Ads

ورشة الزيتون تنعى ادوار الخراط

تنعى ورشة الزيتون الكاتب والمبدع الكبير ادوار الخراط ، والذى وافته المنيّة صباح اليوم ، بعد رحلة عطاء طويلة ، بدأها منذ أربعينيات القرن الماضى ،إذ كتب أول قصة له عام 1943،وأصدر أول مجموعة قصصية له "حيطان عالية"عام 1959،وكانت هذه المجموعة بداية لتيار الحداثة فى السرد المصرى والعربى ،ولكن صوت الواقعية الاشتراكية الذى كان عاليا وسائدا لم يتح لتلك المجموعة أن تأخذ موقعها الطبيعى فى حينه ،ولكن ادوار كان قد انشغل بالترجمة ،ونقل للعربية روايات وقصصا قصيرة ومسرحيات عالمية كثيرة ،لليوتولستوى ولسيمون دى بوفوار وفاسكو برانوليتى وتشيخوف ،كما ترجم مسرحية "انتيجون" لجان آنوى عام 1959بالاشتراك مع ألفريد فرج، وترجم مجموعة قصص رومانية عنوانها "الغجرية والفارس"وكان أول من قدمه الكاتب عبد الرحمن الشرقاوى ،وضربت ثقافة الخراط فى الأدب العربى القديم ،كما كان قد قرأ الأدب العالمى بجدية شديدة وملحوظة ،مما ترك أثرا بالغا وثقافويا فى كتاباته وسرده الفريد ، استقر ادوار الخراط فى منظمة التضامن الأفرو آسيوى بعد سلسلة أعمال عديدة كمخزنجى فى مخازن القبارى بالأسكندرية ،وككاتب فى البنك الأهلى ،وكنائب قلم الحوادث فى شركة تأمين كبرى بالأسكندرية، حتى استقال منها عام 1955،وقد مكنه عمله فى منظمة التضامن الذهاب إلى كافة أنحاء العالم ،وكان يحرر المجلة الأدبية للمنظمة ، وكان يترجم لها بعض إبداع القارتين ، وفى عام 1968 ساهم ادوار بقسط كبير فى تأسيس وقيادة مجلة جاليرة 68، تلك المجلة التى لعبت دورا كبيرا فى ضخ روح جديدة فى الأدب المصرى والعربى على السواء ، ثم أصدر بعد ذلك مجموعته القصصية الثانية "ساعات الكبرياء"عن دار الآداب عام 1972، لتؤكد ثبات ادوار الخراط على مبادئه الفنية الأولى ، والتى تأكدت أكثر عندما أصدر أولى رواياته العظيمة "رامة والتنين" فى طبعة متقشفة عام 1979، ومنذ ذلك الوقت بدأ نجم ادوار الخراط يعلو فى سماء الأدب المصرى والعربى ، ولم يتوقف الخراط عند إنتاج الأدب السردى فحسب ،بل راح ليكتب دراساته النقدية المهمة ، تلك الدراسات التى أيقظت حواسا نقدية وإبداعية كثيرة كانت غائبة عن الحياة الأدبية العربية ،وله فى ذلك دراسات مهمة فى الشعر والقصة والرواية ، تكوّنت على ضفافها أجيال متعاقبة منذ سبعينيات القرن الماضى حتى اللحظة الحاضرة ،والخراط له كتابات كثيرة تعتبر شذرات من السيرة الذاتية ،مثل ترابها زعفران وطريق النسر ، وربما تكون ثلاثيته "رامة والتنين والزمن الآخر ويقين العطش" بعضا من تلك السيرة العظيمة والتى اجتهدت لكى تعطى ووتفيض على الوطن والأدب أبدع ماكان ومايكون ، ولا نملك سوى أن نهيب بكافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بالاحتفال بذلك الطود الذى غادرنا ولكنه باق فينا مبدعا عظيما.