Ads

الحـوار والحـرب الفرق بينهما شاسع!

بقلم الكاتب: محـمد شـوارب
هل تسقط السماء على الأرض بعد هذا وذاك، أم لا تزال السماء تنير الأرض بكواكبها ونجومها؟ هل يعم الخراب والدمار المدن والأمصار، أم السهول والأوعار، والنجاد والأغوار، ولتغرق الأرض في بحر من الدماء يهلك فيها الصغير والكبير، الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال، الأخيار والأشرار، والمجرمون والأبرياء، وما ظلمهم الله، لكن كانوا أنفسهم يظلمون.
الكل يعرف عندما نهضت دولة الخلافة، نهضت على دعائم الحوار والشورى، كان المبدأ السائد والمقرر عن كل خليفة (إن رأيتم خيراً فأعينوني، وإن رأيتم شراً فقوموني)، فمن هنا أرست دعائم الحق والحوار والشورى حتى قيام الساعة. فلابد أن يكون هناك صيحة عارمة من الحوار والشورى بدلاً من إهدار كرامات الشعوب التي تعاني الخراب والدمار، فكل بلد فيه ما فيه، ولكن عندما تتدخل بلاد في بلد وهو ينهار بالقوة العسكرية دون إبدأ الرأي بالحوار، فتأكد أن من يبدأ بالحرب قد يخطئ الصواب. فالغة الحوار بين الدول والشعوب هي الدعامة الكبرى للوحدة العربية، بل القومية العربية، فإذا ماتت لغة الحوار سيموت التفاهم والرباط المشترك بين الدول وستنشأ أجيال منكرة للغة الحوار، فمن أجل ذلك يجب أن نجتمع على مائدتنا ونتناقش ونتحوار، فإذا سمحنا لأنفسنا بإلغاء لغة الحوار سوف تعم الفرقة وتنال منا نحن الأمة العربية، فلا مستقبل لنا، لأننا لن نكون. فالحروب لا يمكن أن تتوقف مادامت الأمم العربية تعيش تحت ظروف عدم الحوار والنقاش وفقد الشورى بيننا ومادامت العداوات تفرض نفسها علينا وبيننا.
لاشك أن الحكم الفردي منذ قديم الزمان أهلك كل شيء في الأرض، وقد فرض ألواناً من جدب العقل وشلل الحوار، وقد ألغى الأمل، والغريب أن هذا التخريب الذي ساد بعض البلدان العربية قد يناقض ظاهرة الفهم في كل ناحية وتوجيه. فليس هناك مجال لإلغاء الحوار ورفض الرأي الآخر، لابد من تبادل الآراء والحجج، لا مكان لمن يكمم الأفواه ويفرض وجهة نظر واحدة من جانب واحد ويفضل الحرب عن الحوار، فصاحب الحوار لا يهاب النقاش والفهم العقلي ولا يغشى المجالس والموائد الحوارية. فالمأساة أن الحرب أصبحت الآن بالعصا بدلاً من الحوار، والعصا هنا أن تخرس الآخرين، وهذا من أنواع التفاهة. فالحرب تقود إلى الغرق والاستبداد السياسي، وهنا يبيد كل الأسباب للارتقاء والحوار والتقدم ولا تصلح   الحياة لطرفان أحدهما يريد الحوار والآخر يريد الحرب والقوة وكلاهما بينهما فرق شاسع.
... فالتوازن العام في الضبط الاجتماعي سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الشعوب أو البلدان، يقتضي تجنب التشدد والغلو في اتخاذ القرارات التي قد تطيح بالشعوب ولم ولن يكون هناك حلاً إذا إذا بدأ بالحوار الشامل الجامع لكلمة واحدة. فما لنا نحن الأمة العربية ندهس بعضنا البعض ولا يكون لنار رأي في إتخاذ قرارات تسعد الشعوب العربية، هكذا العالم الغربي يقف متفرجاً على أمتنا وعلى أحوالها التي لا ترضى أحد، ها هم الغرب سعداء لما يحدث في الأمة العربية يطيحون بنا نحن الأمة الواحدة ويوقعوا بيننا ونحن لا ندري إلى متى ستأخذنا آرائنا وأفكارنا التي لا تخدم أمتنا.
هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم) وما أعظمه وألتزامه بمبدأ الحوار والشورى، كان أول اختبار للشورى له (صلى الله عليه وسلم) في غزوة الأحزاب، فالشورى هي إبدأ الآراء حيث تقال وكل يقول ما عنده وبدون تعصب وهو يعرض رأيه، حتى إذا أخذت الآراء وعُرف الاتجاه إلى أين ومن أين نبدأ، فمع الأغلبية نسير، هذا هو الصواب، أما الآن فإن البعض يريد أن تسير الأمة شرقاً، وهي تريد أن تذهب غرباً، فهذا لا يمكن أن يقال.
... والدعوة هنا للغة الحوار التي تنتج من تلقاء نفسها إعزازاً للعروبة وإعلاء شأنها.
... فإذا انشرحت صدورنا بلغة الحوار من أقصى الشمال إلى أقصى الغرب كان هذا ذخراً ونوراً يسعى بين أيدينا، بل أمتنا العربية الواحدة.
محمد شوارب
كـاتب حـر