الدكتور عادل عامر
تستند عملية التحول الديمقراطي، على أساس إبراز أهمية دور المجتمع المدني في صيانة الحريات الأساسية للمجتمع، ففي الوقت الذي تنمو وتتبلور فيه التكوينات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة، فأنها تخلق معها تنظيمات مجتمعها المدني، التي تسعى بدورها إلى الفعل والتأثير في المحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وتتحدد الحريات وحقوق الإنسان السياسية، بحسب ما جاءت به المنظمات (الدولية المنبثقة من الأمم المتحدة، مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم و الثقافة (اليونسكو) عام 1962، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10-12-1984 بحق المساواة، حق الفرد في التفكير الحر واعتناق المبادئ والآراء الدينية، حق احترام إرادة الشعب، الحق في المشاركة العامة الذي يتضمن حق تأليف الأحزاب والجمعيات والاتحادات، حق التجمع وحق الانتخاب، وأخيرا حرية المعارضة. ومن هنا تبرز أهمية المشاركة السياسية لتحتوى كل هذه الحقوق والحريات العامة، حيث إن المشاركة تعني إشراك أعداد غفيرة من المواطنين في الحياة السياسية، سواء على مستوى رسم السياسة العامة أو صنع القرار واتخاذه وتنفيذه.
وتتجلى مساهمة الشعب في المشاركة السياسية من خلال أفراد أو جماعات ضمن نظام ديمقراطي. فهم كأفراد يمكنهم أن يساهموا في الحياة السياسية كناخبين أو عناصر نشطة سياسيا، أم كجماعات من خلال العمل الجماعي كأعضاء في منظمات مجتمعة أو نقابات عمالية وقد ارتبط المواطن المصري بالمشاركة (أو كان مشاركا سياسي) منذ مرحلة الكفاح الوطني في مواجهة الاستعمار بيد أن المشاركة بعد المرحلة الوطنية تحمل بالضرورة معنى آخر، إذ "تصبح هي تلك المساهمة في الحياة السياسية خصوصا من خلال العملية الانتخابية سواء بالترشيح أو التصويت. كما تحمل المشاركة معنى أشمل، إذ هي "كل عمل إداري ناجح أو فاشل، منظم أو غير منظم، مرحلي أو مستمر يفرض اللجوء إلى وسائل شرعية أو غير شرعية بهدف التأثير في اختيارات سياسية، أو إدارة الشئون العامة، أو اختيار الحكام على المستويات الحكومية محلية أو وطنية " وهذا التحديد يجعلنا نلحق بعالم المشاركة السياسية وممارسة المعارضة بكل أشكالها بدءا من التعبيرات السلمية المضادة للحكومات إلى ممارسة العنف كما يمكن إلحاق ممارسة الحكم بالمفهوم نفسه مما سبق يتضح أن الشراكة المجتمعية لم تكن يوما بعيدة عن مهامها وأدوارها الحيوية داخل المجتمع، ولكن مع تعقد الحياة الإنسانية والتغيرات الثقافية والاجتماعية والتحديات المعاصرة، من ثورة علمية وتقدم تكنولوجي... الخ تشكلت هوة عميقة بين البيئة المدرسية والمجتمع المحلي، بموجب ذلك زادت الضغوط والأعباء التربوية والتعليمية على المدرسة كأحد المؤسسات التعليمية التي ترتبط بشكل مباشر بقضايا المجتمع ومشكلاته و تؤثر وتتأثر بالأحداث والتغيرات المعاصرة في شتى مجالات الحياة. وبالتالي أصبحت المدرسة في خضم هذه الأحداث بحاجة إلى إصلاح مستمر لتواكب التغيرات، وتؤدي الدور المناط بها. ولعل من الأسباب الرئيسة للأزمة التربوية هو فشل النظام الاجتماعي في معرفة كيفية ربط مؤسساته المجتمعية المختلفة الرسمية وغير الرسمية بالمتغيرات المعاصرة التي طرأت على المجتمع، مما انعكس سلباً على دور المؤسسات التربوية والتعليمية وشل حركتها في التطور التنموي الشامل. ومن أمثلة ذلك عزوف أولياء الأمور ومجالس الإباء عن المشاركة الفاعلة، وضعف كثير من مؤسسات المجتمع المدني وتنظيماته في تأدية دورها الذي أصبح نمطاً تقليدياً لا يمثل أي عنصر قوة ضاغطة لتفعيل المؤسسات التربوية. يعد مفهوم الثقافة السياسية من المفاهيم الحديثة في علم السياسة، حيث استخدمت في خمسينيات القرض الماضي عندما استخدمه الأمريكي غابرييل ألموند. وتعريفها هي مسألة خلافية، حيث تباينت وتعددت التعريفات التي أعطيت لها. الثقافة في اللغة العربية من فعل ثقف، يقال ثقف الولد أي صار حدقا. وثقف الكلام حدقه وفهمه بسرعة. ويقال كذلك ثقف الرمح إذا قومه وسواه. فالثقافة عند العرب هو الحذق والذكاء وسرعة الفهم المقصود بتخليق الحياة العامة مختلف الجهود الفكرية والمادية والتنظيمية... التي تبذلها الدولة والمجتمع المدني من أجل مناهضة الفساد بجميع مظاهره كان من الدولة ومرافقها أو من الجماعات والأفراد، وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار مع اعتماد قيم الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص في كل الأفعال العامة والخاصة... ومحبة العمل والإخلاص فيه، ومحبة المجتمع والتضحية من أجله ومحبة الدولة برعايتها ونصحها وتطويرها وحمايتها من كل الانزلاقات الداخلية والخارجية... مع سيادة الديمقراطية في كل المبادرات وجعل كل ذلك يخضع لمقاربة تكريم الإنسان والدفاع عن كرامته واحترام معتقداته وتنظيم الاختلاف وعقلنته . وبناء عليه فإن دور المجتمع المدني باعتباره فاعلا في تخليق الحياة العامة من خلال التحسيس بأهمية سيادة الديمقراطية وتكافؤ الفرص في المشاركة في إعداد السياسات العامة وفي تنفيذها ومراقبتها وتتبعها وتقييمها حسب ما ينص عليه الفصل 12 من الدستور الجديد.
كما يلاحظ ان الدستور الجديد اشرك كذلك الجمعيات في التخطيط المستقبلي لعمل الدولة من خلال إعطائها الحق في المشاركة في التشريع، فما المقصود بهذا الدور وكيف يتم اعتماده؟
المقصود بهذا الدور هو إمكانية الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المؤسسة وفقا للقوانين الجاري بها العمل المشاركة في التشريع عبر المشاركة في أعاد القوانين ومشاريع القوانين التي يتم عرضها على البرلمان ويتم ذلك عن طريق تقديم اقتراحات وعرائض. فما المقصود بالاقتراحات وما المقصود بالعرائض؟ وما هي الجهة المخولة لها التعامل مع المجتمع المدني ومسك هذه الاقتراحات وهذه العرائض؟ الاقتراحات هي مجموعة من الأفكار التي تجمعت لدى منظمة مهتمة بمجال ما من شأن تبنيها في القوانين المزمع إقرارها أن تعطي إضافة نوعية لمجال اهتمام هذه المنظمة، وأما العريضة فالمقصود بها عبارة عن ورقة تتضمن مجموعة من النقط التي تود الجمعية إيصالها للحكومة وهي عدة أنواع فقد تكون عريضة احتجاجية على عمل حكومي لا يعجب الإفراد التي تمثلهم منظمة المجتمع المدني أو عريضة اقتراحيه تقترح على الحكومة أو الجهة المقترح لها من اجل تجاوز مشكلة أنية تحظى باهتمام المنظمة. أما عن الجهة التي تستقبل هذه الاقتراحات أو العرائض هي تتمثل في وزارة العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، إلا أن هذا الاختصاص ليس حصرا على هذه الوزارة فقط بحيث يمكن لهذه المنظمة أن تراسل بشأن عرائض أو اقتراحات أي جهة حكومية أو جماعات محلية ، أو الديوان الملكي أو الأمم المتحدة أو غيرها من الجهات الحكومية أو غير الحكومية أو الأممية . 1- إن هناك علاقة وثيقة بين المجتمع المدني والتحول الديمقراطي ، فلا يمكن أن يقوم المجتمع المدني بدوره إلا في إطار نظام ديمقراطي ، كما أنه يشكل في الوقت نفسه ركيزة لترسيخ الديمقراطية ، إلا أن المجتمع المدني كان دوره محدوداً في تعزيز عملية التحول الديمقراطي في مصر.
2- إن دراسة النظام السياسي المصري ومراحل تطوره تبين أن استمرار أي نظام سياسي يتوقف على مدى قدرته على التغيير والتجديد الذاتي وعلى تطوير مؤسساته وأفكاره بما يتناسب مع الظروف المتغيرة.
3- إن الأطر القانونية الحاكمة لعمل منظمات المجتمع المدني تمنح صلاحيات أكبر للحكومة في مواجهة تلك المنظمات وهو ما حد من حرياتها وبالتالي قدرتها على الحركة ، كما يلاحظ التوسع في الأدوار الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ولكن مع التضييق على الدور السياسي لهذه المنظمات وهو ما يعوق دورها في عملية التحول الديمقراطي.
4- إن تنامي ظاهرة المجتمع المدني العالمي وآلياته المتنوعة له دور مؤثر في تقوية المجتمع المدني في مصر ، حيث أنه يمثل دعماً لعملية التطور الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان.
5- على الرغم من الازدياد المطرد في عدد المنظمات التي تندرج ضمن إطار المجتمع المدني واتساع أنشطتها وامتدادها إلى كثير من المحافظات المصرية إلا أنها لم تقم بدور فاعل في دفع عملية التحول الديمقراطي في مصر وبخاصة في الأقاليم خارج القاهرة الكبرى والإسكندرية.
6- وفي ضوء دراسة بعض قضايا التحول الديمقراطي في مصر اتضح ضعف دور منظمات المجتمع المدني في التأثير على عملية التحول الديمقراطي وهي :
- تعتبر التعددية السياسية أهم عناصر التحول الديمقراطي وبدونها يظل النظام السياسي القائم غير ديمقراطي وبوجود حزب واحد مهيمن ومسيطر على السلطة وهو الحزب الحاكم ، مما أدى إلى تهميش دور أحزاب المعارضة على الحياة السياسية ، كما أن النقابات والجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية ليس لها دور مؤثر في الحياة السياسية مما شجع على تكوين وانتشار الحركات الاجتماعية الجديدة واعتبارها قنوات للمشاركة السياسية خارج الأطر التقليدية لمعارضة النظام التي ثبت ضعفها إما لأسباب ذاتية أو بسبب ضغوط النظام لتحجيم دورها في المجتمع وبخاصة دورها في المجال السياسي.
- ويرتبط بما سبق أن دور مؤسسات المجتمع المدني في نشر وتعميق مفهومي المواطنة والثقافة السياسية لا يزال محدوداً ، بالرغم من أنه لا نستطيع الوصول إلى المجتمع الديمقراطي بدون ترسيخ لهذه القيم والمفاهيم.
ومن كل ما سبق يتأكد صحة الفرضية التي سعت الدراسة إلى اختبارها حيث تبين أن هناك ارتباطاً بين فاعلية دور منظمات المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي وقدرتها على التأثير على النظام من أجل خلق بيئة مواتية لإتمام عملية التحول وقد ثبت ذلك في دراسة الحالة المصرية ، بل أن تطور الثورة المصرية جاء نتيجة لحركات الرفض الاجتماعي والسياسي والتي ساعدها حالة الاحتقان الموجودة لدى غالبية الشعب المصري ، ولم نجد دوراً فاعلاً في الثورة لمؤسسات المجتمع المدني التقليدية كالأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية والاتحادات وغير ذلك من مؤسسات كانت تعد هي قوى المجتمع المدني في مصر.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
تستند عملية التحول الديمقراطي، على أساس إبراز أهمية دور المجتمع المدني في صيانة الحريات الأساسية للمجتمع، ففي الوقت الذي تنمو وتتبلور فيه التكوينات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة، فأنها تخلق معها تنظيمات مجتمعها المدني، التي تسعى بدورها إلى الفعل والتأثير في المحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وتتحدد الحريات وحقوق الإنسان السياسية، بحسب ما جاءت به المنظمات (الدولية المنبثقة من الأمم المتحدة، مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم و الثقافة (اليونسكو) عام 1962، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10-12-1984 بحق المساواة، حق الفرد في التفكير الحر واعتناق المبادئ والآراء الدينية، حق احترام إرادة الشعب، الحق في المشاركة العامة الذي يتضمن حق تأليف الأحزاب والجمعيات والاتحادات، حق التجمع وحق الانتخاب، وأخيرا حرية المعارضة. ومن هنا تبرز أهمية المشاركة السياسية لتحتوى كل هذه الحقوق والحريات العامة، حيث إن المشاركة تعني إشراك أعداد غفيرة من المواطنين في الحياة السياسية، سواء على مستوى رسم السياسة العامة أو صنع القرار واتخاذه وتنفيذه.
وتتجلى مساهمة الشعب في المشاركة السياسية من خلال أفراد أو جماعات ضمن نظام ديمقراطي. فهم كأفراد يمكنهم أن يساهموا في الحياة السياسية كناخبين أو عناصر نشطة سياسيا، أم كجماعات من خلال العمل الجماعي كأعضاء في منظمات مجتمعة أو نقابات عمالية وقد ارتبط المواطن المصري بالمشاركة (أو كان مشاركا سياسي) منذ مرحلة الكفاح الوطني في مواجهة الاستعمار بيد أن المشاركة بعد المرحلة الوطنية تحمل بالضرورة معنى آخر، إذ "تصبح هي تلك المساهمة في الحياة السياسية خصوصا من خلال العملية الانتخابية سواء بالترشيح أو التصويت. كما تحمل المشاركة معنى أشمل، إذ هي "كل عمل إداري ناجح أو فاشل، منظم أو غير منظم، مرحلي أو مستمر يفرض اللجوء إلى وسائل شرعية أو غير شرعية بهدف التأثير في اختيارات سياسية، أو إدارة الشئون العامة، أو اختيار الحكام على المستويات الحكومية محلية أو وطنية " وهذا التحديد يجعلنا نلحق بعالم المشاركة السياسية وممارسة المعارضة بكل أشكالها بدءا من التعبيرات السلمية المضادة للحكومات إلى ممارسة العنف كما يمكن إلحاق ممارسة الحكم بالمفهوم نفسه مما سبق يتضح أن الشراكة المجتمعية لم تكن يوما بعيدة عن مهامها وأدوارها الحيوية داخل المجتمع، ولكن مع تعقد الحياة الإنسانية والتغيرات الثقافية والاجتماعية والتحديات المعاصرة، من ثورة علمية وتقدم تكنولوجي... الخ تشكلت هوة عميقة بين البيئة المدرسية والمجتمع المحلي، بموجب ذلك زادت الضغوط والأعباء التربوية والتعليمية على المدرسة كأحد المؤسسات التعليمية التي ترتبط بشكل مباشر بقضايا المجتمع ومشكلاته و تؤثر وتتأثر بالأحداث والتغيرات المعاصرة في شتى مجالات الحياة. وبالتالي أصبحت المدرسة في خضم هذه الأحداث بحاجة إلى إصلاح مستمر لتواكب التغيرات، وتؤدي الدور المناط بها. ولعل من الأسباب الرئيسة للأزمة التربوية هو فشل النظام الاجتماعي في معرفة كيفية ربط مؤسساته المجتمعية المختلفة الرسمية وغير الرسمية بالمتغيرات المعاصرة التي طرأت على المجتمع، مما انعكس سلباً على دور المؤسسات التربوية والتعليمية وشل حركتها في التطور التنموي الشامل. ومن أمثلة ذلك عزوف أولياء الأمور ومجالس الإباء عن المشاركة الفاعلة، وضعف كثير من مؤسسات المجتمع المدني وتنظيماته في تأدية دورها الذي أصبح نمطاً تقليدياً لا يمثل أي عنصر قوة ضاغطة لتفعيل المؤسسات التربوية. يعد مفهوم الثقافة السياسية من المفاهيم الحديثة في علم السياسة، حيث استخدمت في خمسينيات القرض الماضي عندما استخدمه الأمريكي غابرييل ألموند. وتعريفها هي مسألة خلافية، حيث تباينت وتعددت التعريفات التي أعطيت لها. الثقافة في اللغة العربية من فعل ثقف، يقال ثقف الولد أي صار حدقا. وثقف الكلام حدقه وفهمه بسرعة. ويقال كذلك ثقف الرمح إذا قومه وسواه. فالثقافة عند العرب هو الحذق والذكاء وسرعة الفهم المقصود بتخليق الحياة العامة مختلف الجهود الفكرية والمادية والتنظيمية... التي تبذلها الدولة والمجتمع المدني من أجل مناهضة الفساد بجميع مظاهره كان من الدولة ومرافقها أو من الجماعات والأفراد، وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار مع اعتماد قيم الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص في كل الأفعال العامة والخاصة... ومحبة العمل والإخلاص فيه، ومحبة المجتمع والتضحية من أجله ومحبة الدولة برعايتها ونصحها وتطويرها وحمايتها من كل الانزلاقات الداخلية والخارجية... مع سيادة الديمقراطية في كل المبادرات وجعل كل ذلك يخضع لمقاربة تكريم الإنسان والدفاع عن كرامته واحترام معتقداته وتنظيم الاختلاف وعقلنته . وبناء عليه فإن دور المجتمع المدني باعتباره فاعلا في تخليق الحياة العامة من خلال التحسيس بأهمية سيادة الديمقراطية وتكافؤ الفرص في المشاركة في إعداد السياسات العامة وفي تنفيذها ومراقبتها وتتبعها وتقييمها حسب ما ينص عليه الفصل 12 من الدستور الجديد.
كما يلاحظ ان الدستور الجديد اشرك كذلك الجمعيات في التخطيط المستقبلي لعمل الدولة من خلال إعطائها الحق في المشاركة في التشريع، فما المقصود بهذا الدور وكيف يتم اعتماده؟
المقصود بهذا الدور هو إمكانية الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المؤسسة وفقا للقوانين الجاري بها العمل المشاركة في التشريع عبر المشاركة في أعاد القوانين ومشاريع القوانين التي يتم عرضها على البرلمان ويتم ذلك عن طريق تقديم اقتراحات وعرائض. فما المقصود بالاقتراحات وما المقصود بالعرائض؟ وما هي الجهة المخولة لها التعامل مع المجتمع المدني ومسك هذه الاقتراحات وهذه العرائض؟ الاقتراحات هي مجموعة من الأفكار التي تجمعت لدى منظمة مهتمة بمجال ما من شأن تبنيها في القوانين المزمع إقرارها أن تعطي إضافة نوعية لمجال اهتمام هذه المنظمة، وأما العريضة فالمقصود بها عبارة عن ورقة تتضمن مجموعة من النقط التي تود الجمعية إيصالها للحكومة وهي عدة أنواع فقد تكون عريضة احتجاجية على عمل حكومي لا يعجب الإفراد التي تمثلهم منظمة المجتمع المدني أو عريضة اقتراحيه تقترح على الحكومة أو الجهة المقترح لها من اجل تجاوز مشكلة أنية تحظى باهتمام المنظمة. أما عن الجهة التي تستقبل هذه الاقتراحات أو العرائض هي تتمثل في وزارة العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، إلا أن هذا الاختصاص ليس حصرا على هذه الوزارة فقط بحيث يمكن لهذه المنظمة أن تراسل بشأن عرائض أو اقتراحات أي جهة حكومية أو جماعات محلية ، أو الديوان الملكي أو الأمم المتحدة أو غيرها من الجهات الحكومية أو غير الحكومية أو الأممية . 1- إن هناك علاقة وثيقة بين المجتمع المدني والتحول الديمقراطي ، فلا يمكن أن يقوم المجتمع المدني بدوره إلا في إطار نظام ديمقراطي ، كما أنه يشكل في الوقت نفسه ركيزة لترسيخ الديمقراطية ، إلا أن المجتمع المدني كان دوره محدوداً في تعزيز عملية التحول الديمقراطي في مصر.
2- إن دراسة النظام السياسي المصري ومراحل تطوره تبين أن استمرار أي نظام سياسي يتوقف على مدى قدرته على التغيير والتجديد الذاتي وعلى تطوير مؤسساته وأفكاره بما يتناسب مع الظروف المتغيرة.
3- إن الأطر القانونية الحاكمة لعمل منظمات المجتمع المدني تمنح صلاحيات أكبر للحكومة في مواجهة تلك المنظمات وهو ما حد من حرياتها وبالتالي قدرتها على الحركة ، كما يلاحظ التوسع في الأدوار الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ولكن مع التضييق على الدور السياسي لهذه المنظمات وهو ما يعوق دورها في عملية التحول الديمقراطي.
4- إن تنامي ظاهرة المجتمع المدني العالمي وآلياته المتنوعة له دور مؤثر في تقوية المجتمع المدني في مصر ، حيث أنه يمثل دعماً لعملية التطور الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان.
5- على الرغم من الازدياد المطرد في عدد المنظمات التي تندرج ضمن إطار المجتمع المدني واتساع أنشطتها وامتدادها إلى كثير من المحافظات المصرية إلا أنها لم تقم بدور فاعل في دفع عملية التحول الديمقراطي في مصر وبخاصة في الأقاليم خارج القاهرة الكبرى والإسكندرية.
6- وفي ضوء دراسة بعض قضايا التحول الديمقراطي في مصر اتضح ضعف دور منظمات المجتمع المدني في التأثير على عملية التحول الديمقراطي وهي :
- تعتبر التعددية السياسية أهم عناصر التحول الديمقراطي وبدونها يظل النظام السياسي القائم غير ديمقراطي وبوجود حزب واحد مهيمن ومسيطر على السلطة وهو الحزب الحاكم ، مما أدى إلى تهميش دور أحزاب المعارضة على الحياة السياسية ، كما أن النقابات والجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية ليس لها دور مؤثر في الحياة السياسية مما شجع على تكوين وانتشار الحركات الاجتماعية الجديدة واعتبارها قنوات للمشاركة السياسية خارج الأطر التقليدية لمعارضة النظام التي ثبت ضعفها إما لأسباب ذاتية أو بسبب ضغوط النظام لتحجيم دورها في المجتمع وبخاصة دورها في المجال السياسي.
- ويرتبط بما سبق أن دور مؤسسات المجتمع المدني في نشر وتعميق مفهومي المواطنة والثقافة السياسية لا يزال محدوداً ، بالرغم من أنه لا نستطيع الوصول إلى المجتمع الديمقراطي بدون ترسيخ لهذه القيم والمفاهيم.
ومن كل ما سبق يتأكد صحة الفرضية التي سعت الدراسة إلى اختبارها حيث تبين أن هناك ارتباطاً بين فاعلية دور منظمات المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي وقدرتها على التأثير على النظام من أجل خلق بيئة مواتية لإتمام عملية التحول وقد ثبت ذلك في دراسة الحالة المصرية ، بل أن تطور الثورة المصرية جاء نتيجة لحركات الرفض الاجتماعي والسياسي والتي ساعدها حالة الاحتقان الموجودة لدى غالبية الشعب المصري ، ولم نجد دوراً فاعلاً في الثورة لمؤسسات المجتمع المدني التقليدية كالأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية والاتحادات وغير ذلك من مؤسسات كانت تعد هي قوى المجتمع المدني في مصر.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية