Ads

أهم المعايير الدولية التي يجب مراعاتها في أداء الإعلام لتوعية الناخبين

الدكتور عادل غامر
إن مسالة الشفافية والمشاركة السياسية والإدارية في إدارة الشؤون العامة أضحى من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها كافة أنظمة هذه الدول، وأصبحت السرية مجرد استثناء محدود ومحصور وقابل للجدل والانتقاص يوما بعد يوم لصالح الشفافية كمبدأ عام، زللك المبدأ الذي يحكم ويسود كافة الأنشطة ووظائف وأعمال الحكومة وجهازها الإداري ،وباعتبار أن الشفافية احد الشروط والمقومات الأساسية للتنمية الشاملة والمستدامة في كافة المجالات التنموية و احد أهم الشروط للحكم الجيد good govarnance ..
إن أهمية تفعيل الإدارة بالشفافية كمبدأ عام في إدارة ال، إلى العامة ،يساعد على خلق مناخ للإبداع وهو بذلك يعمل على إبعاد كل السلوكيات غير السوية داخل مختلف التنظيمات الإدارية والسياسية ،باعتبار أن الأهداف التنموية الحالية في المجتمعات المعاصرة تعمل على إيجاد آلية من اجل والقضاء على الفقر ورفع المستويات المعيشية للشعوب وتحقيق الحكم الراشد والإدارة الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والإصلاح الإداري ،والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والابتكار التطويري والوقاية من الفساد, و أن ونجاح الإدارة في أداء وظائفها ،أمور لا يمكن تحقيها إلا مع وجود مبدأ عام للشفافية والمشاركة في إدارة كافة الشؤون العامة في الدولة،في مختلف مؤسساتها عامة كانت أم خاصة ،مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأزمات الحديثة تشهد تطورات في حقل الاتصالات والثورة التكنولوجية, وان التنظيمات المنفتحة تقبل التغير النابع من ثقافة المجتمع ,وعلى الإدارة الجزائرية أن تأخذ بجهود الإصلاح والإدارة بالشفافية ,وهو الأمر الذي يحتم البحث عن المضمون الصحيح للشفافية والمسائلة والانفتاح التي تعتبر من متطلبات الحكم الراشد .
هذا ما سنتناوله ونبحث فيه من خلا طرح الإشكالية التالية،إلى أي يمكن للإدارة بالشفافية أن تجد بيئة عمل مناسبة من اجل التقليل ا ولا من ظاهرة الفساد ،وبعد ذلك ترسيخ مبدأ الإدارة بالشفافية الذي أصبح مطلبا حقيقيا ؟
سنحاول تسليط الضوء على مفهوم وواقع الإدارة بالشفافية وعلاقته بتحقيق التنمية الإدارية، وبالتالي الوصول إلى رشاده إدارية عصرية تتماشى والمتغيرات الدولية. ومن أبرز ملامح السجل المصري في حقوق الإنسان بصفة عامة هو تفضيل الدولة المصرية وانحيازها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حساب الحقوق المدنية والسياسية.
 وكما هو معروف فإن حقوق الإنسان تنقسم إلى قسمين رأسيين، أولهما الحقوق المدنية والسياسية التي تتمحور فلسفتها حول فكرة وقيمة الحرية، وذلك من خلال صون حياة الإنسان وحمايته من إساءة معاملته من قبل الدولة أو المواطنين الآخرين، وعن طريق إقامة العدل وترسيخ المساواة ومنع التمييز، بالإضافة إلى منح المجتمع حرية إدارة شئونه من خلال وضع أسس الحكم الديمقراطي، كحريتي الرأي والتعبير والمشاركة في الحياة العامة وإجراء الانتخابات وتأسيس الجمعيات. أما القسم الثاني من منظومة حقوق الإنسان فيتكون من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تتصل في مجملها بفكرة ضمان مستوى لائق من المعيشة للمواطنين، من خلال توفير خدمات الصحة والتعليم والسكن، وضمان حد أدنى من الغذاء ومنح الحق في الحصول على فرصة عمل مناسب وتأسيس نقابات عمالية وتوفير الضمان الاجتماعي للمواطنين.
ويتأسس تفضيل الدولة المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على الحقوق المدنية والسياسية على قناعة بأنه لا يمكن إقامة الديمقراطية السليمة في البلاد دون أن يسبق ذلك إقامة العدالة الاجتماعية وتأمين الاحتياجات الاقتصادية الأساسية للمواطنين. أي أن لب هذا الفكر وأساسه هو القول أن الفقراء والمعدومين ليس في مقدورهم ممارسة الديمقراطية، وأنه يتعين تحقيق التنمية والرخاء في المجتمع قبل إطلاق الحريات السياسية. وما من شك أن هذا الرأي له وجهاته ويحظى بقبول في بعض الدوائر الفكرية والإيديولوجية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، عبر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن هذا المنهج في مناسبات عديدة، منها كلمته لعرض الميثاق الوطني لمجلس الأمة المصري في 21 مايو 1962، حيث قال: "إن المواطن لا تكون له حرية التصويت في الانتخابات إلا إذا توفرت له ضمانات ثلاث:
(1) أن يتحرر من الاستغلال في جميع صوره،
 (2) أن تكون له الفرصة المتكافئة في نصيب عادل من الثروة الوطنية،
 (3) أن يتخلص من كل قلق يبدد أمن المستقبل في حياته"
. وما من شك أن حكام مصر الذي جلسوا على قمة هرم الدولة المصرية منذ عام 1952، أو على الأقل بعضهم، كانوا مقتنعين إلى حد ما بهذه النظرية، إلا أن التجربة التاريخية في مصر وفي غيرها من دول العالم أثبتت أيضاً أن هذا المنطق كان يروج له ويسوّق لتوفير تكأة وحجة للدولة لتأجيل وتأخير التحول للديمقراطية لما ينطوي عليه ذلك من تهديد لاستئثارها بالسلطة والحكم، ولما سيفرزه الانتقال إلى التعددية السياسية من منافسين للنخبة الحاكمة التي احتكرت السياسية. وبالتالي، كان هناك تكامل بين هذه النظرية التي تؤخر وتهمل، بل وتهدر، الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين وتحرمهم من حق ممارسة السياسية والاشتغال بالعمل العام وبين ظاهرة تجريف السياسية وإقصائها من حياة المصريين التي تحدثنا عنها فيما سبق.
أما الظاهرة الثانية التي ميّزت حالة حقوق الإنسان في الجمهورية المصرية الأولى، بما فيها السنوات الثلاثين لحكم الرئيس السابق، فكانت ما نصفه بأنه "تطبيع الاستثناء"، ونقصد به ظاهرة لجوء الدولة إلى إجراءات وسياسات وأدوات استثنائية لإحكام قبضتها على مقاليد الحكم في البلاد، وهي الإجراءات والأدوات التي عادة ما اقترنت بإهدار للعديد من الحقوق والحريات الأساسية وساهمت في تكريس السلطة المطلقة للدولة وهيمنتها على كافة أوجه الحياة في مصر. لقد جاءت قمة تجليات هذا المنهج في تطبيق حالة الطوارئ طوال معظم السنوات التي مضت على إعلان الجمهورية في مصر، بل أن الأمر يتجاوز الحكم الجمهوري ليمتد لما سبقه من حكم ملكي، فخلال الأعوام الثلاثين التي امتدت من إعلان استقلال مصر بموجب التصريح البريطاني الصادر في 28 فبراير 1922 وإلى قيام ثورة 23 يوليو 1952، فرضت الأحكام العرفية (وهو المسمى المستخدم آنذاك لوصف "حالة الطوارئ") لسبعة عشر عاماً. أما منذ قيام ثورة يوليو إلى يومنا هذا، فقد طبقت حالة الطوارئ على مصر لأربعة وخمسين سنة من أصل تسعة وخمسين سنة هي عمر الجمهورية الأولى في مصر.
ورغم أن مصر مرت بظروف عصيبة على مدار القرن العشرين، بين أحداث محلية جسيمة وتطورات إقليمية عاصفة، إلا أنه ما من شك أن الدولة لم تكن بحاجة لفرض حالة الطوارئ واللجوء لإجراءات استثنائية فرطت في حقوق المصريين وأهدرت كرامتهم للتصدي لهذه لظروف الطارئة التي واجهت الأمة المصرية، وهو ما ينطبق بالأخص على سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك، التي لم تشهد – في رأيينا – أحداث أو أزمات بالحجم الذي يتطلب إعلان حالة الطوارئ لثلاثين سنة، بما في ذلك مواجهة الهجمات الإرهابية التي بلغت ذروتا في تسعينيات القرن الماضي، فهناك دول كثيرة تعرضت لأزمات أمنية داخلية وخارجية أكثر خطورة مما تعرضت لها مصر ولم تأسر هذه الدول مجتمعاتها وتحولها لرهينة خاضعة لقانون الطوارئ بسبب هذه الأزمات، ومنها باكستان والهند وكوريا الجنوبية والمكسيك. وتتصارع الدعوة السلفية الآن على جبهتين متحالفتين، هما الإخوان المسلمون والسلفية الحركية بالقاهرة، ولكل طرف من الطرفين خلافاته الخاصة والقديمة مع الدعوة السلفية. بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، فالخلافات بين الطرفين، خلافات فكرية وسياسية، حيث إن الدعوة السلفية لم ولن ترضى يومًا عن الفكر ألإخواني الذي رفضت الانصياع له على مدار 40 عامًا، وظلت عصية عليه رغم كل المحاولات المستميتة من جماعة الإخوان لإدخال الدعوة السلفية تحت عباءتها، ورفض الدعوة السلفية لهذا الأمر، لأنها ترى أن الفكر ألإخواني فكر يميع القضايا الدينية، وأن الإخوان يأكلون الدنيا باسم الدين.
يضاف إلى ذلك أنه عقب الثورة المصرية، ووصول الإخوان إلى سدة الحكم في مصر، تخوف التيار السلفي بشدة من هذا الصعود، لأنه يعلم أن الإخوان سيسعون جاهدين إلى أخونة الدولة، ثم مع مرور الوقت القضاء على كل التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة، لأن فكر الحركات الإسلامية بطبيعته فكر إقصائي، يرفض الآخر، ولا يقبل التنوع، وبالتالي فالدعوة السلفية تخشى على نفسها وعلى دعوتها وفكرها من الإخوان المسلمين، فضلا عن تلك الرغبة القوية لدى حزب النور لمنافسة الإخوان المسلمين على السلطة، والجلوس مكانهم على سدة الحكم، حيث يرون أنهم الأجدر بالحكم من جماعة الإخوان المسلمين، لأنهم يمثلون التيار السلفي التقليدي، وهو التيار الأكبر والأوسع في البلاد.
أما بالنسبة لخلاف الدعوة السلفية مع السلفية الحركية، فهو خلاف فكري بشكل أساسي، حيث إن السلفية الحركية قد تتبنى بعض المفاهيم (مثل تكفير الحاكم وجواز الخروج عليه)، التي كانت تتبناها بعض التيارات الجهادية مثل الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد قبل المراجعات الفكرية، وهذه الأفكار تخالف النهج السلفي الصحيح، وهي بذلك تكون خرجت عن النهج السلفي التقليدي، وأصبحت أقرب إلى النهج الجهادي، الأمر الذي اضطر الدعوة السلفية بالإسكندرية إلى مهاجمة فكر السلفية الحركية، وتحذير الناس منه، وهو ما أدى إلى اشتعال معارك فكرية ضارية بين الطرفين، لم تهدأ إلا عقب الثورة المصرية، حتى نشب الخلاف بين الدعوة السلفية والإخوان، لتقف السلفية الحركية إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين، وتدعمهم ضد كل معارضيهم، وعلى رأسهم الدعوة السلفية، بحجة الدفاع عن المشروع الإسلامي الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين، (متناسين كل المآخذ والانتقادات التي كانوا يوجهونها إلى جماعة الإخوان المسلمين في الماضي، ومنها اتهامهم بأنهم متخاذلون ومتعاونون مع نظام مبارك، وأنهم يقدمون المصلحة على الدين)، الأمر الذي فجر الخلاف القديم بين أبناء التيار السلفي، حيث وجدت السلفية الحركية الفرصة لرد الصفعات للدعوة السلفية التي كانت تعطيها لها طوال الفترة الماضية.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية 

0 تعليقات:

إرسال تعليق