Ads

الوضع الاقتصادي المصري مابين واقع أليم وموازنة تضاعف من آلامه

الحقيقة المؤلمه للاقتصاد المصري التي يجب أن نواجهها بكل شفافية وموضوعية أن اقتصادنا يواجه وضعاً هو الأسوأ فى تاريخه ويظهر هذا جلياً في التدهور الحاد للمؤشرات الأقتصادية طبقاً للبيانات الصادرة من وزارة المالية المصرية والهيئة العامة للإستثمارمن تحقيق الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو متواضع بنسبة 1.2% خلال النصف الأول من العام المالي 2013/2014 في حين بلغت نسبة البطالة 13.2% وبلغ معدل التضخم 8.27% وعجز في الميزان التجاري بنسبة 16.8% ليسجل نحو 15.4 مليار دولار وانخفاض صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلي 4.7 مليار دولار بنسبة 05% من الناتج المحلي الإجمالي تقريباً وعدم استقرار أسعار الصرف وانخفاض صافي الاحتياطي الدولي ليصل إلي 17.3 مليار دولار وإنخفاض السيولة الدولارية وتفاقم حجم السوق السوداء للصرف الأجنبي.


في ظل تفاقم عجز الموازنة الذى بلغ ٢٤٠ مليار جنيه فى العام المالى الماضى 2012/2013 أى ما يعادل ١٣٫٨٪ من الناتج المحلى الإجمالي وسجل العجز الكلي 163.3 مليار جنيه مصري خلال العام المالي الحالي 2013/2014  أي مايعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي ومن المتوقع أن يصل بنهاية العام المالي الحالي إلي ٢٠٠ مليار جنيه مصري تقريباً أي مايعادل 11.5% من الناتج المحلى الاجمالي وأنخفض العجز عن العام المالي السابق بفضل المساعدات الخليجية والتي شكلت 2.5% من الناتج المحلى الاجمالي بينما وصل العجز فى الموازنة المقترحة من الحكومة للعام المالي القادم 2014/2015 (والتي رفضها رئيس الجمهورية) إلى 288 مليار جنيه أى أكثر من 12٪ من الناتج المحلى الاجمالي, وقد أدى تصاعد العجز إلى تفاقم إجمالي الدين العام (محلي وخارجي) الذى وصل لقرابة 85.9٪ من الناتج المحلي والذي بلغ 1746 مليار جنيه مصري وسجل الدين الخارجي فقط (حكومي وغير حكومي) 45.8 مليار دولار أمريكي في ديسمبر 2013 أي نحو 15.5% من الناتج المحلي في ديسمبر 2013 وارتفعت تكلفة خدمة الدين لقرابة ربع الموازنة.

وتفاقم الدين العام وانخفض صافي الاحتياطي الدولي في الوقت الذي نحتاج فيه تمويل العجز في موازنة العام القادم والمقدر 288 مليار جنيه أى ما يعادل 40 مليار دولار بالإضافة إلي مدفوعات خارجية ربما تصل إلى تسعة مليارات دولار خلال ستة إلى سبعة أشهر المقبلة، وفي ظل إحتياج تمويلي استثماري لضخ استثمارات عاجلة بما يتراوح ما بين 30 و40 مليار دولار لتغطية خطة الاستثمارات لتحفيز نسب التوظيف والنمو في المدى القصير, هذا في الوقت الذي أنخفض فيه القطاع السياحي بشكل حاد وانحصر أعداد السياح الوافدين لمصر ليبلغ 755 ألف سائح, وفي ظل توقف 4600 مصنع تقريباً عن العمل ومديونيات مستحقة على الدولة لقطاع البترول,وارتفعت التكلفة الـمالية للدعم الحكومي الذي وصل لقرابة ثلث الموازنة وخاصة دعم الطاقة الذي يلتهم نحو 20 بالمئة من الموازنة العامة بشكل أرهــق المـوازنة العامه وأدى لرفـع مـستــويات الديـن الـعام مما أدى بدوره الى  نقص حجم الأموال المتاحة لأوجه الإنفاق الأخرى ذات الـصلة بالتـنمية والعدالة الإجتماعية, حيث مثل الإنفاق على الدعم أكثر مما تم إنفاقه على الصحة والتعليم والبنية التحتية وتطوير شبكة الضمان الإجتماعي, في الوقت الذي يعاني فيه الدعم الحكومي من تدني نسب الكفاءة وارتفاع نسب الهدر وعـدم استـهداف محدودي الدخل في صورة جيدة حيث تعود منافعه بالدرجه الأولى على المستهلكين الأيسر حالاً ولصالح الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وزيادة الاسـتـهلاك الكثيف وغير الفاعـل للطاقة بسبب أسعارها المتدنية وتهريب الوقود عبر الحدود للاستفادة من الفروق السعرية مع الدول المجاورة.

في ظل عدم كفاءة الجهاز البيروقراطي والفساد والنظم الضريبية التي لاتدعم التنافسية وغياب الشفافية وعدم المساواة في الحصول على التمويل, وتضاعف حجم الاقتصاد الغير رسمي بشكل كبير حيث أشارت التقديرات الغير رسمية إلى أن حجم الاقتصاد الغير الرسمي ضعف الاقتصاد الرسمي وذهبت تقديرات أخرى إلى ثلاثة أضعاف, وتشير الدراسات إلى أن الاقتصاد الغير رسمي أو الموازي كان السبب في أن يظل الاقتصاد المصري صامدًا خلال المراحل الإنتقالية وماصحبته من اضطرابات حادة ويرجع السبب الرئيسي لزيادة وأتساع حجم القطاع الغير رسمي إلى إضطرار كثير من الأعمال الصغيرة إلي العمل في القطاع الغير رسمي نتيجه ماتفرضه البيروقراطية من أعباء ثقيلة.

في الوقت الذي أثرت فيه ممارسات القطاع الخاص على الاقتصاد المصري والذي اهتم بالاستئثار بملكيات القطاع العام التي تحولت إليه لتزيد تركز الثروة ولم يبادر باستثمارات جديدة مولدة لفرص العمل مما أدى لإرتفاع نسب البطالة وعجزت الحكومات المتعاقبة عن استيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل, في ظل وجود شبكات ضمان اجتماعى مقيدة ووصول الخلل فى عدم المساواة بين الأفراد فى الدخل والثروة لدرجة تمزق نسيج المجتمع, وكانت أحد أهم الأسباب وراء خروج الشعب هو الشعور بالسخط وعدم الرضا لنقص الفرص الاقتصادية والبطالة المرتفعة ولكن البطالة أرتفعت مع الأسف على مدار الثلاثة سنوات الماضية نتيجة للنمو المنخفض وضعف ثقة القطاع الخاص وتفاقم انخفاض الاستثمار فى البنية التحية لسنوات وتدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب الاضطرابات المصاحبة للفترات الأنتقالية والصراعات الأقليمية والآفاق السياسية الغير واضحة وتراجع التنافسية والبيئة الاقتصادية الخارجية المليئة بالتحديات في ظل أن فرصة وجود استجابة اقتصادية شاملة قوية محدودة الآن وعلى المدى القصير.

وأنتظرنا بترقب إصدار وزارة المالية المصرية لخطة إصلاح اقتصادي طويلة الآجل تواجه هذه التحديات وإصدار موازنة العام المالي القادم 2014/2015 لتكون بمثابة نقطة الإنطلاق لتطبيق خطة إصلاح اقتصادية حقيقية بإجراءات إصلاحية جذرية يشعر الشعب بأثارها الإيجابية خلال عامين وتنتهي بوضع الاقتصاد المصري على خريطة الاقتصاد العالمي, ولكن لم يتم إصدار خطة إصلاح اقتصادي طويلة الآجل وأصدرت وزارة المالية المصرية فقط الموازنة المقترحة للعام المالي القادم 2014/2015 يصل فيها العجز إلى 300 مليار جنيه مصري بنسبة تزيد عن 12 % من الناتج القومي الإجمالي وتفاقم إجمالي الدين العام ليتخطى 2.1 تريليون جنيه مصري والتي رفضها رئيس الجمهورية فيما بعد, لنجد في النهاية أننا أمام موازنة مقترحة من الحكومة للعام المالي القادم لم تتمكن من مواجهة المشاكل الاقتصادية للاقتصاد القومي بل العكس ماهي ألا مزيد من تعميق وزيادة لحجم المشاكل والأعباء الاقتصادية على كاهل الاقتصاد المصري والإصلاحات التي شملتها هي في مجموعها مسكنات مؤقته تبتعد بشكل جذري عن وضع خطة إصلاحات حقيقية للاقتصاد المصري.


كتب: محمد رضا
مدير إدارة المخاطر بإحدى شركات تداول الاوراق المالية الكبرى العاملة بالبورصة المصرية
الفائز في مسابقة صندوق النقد الدولي "بناء المستقبل" للإصلاح الاقتصادي

0 تعليقات:

إرسال تعليق