Ads

علاقة الإرهاب بالفقر

الدكتور عادل عامر
الإرهاب الحقيقي هو ترويع الناس في معيشتهم وممتلكاتهم وأرواحهم بدون ذنب ارتكبوه وهذا ما دأبت على فعله الولايات المتحدة وإسرائيل ضد العرب والمسلمين كما فعلته الكثير من حكومات الدول المستبدة، والكثير من التنظيمات المتعصبة دينيا في العالم الإسلامي وغيره وإذا كان ثمة عامل واحد مشترك يجمع بين هؤلاء فهو بالتأكيد ليس الفقر، ولهذا فإن الربط بين الفقر والإرهاب ربط غير صحيح ومن الأفضل لنا في العالم العربي أن نحمي فقراءنا من أن تلتصق بهم تهم جديدة تطاردهم في هذا العالم القاسي! ظاهرة الإرهاب ظاهرة خطيرة ما في ذلك شك وهي اليوم تتمدد وتهدد استمرار الحياة الطبيعة على هذا الكون وتنسف فرص الاستقرار والتطور لتحقيق الحياة الهنيئة الوادعة والتعايش الأمثل بين بني البشر، وهي ظاهرة لا تُعرف بالتحديد جذورها الأولى لكن من المؤكد – حسب كثير من الدراسات – أنها تنتشر في مناطق النزاع المسلح هذا ما أثبته المحللون قديما منذ أيام الثورة الفرنسية، لكن التطور الجديد في هذه الظاهرة أنها انتشرت كذلك حتى في مناطق النزاع السياسي غير المسلح وحتى في مناطق التنافس الإنتخابي السلمي، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأقصى بؤر التوتر الملتهبين دائما، ولم يكد العالم يكتشف مشكلته مع تحديد مفهوم للإرهاب، حتى أفاق على مشكلة مصطلح جديد أنكى وأمر من الأول وهو تعريف: (تهمة الإرهاب) التي أصبحت تستخدم لتصفية الحسابات السياسية وتحقيق بعض المآرب والمكاسب السياسية لأفردا أو جماعات ضيقة، مما زاد مفهوم الإرهاب ضبابية على غموضه، وأفرغ محتواه من مضمونه.
أن ثلاثة أرباع العينة الإرهابية المتهمون في جرائم إرهابية بالخارج وبخاصة  حول أحداث سبتمبر 2001 بأمريكا أسفرت عن أن هؤلاء ينحدرون من الطبقات المتوسطة فما فوقها و90% منهم نشئوا في رعاية اسر متماسكة و63% التحقوا بكليات جامعية فإذا وضعنا في الاعتبار إن نسبة من يلتحقون بالجامعة في بلدان العالم الثالث التي منها هؤلاء الإرهابيون اتضح أنهم يعتبرون من خيرة أبناء تلك المجتمعات ممن بعثت بهم أسرهم لاستكمال دراستهم بالخارج ومن ثم فأنهم يتقنون الحديث بعده لغات كذلك فأنهم يختلفون عن أطفال الحجار ة الفلسطينيين الذين لم تكن تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة حيث التحقت غالبيتهم بمنطقة القاعدة وهم في السادسة والعشرين إي في قمة نضجهم النفسي والعقلي وإنهم إميل للاستقرار الأسري حيث 73% منهم متزوجون وغالبية هؤلاء لهم أطفال وغير متزوجين منهم لم يبلغوا بعد السن المعتاد للزواج وعلي مستوي التعليم والعمل فان ثلاثة أرباع العينة مهنيون يعملون في مجالات الهندسة الميكانيكية والمدنية والمعمارية إي إن أغالبيتهم وقلة منهم من المتخصصين في الإنسانيات وقلة نادرة من هؤلاء من المتخصصين في الدراسات الدينية حيث إن 13% فحسب تلقوا تعليمهم الأولي في مدارس دينية بينما تحتل العلوم الطبيعية في التخصصات حتى بين القادة بن لادن مهندس مدني وأيمن الظواهري طبيب محمد عطا مهندس معماري وقلة من دارسي العلوم العسكرية مثل محمد إبراهيم مكاوي
المشكلة الرئيسية في هذا الخلط هي أن العالم غير متفق على مفهوم الإرهاب، والأميركيون يفضلون أن يجعلوه ملتصقا بالعرب والمسلمين وكل من يعادي إسرائيل، بينما يفضل الأوروبيون ربط الإرهاب بالفقر وتهميش المجتمعات والذي يؤدي بدوره إلى الهجرة والتي تعتبر إحدى المشاكل الرئيسية في أوروبا. ولكن إذا اعتبرنا أن الإرهاب بالمفهوم المطلق هو التسبب بالأذى للمدنيين الأبرياء من أجل تحقيق أهداف سياسية أو غيرها فإنه من الواجب القول بأن أكبر الإرهابيين في التاريخ هم من الأغنياء لا من الفقراء، فالاستعمار الأوروبي تسبب بإرهاب الملايين من سكان الدول الفقيرة بينما تسببت عقلية الكاوبوي الأميركية والقوة المتغطرسة لجيشها في مقتل مئات الآلاف من المدنيين في اليابان والعراق وفيتنام وغيرها كما أن إسرائيل أوضح شاهد على إرهاب الأغنياء ولا ننسى كذلك الإرهاب الذي تمارسه الحكومات القمعية في العالم ضد شعوبها وهي مدججة بكل القدرات الاقتصادية التي تحرم منها هذه الشعوب
إن ما كان يظنه  غالبية الناس من إن الإرهابيين ينحدرون من اسر مفككة وبيئات فقيرة يسودها الجهل يعجزون عن تحمل المسئوليات المهنية واو الأسرية ذوي شخصيات ضعيفة مريضة بسهل التأثير عليها لم يعد صحيحا علي الإطلاق من وجهة النظر العلمية إن الإضعاف المتعمد لدور المؤسسة الدينية إلام المتمثلة في الأزهر الشريف منذ قيام ثورة يوليو 1953 احد أسباب نمو العنف السياسي الديني في مصر وهذا الإضعاف اخذ عدة مناحي منها التدخل في اختيار شيخ الأزهر وتسييس المنصب وساعد علية الاختلاف والصراع داخل الأزهر فقد تم معالجة هذا الأمر في الدستور الجديد 18 يناير 2014 فقد أصبح شيخ الأزهر يختار من بين هيئة كبار العلماء استقلال دون إي تدخل من السلطة السياسية أو التنفيذية والتفنن في إنشاء مؤسسات موازية متضاربة مما خلق تعدد في المرجعيات فأصبح هناك بجوار الأزهر الشريف دار الإفتاء وزارة الأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس العالي للشئون الإسلامية لقد سادت صورة الأزهر باعتباره الذراع الدينية للأزهر وكان طبيعيا والأمر كذلك أن ترتفع نعمة التلقين والحفظ وان تضعف نغمة تأكيد تعدد الاجتهادات وبالتالي إن يسود طلاب الأزهر ما يميل إلية طلابنا عموما من تمرد علي السلطة وان يتخذ ذلك التمرد بحكم  التخصص وبحكم حركة النشطاء الإسلاميين طابعا دينيا عنيفا لذلك لقد تغير التعليم الأزهري ولم يعد حصن الوسطية كما كان قديما وهذا يبرر ظاهرة العنف المقدس والعنف المبرر لدي طلاب الأزهر في الأحداث مال بعد 14 أغسطس 2013 والتي تسمي ما بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة  أن الأقوال المعلنة بشأن هذه الجماعة ينبغي إن تكون طيبة في كل الأحوال أما المشاعر الحقيقية والأفعال فان أمرها يختلف بل قد يحدث أحيانا إن نلتقي في موقف اجتماعي معين ببعض إفراد تلك الجماعة الاخري إن الإرهاب إنما يعد نوعا من أنواع الحرب النفسية باعتباره يقوم علي خلق حاله من الخوف واستغلالها في تحقيق أهداف سياسية ومن ثم فان تأثير العمليات الإرهابية لاينبغي إن يقاس بعدد الضحايا من قتلي وجرحي وغير ذلك من مقاييس الحرب التقليدية مثل عدد قتلي العدو في المعركة أو حجم القدرات العسكرية المدمرة أو المساحة الجغرافية التي يتم الاستيلاء عليها وإنما يقدرونه علي جذب الانتباه إلي الإرهابيين وقضيتهم وبالأثر النفسي له متمثلا فيما يغرسه من خوف في قلوب الإحياء والتأثير علي سلوكهم مما يدفعهم للانصياع لما يديره الإرهابيون ولذلك فان أصحاب السلوك العدواني لا يعترفون بما فعلوا إلا مضطرين ويستثني من تلك القاعدة علي سبيل الحصر جرائم الثائر والشرف والحرب وكذلك الأفعال الإرهابية بل إن إطراف الإرهاب يتسارعون لإعلان عن مسئوليتهم عن أفعالهم حتى قد نشهد فردين أو جهتين أو تنظمين يتنفسان منافسة شديدة في نسبة عمل من أعمال الإرهاب إلي احدهم المشكلة ليست النقص في المال، المشكلة هي في فائض المال الذي يستخدم لغسل الدماغ وللتحريض. ودرءا للشك، فإن معظم المسلمين ليسوا إرهابيين.. هم ضحايا. ولكن لا حاجة إلى أغلبية، ثمة حاجة إلى أقلية عنيفة تدب الرعب.
لا علاقة للإرهاب بالفقر، هذا ما يمكن لمسلمين شجعان أن يروه، غير أن كثيرين من المتنورين يصعب عليهم أن يروه. والسلامة السياسية تشوش لهم العقل السليم. وما هو محزن أكثر: تحت تصرف كيري يوجد عدد لا يحصى من الباحثين والخبراء كان يفترض بهم أن يعرضوا عليه معطيات حقيقية.. الحقائق وليس الأوهام. ثمة تخوف، تخوف فقط، من أن تفشل السلامة السياسية إياها مصادر المعلومات لدى كيري حتى بالنسبة إلى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. هذه أنباء سيئة عن أداء الإدارة الأمريكية، وأنباء سيئة أكثر عن فرص السلام.

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية 

0 تعليقات:

إرسال تعليق