Ads

باقى من الزمن

سماء سالم


فى السابعة من عمرها تمنت لو تصبح ممثلة ....- ﻻ عيب التمثيل عيب وحرام...تقولها فى حزم-فى العاشرة تمنت لو تكتب كتاباً فى الفلسفة ...عن الفلسفة "ان الفلسفة هى العلم المتكبر" .....!!!-ايه؟!!-فى الخامسة عشر تمنت لو تصبح صحفية -يضحك فى حيادية ...يعقد حاجبيه فى استغراب ...صحفية من اللى هما بيلفوا على اﻻقسام والحوادث ...وحتكتبي ايه بقى؟؟يبادره اﻻخر بعدما يأكل ملعقة مكرونة مسطحة محدثاً صوتاً ناتج عن احتكاك اسنانه بالملعقة :لأ يعنى حتطلع مُدرسة صحافة فى المدرسة تشرف على اﻻذاعة المدرسية!!-تحدق فى طبقها الممتلئ ...تدمع عيناها ...تفاجئها نوبات القئ المعتادة ...تستدعى كشكولها اﻻزرق ...تكتب قليلا وتنام!!-فى الثامنة عشر تتمنى لو تصبح كاتبة ...تفكر ان تؤلف كتاباً ...ليس عن الفلسفة -فى العشرين من عمرها ...تتمنى لو ان الخمس جنيهات تكفى ﻻجرة مواصلات الكلية وان تجلب لنفسها "كيس شيبسي بالشطة والليمون"...ويبقى شيئاً منه تدخره لشراء كتب عبد الوهاب مطاوع !!-فى الثالثة والعشرين لم يتبقى لها سوى القراءة ....- وﻻنها تحب الرسائل ...وتحمل دائماً معها قلم وورقة فارغة وكتاب وﻻنها ترجع الى بيتها دائماً فى الخامسة وتنتظر نوبةالقئ فى السابعة ...كانت تكتب فى الثامنة وﻻزالت تحلم بحبيب يقرأ لها امهات الكتب ويشرح لها الفلسفة ...يكتب رسائله اليها ويضعها ما بين حبات الشيكوﻻتة ..."نهار جديد...او غروب جديد...تراه اين ينتظرني؟انا ها هنا اكتب ...اﻻ ترانى اليك اكتب رسائلي واقرؤها ...كل يوم "
يا الهي ...لماذا لم تخلق لي فم كبير واذنين صغيرين لأكل كثيراً كما تأمرنى أمي واتكلم كثيرا كما يتمنى أبي لماذا خلقتنى بعقل يفكر وعيون تقرأ وقلب يتمنى وروح تهفوا الى الطيران ...ولماذا خلقت لى اصابع تحب القلم وتهوى الكتابة ...لماذ لم تخلق لى اصابع تبدع فى صنع صوابع المحشي كما خلقت أختى لماذا لم اخلق مسيحية كي اهوى الرهبنة واسكن هناك بعيدا ﻻ افعل شيئا سوى ان احدق فى السماء واقرا.. ﻻتناسى حلمى الليلي المتكرر ...اراه كل ليلة يحتضننى بشدة يريح انفاسي على الجزء العلوي من صدره يأخذنى بكاملى بين ذراعيه يضغط على ضلوعى بشدة يشعر بدقات قلبي المتناثرة ويكاد يكسر عظامى من فرط ضعفي كل يوم اراه ...وﻻ ارى اى شئ من ملامحه اراه كله وﻻ ارى وجهه ...وعندما احتضننى واقفاً اضطررت الى الوقوف فوق ارجله وسمعته يهمس : متخافيش رأيتنى مرة اخرى معه ...اتناول طعامى وقد نسيتنى نوبة القئ ..!!
بأى شئ كان يفكر ذلك الشاب الذى تحول الى أنثى ...ماذا فعلوا به؟كيف تخلص من عضوه الذكرى؟؟اذكره جيدا وانا فى مدرستى اﻻبتدائية ..كان يبدو طبيعيا جدا ...يبنئ بمشروع رجل وسيماين يكون عضوه اﻻن؟؟هل استأجره منه ...هل يحتفظ به فى صندوقه الفارغ ...هل القاه بالقمامة ؟؟قد يساعدنى جسدي النحيف على ان اتحول الى رجل ...!!نعم ولما ﻻ ...اتحول الى رجل وفي ومخلص ونبيل واكيد ...وسيم 
ربما وقتها استطيع ببساطة تقبيل اى بنت اقابلها او ارتبط بها بمنطق اننى رجل ..و رجل وسيم ..ساتخلص تماما من تلك النظرات التى تتفحص جسدي باستمرار ...سأتخلص من صورة الانثى الباهتة التى اراها كالطيف حولى وﻻ اشعر بها سأتخلص من ذكرى حبيبأ طلب تقبيلي عنوةً وعندما رفضت تركنى ومضى !!سأتخلص من كل تلك اﻻدعاءات واﻻتهامات السخيفة بأنني معقدة وضيقة اﻻفق وارتدى الكثير من الملابس !!وقتها لن ارجع الى البيت ابدا...ولن اجد احداً يتندر على نحولى الزائداو يفاجئني بقوله "انتى محترمة زيادة عن اللزوم"!!
او من يبادرنى بقوله"انتى ماشية كده ليه ...المشية دى مش كويسة!!
تراه اين ينتظرنى اﻻن ...انا ها هنا اكتب اين انت اليك اكتب رسائلي واقرئها اين انت؟؟باﻻمس فكرت ان اسأل ...ﻻبد لى ان أسألك ...ﻻبد لك ان تعرينى وتكتشفنى ...فأنا جاهزة اﻻن ..!! 
رايتك باﻻمس معى تركتنى بعد ما قضيت معى اسبوعا كاملا تركت لى رسالتى وذهبت ...باﻻمس حزنت ...ﻻنك لم ترد على رسالتى اﻻخيرة أتراك قد اكتشفتنى اخيرا وقررت ان تتركنى وتمضى ...كم من الزمن احتاج ﻻن اجدك ...وكم من الزمن تحتاج حتى ترحل عنى وتتركنى نصف انثى كعادتى !!
اعرف ان كلماتى ورسائلي اصبحت سخيفة ومكررة ورتيبة انه اخفاق جديد من اخفاقاتى
فى الخامسة والعشرين ...تمنت لو تتوقف عن كتابة الرسائل ... 
مر أكثر من نصف ساعة وحتى اﻻن لم يحضر ﻻزالت أحدق بتلك اللافتة الذهبية التى تحمل اسمه ...احاول ان اتذكر ملامحه بدقة حتى ﻻ يفاجئني بحضوره القاسي ...والذي يصيبنى بضيق نسبي فى التنفس وضربات قلب سريعة ومتلاحقة ...يبدو ان الدكتور هاني لديه مفهمومه الخاص حول الزمن ...مر حوالى ساعة من زمنى الخاص ..منذ ان ايقظني من عرائس خيالي على سؤال مفاجئ ...لم اسمعه ولم الحظه اﻻ عندما  أشار الى مقعدى حيث اجلس فى المنتصف تماما  توقعت سؤاله وكانت اجابتى حاضرة فى ذهني فى نصف دقيقة دكتور فى اول خمسة عشر دقيقة من اول محاضرة " طبعا يسألنى السؤال التقليدى...احنا بنقول ايه؟!!"
ولكنه فاجأنى مرة اخرى بسؤال اخر حول يدي الممسكة بقلم الحبر اﻻسود واستعدادى بوضع الكتابة  فى حين ان ورقتى بيضاء تماما !!لم يسعفنى عقلي باﻻجابة المناسبة ...فكيف لى ان اعبر فى هذه الفترة من الزمن عن اخفاقاتى الليلية  المعتادة فى الكتابة  ومع ذلك لم ايأس من امكانية معاودتى لممارسة الفعل الوحيد فى حياتى ...وعن تكملة اى جملة ...جملة وحيدة مفيدة ..-ابتسمت له ابتسامة بلهاء فبغاتنى بسؤال اخر واخير عن اسمى -اسمك جميل ...انا موجود فى المكتب بعد عشر دقايق من المحاضرة
وها هو باب مكتبه مغلق بمفتاح تتدلى منه ميدالية على شكل كرة وردية اللون الوردى يتفق تماما مع اسم كاسم هانى !!
ينفتح الباب فجأة ...يستقلبنى شاب ثلاثيني يناديني باسمي اراه يتحدث من وراء ﻻفتة اخرى زرقاء تحمل اسم  دكتور "هادي هائم"يجيب على سؤال ام اسأله احدق فيه باندهاش  يخيل الى اننى اراه ﻻول مرة اعاود النظر فى اوراقي فأراها سوداء !!
-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق