الخرطوم/
عبدالحميد شومان
أنهى
الرئيسان عمر البشير والمصري د. محمد مرسي مباحثات مشتركة استمرَّت ليومين
بالخرطوم أمس تلخَّصت في التوافق على عدة محاور سياسيَّة واقتصاديَّة وأظهرت
تواؤمًا كبيرًا بشأن عدد من القضايا بين البلدين. وأكَّد الرئيسان تطابُق وجهات
النظر في المسائل الحدوديَّة وموضوعات حوض النيل واعتبرا المباحثات بمثابة حجر
زاوية أساسي ومحوري في فتح أبواب العلاقات تمامًا بين السودان ومصر توطئة لمستقبل
أكثر من التكامل وهو الوحدة.
سد الألفية
وكشف الرئيس البشير عن انخراط لجنة دولية في
دارسة سد الألفية الإثيوبي وتأثيره على السودان ومصر، وأفصح عن اتفاق سوداني
إثيوبي للتعاون في حوض النيل، وقال في مؤتمر صحفي مشترك بالصالة الرئاسية بمطار
الخرطوم في ختام زيارة مرسي للسودان إن هناك محاولات لخلق أزمة بين دول حوض النيل
والممر والمصب، وأضاف: «هناك محاولات لكن قادرون على تجاوزها»، وأعلن الرئيس
البشير مصادقة السودان على كل بنود اتفاق الحريات الأربع مع مصر ومضى بالقول: «من
جانبنا صادقنا ونتوقع من مصر إجازة الاتفاق ومهمتنا إزالة العوائق التي تعتري
تحركات المواطنيين»، وجزم البشير بأن «لا عصبية للسودان في موضوع الحدود»، وأردف:
«ما في توترات ولا مشاكل ولاشلتو أرضنا ولا شلنا ارضكم»، وأضاف أن العلاقة بين
السودان ومصر علاقات أزلية إلا أنها ترتفع وتنخفض، وذكر: «هدفنا إزالة العوائق من
تلك العلاقات ومن أمام المواطنين».
ودمغ البشير الاستعمار بأنه السبب في قطع طرق
التواصل عبر الطرق بين البلدين، وأكد أن ذلك العائق زال الآن بالتوجيهات الفورية
بفتح طريق شرق النيل وافتتاح طريق غرب النيل والطريق الساحلي قريبًا.
العودة
الحقيقية
في المقابل أكد الرئيس مرسي أن الخرطوم والقاهرة
متفقتان وقال: «نتحرك منذ يونيو الماضي نحو العودة الحقيقية للعلاقات مع الأشقاء
الأفارقة ونرى أن ما مر سابقًا كبوة»، وشدَّد على أهمية بناء علاقات مع دول حوض
النيل، وجزم بالعمل وفق توافق تام مع دول الحوض في إقامة المشروعات على النيل بحيث
لا تؤدي إلى أضرار لأي دولة وقلَّل مرسي من وجود مشكلة حول الحدود بين السودان
ومصر، وقال: «بمرور الوقت ستنتهي كل هذه المشاكل» ونوَّه بانعقاد دورة المباحثات
المقبلة بالقاهرة وقال إن المباحثات التي أجراها مع البشير كُلِّلت بالاتفاق على
إقامة مشروعات مشتركة زراعية وحيوانية ومضاعفة حجم التجارة والاستثمار بين البلدين
وإنشاء مزرعة بحثية بمثابة خبرة للمستثمرين وإنشاء شركة ملاحة مشتركة وإنشاء مناطق
سياحية بالبحر الأحمر والتعاقد مع المصانع لإنتاج الطاقة والوقود الحيوي والدواء،
وقال إن الزيارة حجر زاوية أساسي في فتح العلاقات، وجدَّد مرسي دعم مصر للسودان
سياسيًا وفي كل المحافل، وقال إنه استعرض مع البشير القضية الفلسطينية والأزمة
السورية والعمل على إيقاف نزيف الدم السوري بالتنسيق في كل المحافل لذلك.
لا مبادرة
وفي ذات
السياق أجرى الرئيس المصري حزمة من اللقاءات مع القوى السياسية المشاركة في
الحكومة والمعارضة، حيث التقى النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان، ونائب رئيس
المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع والأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن الترابي
ورئيس جبهة الشرق موسي محمد أحمد والأمين العام لللحركة الإسلامية الزبير محمد
الحسن ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني، وقال رئيس جبهة
الشرق موسى محمد أحمد للصحفيين إن لقاءه بمرسي تناول قضية مثلث حلايب، وأكد أن
مرسي وعد بتذليل كل العقبات والمشكلات التي تحيط بالموضوع، فيما نفى الأمين العام
للحركة الإسلامية أن يكون مرسي طرح مبادرة لتوحيد الإسلاميين لكنه قال إن المساهمة
في توحيد القوى السياسية الوطنية في السودان وجمعها في برامج لتحقيق السلام ونبذ
العنف مقبول من الجميع خاصة الرئيس ونائبه الأول لتوحيد الصف الوطني.وأضاف أن
اللقاء ناقش قضايا الشباب والتأهيل والعمل على مواجهة التغريب المعادي للإسلام
وأوضح أن النقاش انصبَّ حول الهمّ العام للدعوة. وقال د. نافع علي نافع عقب لقائه
مرسي إن الزيارة تفتح آفاقًا جديدة للتعاون السوداني المصري في كل المجالات على
المستوى الرسمي والشعبي لخير البلدين، وأضاف أنهم سوف يبذلون قصارى جهدهم مع القوى
السياسية والأحزاب المصرية بكل توجهاتها لتأسيس علاقة شعبية عميقة متأصلة بين
الشعبين الشقيقين لتكون دعماً لتوسيع قاعدة التواصل وتوظيف خبرات البلدين لمصلحة
شعبيهما. وأضاف أن الرئيس مرسي شجعنا على المضي قدمًا في طريق التواصل السياسي بين
أحزابنا السودانية والمصرية وأن يكون الحوار عميقاً لتحقيق الاستقرار في البلدين
من أجل عمل سياسي تكون الإرادة والقرار فيه عند الشعوب في دورات انتخابية متتالية.
علاقة
متينة
فيما دعا الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن
الترابي في تصريحات صحفية عقب اللقاء إلى علاقة متينة بين شعبي البلدين، وقال إن
هذه العلاقة بين الشعوب هي الدائمة، وأشار إلى ضرورة خلق وحدة شبيهة بنموذج
الاتحاد الأوربي، ولفت إلى أن ما يجمع المنطقة هو وحدة أكبر، وتطرق للدور المصري
في المنطقة العربية والأوضاع الحالية في مصر. من ناحيته ووصف المراقب العام لجماعة
الإخوان المسلمين في السودان، الشيخ علي جاويش، زيارة مرسي للسودان بالتاريخية،
وقال إنها تؤسس لوضع جديد بين الأقطار العربية، وطالب مرسي بأن تعمل مصر على إزالة
العقبات بين الشعوب العربية والسعي للوحدة بين مصر وليبيا والسودان بداية بتحسين
المناهج الدراسية وضرورة استثمار العلاقة بين الشعوب في أن تكون هي الأساس. وأشار
جاويش إلى المحاولات المستمرة لتقسيم البلاد العربية والإسلامية على غرار معاهدة
سايكس بيكو. إلى ذلك نفى نائب رئيس حزب
الأمة القومي، اللواء م. فضل الله برمة ناصر أن يكون الرئيس المصري قد تقدم
بمبادرة بشأن الحوار بين الحكومة والمعارضة، وأكد أن مرسي أبدى اهتمامه بالأمر
ومعالجة ما يجري في البلدين، من ناحيتها رحَّبت القيادية بالحركة الشعبية تيار
السلام تابيتا بطرس بالزيارة وشدَّدت على أهمية التواصل بين السودان ومصر في مختلف
المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاستثمار.
إزالة
الغبار
وفي غضون ذلك أكَّد الرئيس مرسي أن لدى السودان
ومصر كثيرًا من الإمكانات والعزيمة حان وقت الاستفادة منها، وقال للمصلين بمسجد
النور بالخرطوم بحري في خطاب حماسي وسط هتافات عالية للمصلين: «لا يوجد ما ينقصنا
وهيَّا لإزالة الغبار عن بعض الأمور»، وأضاف: «بيننا رباط عظيم للتكامل والوحدة
ولإزالة العوائق»، وتابع: «لن نبكي على ما كان وللغد ماضون، وطن واحد ونيل واحد
وقيادة واحدة وأهداف موحَّدة»، وجزم مرسي في خطابه الذي تحول لاحقًا إلى ملحمة
تماسكت فيها أيادي السودانيين والمصريين داخل المسجد أن قيادتي البلدين عازمتان
على النهوض بالمحور الاقتصادي وعودة الحق لأهله بجانب إنشاء وحدة ليست ضد أحد
وليست بمعنى التدخُّل في شؤون أحد إنما للتكامل، وأردف: «جئنا برسالة سلام ولم
نأتِ للحرب والعدوان»، ونبَّه مرسي إلى أنه اتفق مع الرئيس البشير على كثير من
الموضوعات السياسيَّة والاقتصاديَّة.
0 تعليقات:
إرسال تعليق