Ads

ظلال الغد

تناديه زوجته لتناول وجبة العشاء، فينهض.. يزدرد طعامه ويعود ليجلس خلف حاسوبه من جديد.. المئات من الأصدقاء ينتظرون كتاباته، وهو لا يسقيم على طبيعة واحدة، إذ يبدو في بعض الأحيان بهذه الجرأة والعنف والقسوة في حروفه، ولأجل ذلك فقد زرع بينهم هذا الخوف المتصل، وراح ينشر ما يعنّ له بعد ما تعرّضت الصحيفة التي كان يعمل بها لهذا الإفلاس المريع، وعزف عن الخروج من البيت بعد يأسه في إخفاء حالة البلى التي بدأ يتعرّض لها هندامه 
لقد كره وجه الواقع الذي بدا له بتشوهات قاتلة، وتذكّر فجأة أنّ عليه أن يتصل بمدرسة ابنته لأمر يهمه كما قالوا له، فأغلق حاسوبه وطار إلى فراشه.. هو يعرف هذا الأمر ويدرك أنه تأخّر في تسديد أقساط دراستها.. ومنه فقد أختار أن يقابل هذا المدير اللعين في كوابيسه، وقال بصوت فارقه الهدوء :
لا يمكنكم طردها بهذه البساطة ..-
.. نأسف لهذا القرار لكنك لم تسدد أيّ قسط منذ أشهر، برغم الإنذارات التي وجهت إليك -
تقلّب في فراشه وهو يهذي.. بدا كأنه يحارب الظلم، وينتصر للمظلومين، وحين مدت زوجته يدها لتغطي جسده.. أمسك بمعصمها وتساءل :
- أيمكن لهم منحنا بعض الوقت لنتدبّر أمرنا ؟ ..
لم تجبه، فقط أعادت اللحاف علي جسده المتعرّق بعد أن تخلّصت من يده بهدوء، وعاد هو إلى المدير، ورأى بعض الدموع في عينيّ
ابنته الصغيرة،التي يدللها بنداء بابا .. 
- بابا المعاش لم يعد يكفي :
هزّت رأسها بيأس وخجل.. وقال هو من عمق كابوسه :
-لا يهمّ سأبيع حاسوبي ..
كانت يدها الحانية تسحب الغطاء عنه، وشمس الصباح تشرق في الأرجاء ..
مريم الترك 

0 تعليقات:

إرسال تعليق