Ads

انتخابات الرئاسة بين الداخل والخارج



انتخابات الرئاسة بين الداخل والخارج

بقلم هيام محى الدين
حاولت قوى الظلام والتطرف أن تقنع العالم بأن الشعب المصري ؛ أو جانب مؤثر منه على الأقل غير راض عما حدث في 30 يونيو و3 يوليو 2013 وأشاعوا أن ما حدث انقلاب عسكري لا يعبر عن إرادة شعبية ؛ وتجاهلوا الملايين الثلاثين التي خرجت تسقط حكم الجماعة ؛ والغضب الشعبي العارم ضد ممارساتها ؛ وقد كتبت مقالا في أوائل شهر فبراير 2013 بعنوان " متى يعرف الرئيس أن الأغلبية ترفضه " ونشر في كتابي " مقالات في الفكر والسياسة " الذي صدر في أبريل من نفس العام ؛ فصلت فيه الخلل السياسي الأبله الذي مارسه محمد مرسي وجماعته وخلافهم العميق مع معظم فئات الشعب ومع كل مؤسسات الدولة ومحاولاتهم الغبية السيطرة على مؤسسات الحكم والتشريع والثقافة والإعلام والتعليم بصورة فجة تتسم بالجهل والطغيان السياسي غير المسبوق وعددت أخطاء الرئيس والجماعة بداية من اصطدامه بحكم الدستورية العليا بحل مجلس الشعب ومروراُ بإعلانه الدستوري الذي صنع من نفسه إلها لا يرد له قرار وانتهاء بإدانته بالتحالف والاعتماد على تأييد ألد أعداء الأمة والوطن ( أمريكا وإسرائيل ؛ وكان هذا المقال تعبيراً دقيقاً ورصدا واقعيا للرأي العام المصري شعبا ومؤسسات ورؤيته للرئيس وجماعته ؛ ولم ير الإخوان في عقلتهم ما كان يراه الشعب المصري كله وظنوا أن أجنحة حماس العسكرية التي أخرجتهم من السجون في يناير 2011 قادرة على إرهاب الشعب المصري وإجباره على الاستسلام لغبائهم وحكمهم المتسم بالظلم والطغيان واستبعاد كل القوى الشعبية لينفردوا وحدهم بالسلطة معتمدين على تحالفهم مع الولايات المتحدة لتحقيق مشروعها المسمى بالشرق الأوسط الجديد ؛ وحين أسقطهم الشعب وأيده الجيش بناء على نداء الشعب لجيشه ليحقق إرادته أصابهم جنون واهم أدى بهم إلى إنكار الواقع ؛ ومحاولة تشويه الجيش الوطني وقيادته ووجدوا من يصدق دعواهم في الخارج ويتعامل مع الأحداث على أنها انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية ولكن الشعب المصري وقف وقفة تاريخية ليؤكد إراداته وقاوم بشرف ووطنية كل ما أثارته الجماعة وحلفاؤها من إرهاب غير مسبوق وهجوم على أقسام الشرطة وجنود الجيش وتفجير وتدمير لمؤسسات الدولة ؛ واجتاز هذه الفترة الصعبة بتماسك أدهش العالم ؛ رغم كل محاولات الجماعة وتنظيمها الدولي ؛ وحلفائها من أعداء مصر ؛ ومع تقدم خارطة الطريق المصرية في تحقيق أهدافها التي تمثت في إصدار دستور عصري متميز وافق عليه الشعب بأغلبية ساحقة ؛ وبدأ الإعداد للانتخابات الرئاسية وممارسة سياسة خارجية تتسم باستقلال القرار ؛ ورفض أي إملاءات خارجية ، ووضع بدائل متعددة للخروج من الأزمات التي صنعتها القوى الكبرى لتعويق ووقف مسيرة مصر في التخلص من فاشية وإرهاب الجماعة ؛ مما أدى إلى فشل محاولاتهم وتأييد الدول العربية المؤثرة ، والقوى العالمية ذات المصالح المشتركة مع مصر لاختيارات شعبها وإرادته ؛ وحين بدأ التصويت في الانتخابات الرئاسية للمصريين بالخارج ذهلت الشعوب العربية والأوروبية والأمريكية ؛ التي كانت متأثرة بدعايات التنظيم الدولي للجماعة وأكاذيب قناة الجزيرة القطرية ؛ بهذا الإقبال غير المسبوق على السفارات والقنصليات المصرية في مائة وأربعين دولة ؛ رغم ألغاء التصويت بالبريد الذي استغلته الجماعة في الانتخابات السابقة وصممت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أن يكون التصويت هذه المرة شخصيا وبحضور الناخبين بأنفسهم إلى مقار السفارات والقنصليات للإدلاء بأصواتهم ؛ وقد قطع آلاف المصريين في الخارج مئات الأميال بكل وسائل المواصلات المتاحة ليدلوا بأصواتهم في مظاهرة وطنية مصرية مبهرة تنافس في إبهارها للعالم ما قام به الشعب المصري في يناير 2011 ويونيو 2013 ؛ ففاقت أعدادهم كل الانتخابات السابقة للمصريين بالخارج والتي تمت في عهد الإخوان عن طريق البريد في غالبيتها ؛ وقد كانت دعاية الإخوان في أوربا والولايات المتحدة وتركيا وقطر تؤكد مقاطعة المصريين لهذه الانتخابات التي نسبتها كذبا إلى انقلاب عسكري يرفضه الشعب المصري وكان إقبال المصريين في هذه الدول على الإدلاء بأصواتهم وتحمل مشقة الانتقالات والسفر من مقار عملهم وإقامتهم إلى مقار السفارات والقنصليات شيئا مبهرا ومفاجئا لمن تأثروا بدعايات قناة الجزيرة القطرية وتنظيم الإخوان الدولي ؛ ففي قطر ذاتها توجه قرابة العشرين ألف مصري من المقيمين هناك لإدلاء بأصواتهم مما يؤكد فشل الدعاية الإخوانية في عقر دارها في خداع المصريين ؛ ولم تجد قناة الجزيرة سوى أكاذيب تافهة تثير السخرية لتبرر ما حدث ؛ وقد قال لي صديق لبناني يعيش في بروكسل ببلجيكا على الفيس بوك أنه ذهل ودهش من هذا الإقبال غير المسبوق للمصريين على التصويت في الانتخابات وقال بالحرف الواحد: هذا الشعب المصري عجيب لقد صنع التاريخ ومازال يصنعه حتى اليوم وبهر العالم ؛ ومازال في جعبته الكثير من الإبهار وقال أنه يفخر بأنه عربي ينتمي إلى نفس الأمة التي ينتمي إليها الشعب المصري.
إن ما فعله المصريون بالخارج يضعنا جميعا داخل مصر في موقف التحدي وإثبات الذات فلا يمكن أن يكون مصريو الخارج أكثر وعيا ووطنية وشموخا وإصرارا على صناعة المستقبل واستعادة الأمن والرخاء والحرية والديمقراطية من المصريين داخل الوطن الذين عاشوا وعايشوا ومازالوا يقاومون إرهاب جماعة خائنة للوطنية كارهة لكل شعب مصر إلا من ينتمي إليها ، نريد من المصريين جميعا يومي 26 ، 27 مايو 2014 أن يثبتوا للعالم أجمع أننا شعب يصر على الحرية ويصمم على استعادة أمنه ورخائه بالتوجه بالملايين إلى لجان الاقتراع كما نزل بالملايين إلى الميادين لإسقاط الطغيان.
                      هيام محي الدين




0 تعليقات:

إرسال تعليق