنزه من أموال وفى النهايه تؤول أمواله لورثته اذا كان له أهل وأقارب واذا لم يكن لديه فتؤول تلك الأموال لخزانة الدولة وفى أى حال من هذه الأحوال ستكون أمواله لغيره ويصبح ( مال الكنزى للنزهى ) كما قال أجدادنا , وتعتبر حكايه العجوز المتسول الذى كان يمارس التسول منذ 20 عاما أمام احدى الشركات فى شبرا الخيمة أحدث تلك الحكايات حيث وجدوه فى يوم من الايام ملقى على الأرض جثة هامدة فقام العمال بتفتيشه للبحث عن اي إثباتات شخصية لمعرفة من هو واين أهله ،فيجدون دفتر توفير خاص به مبلغ 335 ألف جنيه تابع لمكتب بريد الزاوية الحمراء وتم نقل الجثة إلى مستشفى ناصر العام وإخطار نيابة قسم ثاني شبرا الخيمة بالواقعة وسط حالة من الذهول والتعجب مما يحدث .
وقد تابعت تلك الظاهرة للتعرف على الطرق التى يتبعونها لكسب تعاطف الناس ومن خلال تلك المتابعة وجدت أشياء عجيبة قد لايصدقها عقل ولن يصدقها الا من رأها ففى ميدان حدائق القبة بالقاهرة مثلا هناك أمرأة تجلس على أحدى الأرصفه تبيع ليمون وجرجير وبصل أخضر ترتسم على ملامح وجهها تعبيرات الحزن واليأس ترتدى جلباب قديم أسود تحمل طفلا رضيعا على قدمها ولديها أربع أطفال أخرين فى أعمار متقاربة حالتهم رثه ويرتدون من الملابس القليل جدا هى فى الغالب لاتبيع ماتفترشه ولكنها تستعطف الماره لاعطائها ما يمنون عليها به حقيقة كنت أتعاطف معها لضيق يديها ولظروفها التى ترويها لكل من يقف أمامها فتجعلك تعطيها وأنت راضى وذات يوم وأنا أمر بنفس مكانها فى فترة متأخره من الليل وجدتها وهى تلملم أشيائها وأطفالها وتستقل سيارة أجرة ( تاكسى ) مكيف فأصابنى الذهول فكيف تكون فى هذا الاحتياج والضيق ثم تدفع أجرة تاكسى مكيف .
وأمرأة أخرى منتقبه ترتدى السواد وتجلس على أحد الأرصفه تضع على قدمها طفلا رضيعا وبجانبها اخر نحيف ذليل شاحب اللون وترفع يديها بمناديل ورقيه لكل المارة مع سيل من الدعوات "ربنا ما يرميكم في ضيقة" ، "ربنا ما يحرمكم من ضناكم" مفردات في قاموس التسول نسمعها كل يوم عشرات المرات فى الطرق العامة وعلى أبواب الجامعات وفى المواصلات.لا أعتقد ابدا أنها ترتدى النقاب عن تدين ولكنها للأسف تستخدمه لاخفاء شخصيتها وملامحها .
ورجل يحمل فى يديه روشتات العلاج وصور اشاعات وتتدلى من جانبه خرطوم من البلاستيك فى اخره درنقة مليئة بالسوائل فيقول لك أنه مصاب بمرض خطير ويسألك أن تساعده فى شراء العلاج وبدون تفكير تعطيه .
وشابة أخرى ترتدى ملابس قيمة تستوقفك فى الشارع وهى تبكى وتؤكد أن نقودها تم سرقتها وليس معها مال يساعدها على الرجوع الى بلدها مع القسم بالله بأنها من عائلة كريمة وأنها أول مرة يحدث لها هذا الموقف وبمجرد أن تعطيها ماتريد تجدها تستوقف سيارة اخرى او أحد الماره وتكرر نفس الحوار .وشيخ يجهش بالبكاء أمام أحد المساجد واطفال تغسل زجاج السيارات فى اشارات المرور واخرون يبيعون الفل والخردوات ومنهم ما يستخدمون الايماءات التى توضح أنهم جوعى .
لاأبالغ اذا وصفت مهنة التسول بأنها مهنة عريقه تحتاج الى توفر صفات خاصة فيمن يمتهنها فهى تحتاج الى الذكاء والدهاء والصبر وبما أنها مهنة مربحة فمن الطبيعى أن يلجأ اليها الصغير والكبير فى ظل الارتفاع الشديد فى نسبة البطالة والفقر وانتشارالعشوائيات وانهيار وتردى الاوضاع الاقتصاديه وغياب القانون ودور وزارةالداخلية لتنفيذ العقوبات المقررة ولكن لانتشار هذه الظاهرة خطورة كبيرة على المجتمع ومن أجل ذلك فيجب التصدى لها ووضع حلول مناسبة للتخلص منها لانها تحولت الى امتهانا وليس احتياجا .
0 تعليقات:
إرسال تعليق