Ads

مهددات أمن البحر الاحمر وتداعياتها على الامن القومى العربى

بقلم / سهام عزالدين جبريل
  تشكل التطورات المتلاحقة التى تحدث فى جنوب البحر الاحمر ومنطقة باب المندب  مهددات خطيرة  لهذه المنطقة وتخلق مزيد من الصراعات فى هذه المنطقة تضاف الى تراكمات الصراعات السابقة ، فقبل سنوات كانت ومازالت مهددات ظاهرة القرصنة على سواحل الصومال وخليج عدن والتى شهدت إحياء لمفهوم القرصنة البحرية في هذه المنطقة الاستراتيجية الحيوية من خلال الأحداث التي شهدتها المياه الإقليمية في البحر الأحمر قبالة سواحل الصومال حيث شهدت هذه المياه أشد الظواهر غير القانونية خطورة على الأمن الإقليمي والدولي وهي ظاهرة "القرصنة البحرية"  حيث مثل ذلك مؤشر خطير لتحرك القوى الكبرى لتدويل هذه المنطقة واقامة قوة بحرية دولية للسيطرة على هذه المنطقة بحجة القضاء على القرصنة ،
 ومن خلال مشاهد الصراع الحالى فى جنوب البحر الاحمر ومايحدث فى اليمن ومحاولات سيطرة جماعة الحوثيين بدعم من النظام الايرانى، ومباركة غير معلنة من بعض القوى الدولية  ، ينذر بتداعيات أكثر خطورة تضاف الى ما سبق، حيث تترجم الصورة الحالية مزيد من الصراعات والمهددات لهذه المنطقة التى تمثل أهمية كبرى فى إستراتيجية الامن القومى العربى ، خاصة الدول المشاطئة للبحر الاحمر .
وتنبع اهمية البحرالاحمرالاستراتيجية من مجموعة عوامل متداخلة جغرافيه وجيوبولتكية سياسية واقتصادية وكذلك مجموعة من الحقائق القديمة والمتغيرات الحديثة لكل منها أبعاد ودلالات مما يجعله منطقة جذب واهتمام عالمى واقليمى دائم  .
ويقع البحر الاحمر فى قلب قوس عدم الاستقرار الذى حدده البروفسير بريجنسكى مستشار الأمن القومى الأمريكى الاسبق وهو القوس الذى يضم الشرق الأوسط والقرن الأفريقى ومنطقة المحيط الهندى ، كما يقع ضمن الاطار الجيويولتيكى لمنطقة الخليج الاستراتيجيه كما يمثل كذلك منصه للقفز نحو المناطق الاستراتيجية فى الشرق الاوسط ، لذا سعت القوى الكبرى الى السيطرة على مضايقه ومنافذه البحريه بدعوى تأمين مصالحها التجارية والامنية كما يمثل البحر الاحمرعنصراً أساسياً فى الصراع – العربى الاسرائيلى الممتد ، إضافة الى نزاعات القرن الافريقى المتجدده والمتلاحقة هذا الى جانب كونه جسراً متحركاً يربط البحار الشرقية والمتمثله فى البحر العربى والخليج العربى والمحيط الهندى والبحار الغربية والمتمثله فى البحر الابيض المتوسط والمحيط الاطلسى كأقصر طريق بحرى دولى مقارنه بالطرق البحريه الاخر ، كما يعد همزه وصل مائيه تختزل الزمان والمسافه بين شرقى البسيطة وغربها حيث تمر عبره يومياً عشرات السفن العسكرية والتجارية والسياحية والاف الاطنان من السلع والبضائع ولعل اعتماد الدول المنتجه والمستهلكة لسلعة النفط الاستراتيجية فى نقلها عليه قد أعطاه ميزه اقتصادية عالية .
كما يدخل البحر الاحمر ضمن إقليم الشرق الأوسط الموسع وأقاليمة الفرعية المتمثلة في الخليج العربي وأقليم البحر الأحمر والقرن الأفريقي هي من أكثر الأقاليم تأثرا بها حيث أصبحت مؤخرا مركزا مهما تنطلق وتدار منة الحمله الدولية المناهضة للإرهاب.
ويأتى الاهتمام الايرانى المكثف بالبحر الاحمر إنفاذاً لتوجهات السياسة الخارجية الايرانية التى تسعى للتواجد فى المناطق الحيوية ومنها منطقة البحر الاحمر التى بدأت منذ سنوات فى التغلغل فى منطقة القرن الافريقى المرتبطة به جغرافيا واستراتيجيا ، والتى تراها السياسة الخارجية الايرانية لها علاقة وارتباط وثيق بأمنها الوطنى والتعرف على المناخ الدولى والاقليمى المحيط بها وتهيئته بما يحقق اكبر قدر ممكن من المصالح  لها ، وهذا مايترجم الدعم الايرانى وزيادة المد الشيعى فى المنطقة والمتمثل من محاولات سيطرة الحوثيين على المناطق الاسترايجية فى اليمن،هذا الى جانب المحاولات الاسرائيلية المستميتة للسيطرة على هذه المنطقة منذ قيام الكيان الاسرائيلى ودعم علاقاتها مع دول القرن الافريقى المقابلة للساحل الغربى للبحر الاحمر، ومن هنا نرى أن المهددات التى تهدد امن البحر الاحمر والتى تم ذكرها أعلاه تحتم على دول البحر الاحمر العربيه وضع استراتيجية مشتركة لتأمين مصالحها بهذه المنطقة والا تكون مغلولة اليد عما يحدث بها والذى له تأثير مباشر على أمنها القومى 
 أولا : البحرالاحمرالموقع والاهمية الاستراتيجيه  :
البحر الأحمر عبارة عن مسطح مائي يقع بين السواحل الغربية لشبه الجزيرة العربية و أفريقيا. تطل عليه كل من المملكة العربية السعودية ، مصر والسودان،اليمن، المملكة الاردنية الهاشمية ، إريتريا وجيبوتي، ويعد البحر الاحمر ذا موقع استراتيجي لحركة النقل البحرية، إذ يتصل من الجنوب بالمحيط الهندي عن طريق مضيق باب المندب ويمتد شمالا حتى يصل إلي شبه جزيرة سيناء وهناك يتفرع إلى خليج العقبة وخليج السويس الذي يؤدي إلى قناة السويس ويبلغ طول هذا البحر1900كم ويصل عرضه في بعض المناطق إلى300 كم، وتمثل الصراعات في جنوب البحرالأحمر ليست فقط تهديداً للأمن والاستقرار والاقتصاد والمصالح الإستراتيجية لكافة الدول المطلة عليه أو المتحكمة في منفذه الجنوبي عبر خليج عدن وباب المندب، اليمن والصومال، أومن قبل مصر المتحكمة في المدخل الشمالي عبر قناة السويس، بل هو تهديد يشمل أمن دول الخليج بشكل مباشر وهي المستفيد الرئيسي من الممرالمائي لتسهيل مرورنفطها وتجارتها إلى الشمال والعكس كما أن التهديد يشمل أمن العالم أجمع وتجارته واستقراره فلا يقتصرالبحرالأحمر على كونه القلب الإستراتيجي للعالم، ولكنه سيبقى مفتاح الأمن، كما كان منذ العصور القديمة، كما أن البحر الأحمر أداة ووسيلة لتوثيق العلاقات العربية وتكاملها بين الأقطار العربية المطلة عليه، بالإضافة إلى أنه عامل من العوامل الرئيسة في إقامة جهود اقتصادية وعسكرية مشتركة في المنطقة. وقد دلت حرب أكتوبر 1973 على الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة للعرب، عندما قُدمت التسهيلات البحرية العربية للسفن الحربية المصرية، ما أتاح لمصر أن تغلق مضيق باب المندب ويستقبل مضيق باب المندب أمام القرن الأفريقي أكثر من20 ألف سفينة كل عام تمثل حوالي ثلث تجارة الحاويات العالمية، ومن ثم فإن المياه الدولية التي تطل عليها كلا من اليمن والصومال تعتبر إحدى أهم الممرات التي تسلكها السفن التجارية حيث يربط الطريق الملاحي في بحر العرب بين اليمن والصومال آسيا بأوروبا من خلال قناة السويس وله أهمية كبيرة للغاية بالنسبة لشحنات النفط القادمة من الخليج العربى .
أبعاد البحر الأحمر :
                     الطول (1900 كم (1200 ميل
                     أقصى عرض 204 كم.
                     أقل عرض 19 )كم باب المندب منهم 16 كم صالحة).
                     أقصى عمق 2635 م.
                     متوسط العمق 419 م.
                     مسطح البحر الأحمر 437969 كم2.
                     طول الساحل 4910.4) كم (3069 ميلاً موزع على الدول كالتالى :-
م
الدولة
طول الساحل (بالكيلو متر)
النسبة المئوية
1
السعودية
1890
33.9
2
مصر
1425
25.57
3
إثيوبيا
1012
18.16
4
السودان
717
12.87
5
اليمن الشمالية
442
8.11
6
جيبوتى
40
0.71
7
إسرائيل
11.2
0.2
8
الأردن
17
0.5
                     المصدر:التقرير الإستراتيجى الأفريقى-2007 / 200
ثانيا :  الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر:
للبحر الأحمر أهمية كبرى للأمن العربي سواء على المستوى القومي أو على المستوى القطري وأيضا للأمن العالمي، وأمن الدول الإفريقية، وهذه الدوائر الأمنية متصلة ومتداخلة ومركز ثقلها الإستراتيجي هو القرن الإفريقي يتميز البحر الأحمر بموقعه كممر مائي يربط بين العديد من القارات وهو بذلك يختصر الوقت والمسافات والكلفة المالية مما يجعله يتمتع بالعديد من المميزات الإستراتيجية أهمها :  
أ-يعتبر البحر الأحمر قناة وصل بين البحار والمحيطات المفتوحة، ومن هنا تزيد أهميته الإستراتيجية سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية أو الأمنية. 
ب-البحر الأحمر هو الطريق الرئيسي الذي يمر من خلاله نفط الخليج العربي وإيران إلى الأسواق العالمية في أوروبا، وتحتاج أوروبا إلى نقل حوالي60% من احتياجاتها للطاقة عبر البحر الأحمر وأيضاً نقل حوالي 25%من احتياجات الولايات المتحدة الأمريكية من النفط العربي.   
جـ-البحر الأحمر هو أحد الممرات الرئيسية للملاحة والتجارة الدولية بين أوروبا وآسيا، وتقدر نسبة السفن التجارية العابرة للبحر الأحمر سنويا بأكثر من عشرين ألف سفينة.  
د- للبحر الأحمر أهمية كبرى للأمن العربي سواء على المستوى القومي أو على المستوى القطري للدول العربية المطلة عليه، وأيضا للأمن العالمي، وأمن الدول الإفريقية، وهذه الدوائر الأمنية متصلة ومتداخلة ومركز ثقلها الإستراتيجي هو القرن الإفريقي وما يجاوره من مناطق، وإذا كان القرن الإفريقي هو المركز الحيوي لدوائر الأمن المختلفة فإن باب المندب وخليج عدن يصبحان البؤرة التي تتركز عندها الأهمية القصوى لأمن جميع الأطراف.    
هـ- تقع ثروات قاع البحر الأحمر وباطنه في نطاق المنطقة الاقتصادية الخالصة للدول المطلة عليه إذ لا يزيد عرض البحر الأحمر عن 402 كم، لذا فمن حق هذه الدول وغالبتها دول عربية أن تكون لها السيادة الدائمة على الموارد البيولوجية والمعدنية في البحر.
ومن منطلق هذه الاهمية الكبرى للبحر الاحمر ولهذا ستبقى الدعوة مرفوعة إلى أن تكون هناك إدارة عربية إستراتيجية موحدة لتأمين سيطرة إستراتيجية قوية على البحر، إذ إنه يمثل العمق الدفاعي الإستراتيجي لكل من السعودية ومصر، لذا سيظل أمن البحر الأحمر مرتبطاً عضوياً بأمن المنطقة العربية، وأي انفجار في أمن البحر الأحمر سيؤثر مباشرة على أمن الدول العربية، كما يمثل قمة التعاون العربي الإفريقي، حيث يُعد مدخل إفريقيا من الشرق.
----------------

المرجع : سهام عزالدين جبريل "ظاهرة القرصنة على سواحل الصومال وخليج عدن وامن البحر الأحمر دراسة فى التداعيات الاقليمية والدولية ، رسالة ماجستير ، معهد الدراسات والبحوث الافريقية ، جامعة القاهرة ، القاهرة،  يوليو2010م .
تحياتى / سهام عزالدين جبريل

0 تعليقات:

إرسال تعليق