د. مصطفى يوسف اللداوي
لست مع روسيا، ولا مؤيداً لها، ولا داعياً لنصرتها والدفاع عنها، فهذا الأمر ليس من شأني، ولا يعنيني، ولست في هذه المعارك أكثر من مشاهدٍ ومتابع، وقد أكون متلقياً إذا انعكست سياستها على بلادي، وأثرت على شعبي وأمتي، كأن تؤيد عدوي، وتساند خصمي، وتتجاوز حقي، أو تتآمر على بلدي.ولكني أتساءل لماذا يضيق العالم ذرعاً بالقاعدة الروسية التي تكاد تكون الوحيدة الآمنة الباقية، وهي المقامة قديماً على أرضهم التاريخية، في شبه جزيرة القرم، في ميناء سيباستو بول على شواطئ البحر الأسود، وهي التي كانت يوماً لهم، ومازال يسكنها مواطنوهم، الذين يتحدثون لغتهم، ويعتنقون دينهم، وينتسبون إلى مذهبهم، ويدينون بالولاء إلى وطنهم الأول، ويبدون استعدادهم للدفاع عنه، والعودة إليه، وحمل هويته، والتمتع بجنسيته.
بينما يغضون الطرف عن مئات القواعد الأمريكية المنتشرة في أغلب دول العالم، والتي لا تكتفي بأن تكون قواعد عسكرية، بل أصبحت قوةً داخل الدول، وسجوناً على أرضها، ومواخير للدعارة في البلاد التي تتواجد فيها، حيث تستقدم آلاف العاهرات، من كل مكانٍ في العالم، إلى القواعد الأمريكية حيث تكون، لمساعدة الجنود الأمريكيين، والترفيه عنهم.
علماً أنها لا تخضع لقوانين البلاد التي توجد فيها، ولا يقدم جنودها إذا ارتكبوا مخالفةً إلى المحاكم المحلية، ولا تطبق في حقهم القوانين الوطنية، كما أنهم لا يفيدون البلاد اقتصادياً، إذ يعفون من الضرائب، كما يجلبون معهم على سفنهم كل ما يحتاجون، فلا يضطرون لشراء شئ من البلاد التي يتواجدون فيها إلا ما نذر وقل.
أليست هذه معايير مزدوجة، ومقاييس منحرفة، وسياسات عرجاء شوهاء، وعيونٌ عمياء، ونفوسٌ بلهاء، وقادةٌ حمقاء، وأحكامٌ رعناء، لا ترى إلا ما تريد، ولا تحكم إلا على ما لا تحب وترضى، وهي ذات السياسة التي نخضع لها، وتطبق علينا، ونعاني بسببها، ونشكو من ظلمها منذ عشرات السنين ...
0 تعليقات:
إرسال تعليق