Ads

مشكلة "التمساح" في مؤسسات الصحافة القومية ..

مؤنس زهيرى


جاءت دفعة تعيينات رؤساء مجالس إدارات و رؤساء تحرير الصحف القومية عام 2005 من مجلس الشوري وقتها بمنطق فكر إداري أقل ما يوصف به أنه فكر إداري قاصر ناقص مغيب لا يعي الرسالة الأساسية للمؤسسة الصحفية و هي المشاركة الفاعلة في تكوين الفكر و توجيه الرأي العام و تكوين الثقافة للمجتمع بصفة عامة ..

فقد "إخترعت" تلك الإدارة منطق تحميل الإصدار الصحفي كل المسئولية في خسائر المؤسسة .. و بالتالي فقد أصبح رئيس تحرير الإصدار هو "المتهم" الأول في المؤسسة كلها و المتسبب الأوحد في تحقيق كل تلك الخسائر .. و إنزوت الصحافة خجلاً و كسوفاً ظناً منها أنها هي السبب في إندحار الوضع الاقتصادي للمؤسسة .. فراح كل رئيس تحرير – خوفاً من الخسائر - يحسب "تكلفته" قبل أن يهتم بـ "صحافته" .. مع أن الأمر غير ذلك علي الإطلاق ..

و حقيقة الأمر بصفة عامة – دون الدخول في تفصيليات - أن هناك مصروفات إدارية أكثر من اللازم – قد تصل إلي حد السفه - يتم تحميلها علي الإصدار الصحفي مع أنه لا يستفيد منها بطريقة مباشرة في إنتاج الإصدار ذاته .. و مع ذلك يتم تحميلها عليه لتكون النتيجة تلك العبارة المجحفة الجاهلة "الإصدار ده خسران" ..

ذلك الفكر العقيم الذي تفتق عنه إختراع إدارة الجهل بإعتبار كل إصدار هو "وحدة إقتصادية مستقلة" هو الذي أدي إلي التدهور السريع في الوضع الاقتصادي و الإداري داخل مؤسسة الصحافة القومية .. لتكون النتيجة النهائية هي أن إدارة النقل و الحركة (الجراج) تحقق أرباحاً في نهاية العام المالي للمؤسسة بينما الإصدار الصحفي ذاته يخسر مع أنه هو السبب الأول في تشغيل كل قطاعات المؤسسة الأخري بلا إستثناء ..

يوماً .. في اجتماع ضم كل رؤساء تحرير إصدارات مؤسسة أخبار اليوم و كل القيادات الإدارية فيها - من الإعلانات و التوزيع و المطابع - فيها و كان برئاسة أحد رؤساء مجالس الإدارات السابقين لمناقشة أسباب خسائر المؤسسة و التي كانت سهامها توجه أساساً نحو قلب كل إصدار صحفي "هل من المعقول أن تكون قطاعات الإعلانات و المطابع و التوزيع بل و الجراج تكسب و الإصدار ذاته خسران .. يعني هل من المعقول أن الطيور التي تأكل بواقي الطعام من بين أسنان التمساح و تكبر و تنمو وتتزاوج و تتناسل .. بينما التمساح نفسه هيموت من الجوع" .. و تلك هي المشكلة فعلاً ..

في مؤسسات الصحافة القومية صاحبة التاريخ الوطني الكبير في خدمة الوطن .. يجب أن تكون الإدارة في خدمة الصحافة و ليس العكس كما حدث و تم إقراره من قبل .. و لا يزال حادثاً حتي الآن ..

الإدارة يجب أن تسخر كل إمكاناتها لتيسر الأمور للصحافة أن تبدع و تنافس بقوة إصدارات المؤسسات الأخرى في سوق أصبح مكتظاً بل و وصل إلي حد التخمة من الإصدارات المتنوعة .. و تلك هي المهمة الأساسية لإدارات تلك المؤسسات نحو تحقيق الربح المستهدف .. هذا إن أرادت أن تنجح و تحقق أرباحاً بالفعل ..

0 تعليقات:

إرسال تعليق