Ads

مصر وسبيل الخروج ممن الأزمة


بقلم د . عبد الحليم منصور
أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر

1 - تمر مصر بمرحلة دقيقة من تاريخها المعاصر ، ويعيش المصريون مشهدا لم يرونه في تاريخهم القديم او الحديث ، بعد ثورة هي الأعظم في العالم ، ألهمت العالم كما عبر أوباما ، وأظهرت المعدن الحقيقي للمصريين وعبرت عن المخزون الحضاري والثقافي لديهم والممتد عبر آلاف السنين .
2 – وبعد سقوط النظام ، وفي غمرة الفرحة بدأ المصري يترنح ذات اليمين وذات الشمال ، وانقلب على عقبيه فكاد يخسر كل شيء ، ثورته ، وإخوانه الذين رافقوه في الميدان ودافع عنهم ، ودافعوا عنه ، بل وكاد أن يخسر ذاته ، في مشهد عبثي لا ينم عن علم كاف بمجريات الأمور والحوادث ، وما يجب أن تكون عليه البلاد عقب ثوراتها ، وانقلب المشهد من تعاون صادق لإسقاظ الظلم ، إلى صراع على السلطة والحكم ، وأصبح رفقاء الأمس أعداء اليوم .
3 – بدا واضحا من خلال المشهد العبثي الجاثم على صدورنا الآن ، أن الكل يشكك في الكل ، وكل تيار يصف الآخر بالعمالة ، والأثرة ، والتخوين ، وربما أكثر من ذلك ، وبدأت الدماء تسيل هنا وهناك ، في مشاعد عبثية لا يقبلها عقل ولا ضمير ولا وفطرة إنسانية معتدلة . 
4 – التيار الحاكم الآن والذي مضى على حكمه أكثر من سبعة شهور ، لم يقنع الشارع بأي شيء ولم يقدم حلولا عملية ، لمشاكل كثيرة ومتراكمة ، فزادت المشاكل عما كانت عليه ، وأصبح لسان حال الشارع يقول إن الأمس أفضل من اليوم ويترحمون على أيام النظام السابق ؟؟؟؟؟؟
إذن ما السبيل للخروج من الأزمة الراهنة ؟ هل يذهب الناس معتذرين للنظام السابق ورجالاته الذين طالما لعنوا أيامهم يتلمسون منهم العودة للحكم ؟؟!!! ، أم يطالبوا بإسقاط نظام الحكم القائم المنتخب ؟ أم ماذا ؟ 
5 – الجواب فيما يبدو لي ليس في عودة النظام السابق ، ولا في إسقاط النظام الحالي ، وإنما يكمن فيما يأتي : 
6 – في تجنيب لغة الأثرة السائدة ، واستبدالها بالإيثار ، واحترام كافة التيارات لبعضها ، وعدم التشكيك في وطنيتها ، وليصمت الجميع قليلا ، وتكف وسائل الاعلام عن الإثارة ، وتهييج الرأي العام ، ويكف المتظاهرون عن الخروج للشوارع ، ويذهب الجميع إلى عمله صباحا ، ويمارس حياته بشكل طبيعي ونظل على هذا الحال لمدة شهر بلا تظاهر ، بلا كلام ، بلا شتائم ، مع مواصلة العمل .
7 – خلال هذه المدة يجب على رأس الدولة وحاكمها المنتخب د/ مرسي ، أن يدعو كافة المثقفين في الداخل والخارج ، مسلمين وغير مسلمين إلى حوار خلال هذه الفترة الهدف منه تحديد المشكلات التي تمر بها البلاد ، ثم بعد ذلك عمل لجان متخصصة من الخبراء من كل التيارات ، لجان اقتصادية ، لجان لحل مشاكل البطالة ، المرور ، الأمن ، الاستثمار ، السياحة ، البحث العلمي ، مشاكل العمال ، مشاكل الفلاحين ، مشاكل الصناعة ، وهذه اللجان تشكل وفقا للكفاءة ، من أهل الخبرة لا أهل الثقة .
8 – تقوم كل لجنة وفقا لتشكيلها وعدد أعضائها بحيث يشمل اكبر عدد من الخبراء ومن كل ألوان الطيف للشعب المصري ، بحيث تلغى الانتماءات الحزبية وغيرها ويبقى انتماء واحد فقط هو الانتماء للوطن . ثم تعكف هذه اللجان في كل الجوانب التي تمس المجتمع وتقوم بعمل خطط قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل ، وتقديم برامج وحلول لكل المشكلات القائمة الآن في أجندات واضحة ومحددة .
9 – من خلال ما يقدم من حلول وخطط قصيرة وطويلة الأجل يقوم رئيس الجممهورية باختيار رئيس حكومة يتوافق مع متطلبات المرحلة ، ويختار معه الخبراء المتخصصون كل في مجاله ، حسب الكفاءة والقدرة على تنفيذ هذه البرامج ، ويكون واجب الحكومة هو تنفيذ هذه الخطط وفق الآليات المحددة لها في برامج التنفيذ ووفق الجداول الزمنية المحددة لها .
10 – بعد ذلك يبدأ الناس في العمل والتنفيذ تحت عين وبصر الشعب وكلما شعر الناس بتقدم ولو طفيف نحو الأمام سيثق في حكومته وقائده وسيتلف الجميع حوله بالتأييد والمساندة أيا كان توجهه وحزبه المهم ان يرى الناس ان شيئا جديدا ياخذهم نحو الافضل .
11 – في سبيل اطلاع الناس على ما تقوم الحكومة بتنفيذة يقوم المسؤولون عن الاعلام بعمل برامج هدفها تسليط الضوء على تنفيذ الحكومة للبرامج المقدمة لها ومدى تقدمها في تحقيق أهدافها ، ليكون الشعب هو الرقيب الاول ، وهو المعلم وهو الملهم كمما كان من قبل .
12 – لا بد من وضع ميثاق شرف يلتزم به المصريون جميعا في الكف عن العبث وإعلاء مصلحة الوطن على المصالح الشخصية ، وإعلاء مصلحة المجموع على مصلحة الفرد ، وتقديم البرامج الهادفة لانجاز هذا التقدم من خلال وسائل الاعلام قاطبة .
13 – وسط كل ما تقدم لابد من اعلاء سيادة القانون ، وتطبيق القانون على الجميع ، بما يحقق المساواة للكافة ، لا بد من تقديم ما حقه التقديم وتأخير من حقه التأخير ، لابد من إعلاء قيمة العلم والبحث العلمي ، والمعلم ، والعمال ، لابد من النظر لهذه الفئات المطحونة التي تعطي ولا تأخذ سوى الفتات ، لا بد من النظر في إعادة صياغة منظومة قيم الحياة بشكل جديد بما يتوافق والمرحلة الراهنة والمقبلة وما ينشده أبناء الوطن في المرحلة المقبلة .
14 – لا بد من الوضوح والشفافية في عرض الحقائق على الشعب ، وعدم التدليس عليه كمما كان يحدث من قبل ، فعندما تحدث مشكلة لاسيما التي تهم الرأي العام ، مثل قضايا القتل ، والسحل ، وغير ذلك من إيضاح الحقائق كما هي للراي العام ، وعدم الكذب على الشعب ، كما كان يحدث في كثير من الوقائع ، فعندما تتغير المظوكة كلها ، وطريقة العمل ، سيشعر كل فرد بأنه ترس في آلة كبيرة يجب أن يدور في فلكها ، وإلا صار نشازا لا يؤبه له ، فنحن الان في وقت لا ينفع فيه أن يغرد الفرد وحده خارج السرب ، وإنما لا بد أن يغرد في إطار المجموعة حتى نبني الوطن من جديد .
15 - اسال الله ان يحمي مصر وأن يجنبها الفتن ما ظظهر منها وما بطن ، وأن يجمع كلمة ابنائها ، وأن يرزقهم الاخلاص في الفعل والقول والعمل ، وان يرد كيد الكائدين وحقد الحاقدين وان يحمي مصر من كل سواء وان يجعلها واحة للامن والامان ان شاء الله تعالى هي وسائر بلاد المسلمين .
-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق