Ads

الحق فى التمتع بأعلى مستوى من الصحه يمكن بلوغه؟؟

بقلم/ المستشارطه حسين ابوماجد


ما هو الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه؟
تقع فكرة وجوب تلبية الاحتياجات الصحية للأفراد في لب الدفاع عن حقوق الإنسان. وهي تشمل الحق في البقاء والحياة دون التعرض لمعاناة يمكن تلافيه
وتقر ذلك المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالحق في الصحة إذ تنص على أن
"لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية ..."
واستند هذا التعريف على النظرة القائمة للحق في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر وهي نظرة ترى أن الدولة عليها فقط ألا تحول بين الأفراد وبين التمتع بحقوقهم المدنية والاقتصادية Eide et al. 386 كما تضمنت المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الإشارة إلى أنه على الدولة اتخاذ تدابير لضمان تمتع جميع المواطنين بمستوى معيشي مناسب، فيما يخص المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية؛ كعناصر أساسية لمستوى معيشي مناسب على صعيد الصحة والرفاهة.
وإن الوقوف على معايير محددة لتلك العناصر أمر بالغ الصعوبة نظرا لأن أوضاع الدول وتاريخها الاقتصادي والاجتماعي مختلف وهو ما ينعكس في تبنيها لمعايير مختلفة لما يعد "مستوى معيشي لائق".
وتعرف ذلك المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في الصحة باعتباره
"... بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه."
إلا أن هذا التعريف على أية حال لا يقدم تحديداً لمحتوى الحق في الصحة نظراً لأنه من غير الواضح ما إذا كان "التمتع بأعلى مستوى" يجب أن ينظر إليه في ضوء الظروف الوطنية لدولة ما أم في ضوء الاقتصاد العالمي. ومن المؤكد أنه على صعيد بعض القضايا فإن أعلى مستوى يمكن التمتع به في ضوء الأوضاع الوطنية لبعض الدول لا يتماشى مع ما هو مقر به فيما يعد ضمن الحد الأدنى لمحتوى الحق في الصحة الذي يحق للأفراد التمتع في أية ظروف  كالتطعيم والعلاج الطبيعي، والرعاية الطبية لكبار السن .. الخ
ويعاني سكان تلك الدول يعانون من بدرجات مختلفة من الأمراض التي من الممكن تجنب الإصابة بها أو من الممكن العلاج منها في الدول المتقدمة وهو ما يعود جزئيا إلى أن العديد من حكومات الدول النامية لا تستطيع أن ضمان مستوى مناسب من الرعاية الصحية وأوضاع معيشية مناسبة لكافة مواطنيها. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية يقدر أن هناك 1,7 مليون فرد يموتون سنويا في الدول النامية بسبب أمراض تنتج عن تناول مياه غير نقية وعدم وجود مصارف مجارى مناسبة. وهناك كذلك ثلاثة مليون طفل يموتون سنويا جراء الإصابة بالأنيميا وكذلك يعاني 170 مليون طفل من سوء التغذية. ويرجع ارتفاع معدل وفيات الأطفال الذين لم يبلغوا خمس سنوات في البلدان النامية إلى عدم توفر الرعاية الصحية لفترة ما قبل الولادة ولمرحلة الطفولة المبكرة وانتشار سوء التغذية. إذ أنه فيما يتدنى معدل وفيات الأطفال أقل من خمس سنوات في الدول المتقدمة إلى حد كبير ففي السويد يبلغ المعدل 3.5 لكل ألف، نجد أنه هذا المعدل يبلغ أقصاه في سيراليون إذ يصل على 313 حالة وفاة لكل 1000 من الأطفال أقل من خمس سنوات. هذا وتختلف الأوضاع الصحية للمجموعات السكانية (الأقلية والأغلبية، الأغنياء والفقراء، سكان المدن وسكان الأرياف) ففي عام 1999 كان معدل وفيات المواليد في الولايات المتحدة الأمريكية لكل 1000 طفل يبلغ 14.1 في أوساط الأمريكيين من أصل أفريقي فيما يبلغ 5.8 في أوساط الأمريكيين من أصل أسباني.
ويستلزم العمل على رفع مستوى المعيشة في البلدان النامية أن يتم إيلاء عناية مباشرة وعلى نحو عاجل لتحقيق التغييرات التالية وهى:
 العمل على توفير المياه النقية على نطاق واسع
 تشييد أوضاع معيشية صحية
 توفير الطعام على نحو كاف
 توفير التطعيمات والأدوية على نطاق واسع
 تنفيذ خطط للرعاية بالصحة النفسية
 توعية الأفراد فيما يخص الوقاية من الأمراض والإصابة بسوء التغذية.
وتشير بعض المبادرات الدولية فعالة الكلفة إلى أن أغلبية المشاكل الصحية في بلدان العالم النامي يمكن التعامل معها بفعالية على سبيل المثال
نجحت أوغندا إلى حد كبير في تخفيض معدل انتقال فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز من الأم إلى الطفل اعتمادا على ميزانية تبلغ 4 دولارات فقط وذلك باستخدام بديل مقاوم للفيروسات منخفض التكلفة يعرف بـ "نيفيراباين" وذلك بدلا من مثيله مرتفع الكلفة والذي يعرف بـ "أزت"(Nature Medicine 963)
ويولي برنامج العلاج بالملاحظة المباشرة عناية خاصة بأوضاع المصابين بالسل معتمدا على متابعة دقيقة لمدى تأثير الأدوية التي يتناولها المرضى ومدى تقدم حالة المريض. وفيما تصل نسبة الشفاء من المصابين بالسل ممن يتم معالجتهم وفقاً لهذا البرنامج 72 في المئة فإنها تبلغ فقد 22 في المئة في برامج العلاج الأخرى. (WHO TB 16)
ولقد ساهم فى توفير برامج فعالة للتطعيم ضد الجدري وشلل الأطفال في استئصال هذين المرضين من كافة أنحاء العالم على نحو مدهش
وساهمت الجهود الهادفة للتوعية فيما يتعلق بالوقاية من مرض الايدز وكذلك توفير الأدوية منخفضة الكلفة للمصابين به في البرازيل في إبطاء معدل انتشار المرض وكذلك إطالة حياة المصابين به
إلا أن الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول تحول دون توفير الأدوية حتى تلك المنخفضة التكلفة  ولذلك فإن تقديم المساعدات من قبل الدول المتقدمة يعد أمراً حيويا حتى يمكن كفالة التمتع بالحق في مستوى معيشي مناسب بما في ذلك التمتع بمستوى مناسب من الصحة وذلك على النحو الذي أقرته المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

0 تعليقات:

إرسال تعليق