Ads

كلمة وزير التربية والتعليم فى ذكرى ميلاد رفاعة رافع الطهطاوى


إن الوزارة تنتهز مناسبة ذكرى ميلاد الشيخ رفاعة الطهطاوى المؤسس الأول لنهضة مصر الحديثة لتكون فرصة طيبة لإبراز مواطن القدوة الحسنة واستخلاص العبر والدروس المستفادة فى ذكرى علم من الأعلام المؤسسين للنهضة والتعليم ، وذلك لتضعها بين يدى أبنائها المتعلمين وجميع الزملاء العاملين بها انطلاقا من قول الشاعر:

 سَلِ الفضلَ أهلَ الفضلِ إنهمُ

              على الهدى لمن استهدى أَدِلاّء

- ومن أول الدروس المستفادة من حياة رفاعة الطهطاوى إدراك قيمة الوقت واستثماره على الوجه الأمثل وهو ما نسميه فى فن القيادة اليوم بإدارة الوقت ؛ فهو لم يقض وقته إلا فيما فيه فائدة ، فقد قيل عنه :

" إنه كان قليل النوم ، كثير الانهماك في التأليف والتراجم " على الرغم من كثرة المسئوليات التى تحملها وأخذت من وقته الكثير ، وهو بذلك يحقق الحكمة المتمثلة فى قول  الشاعر :

   بصرت بالراحة العظمى فلم أرها

                تُنال إلا على جسر من التعب

-   ويكفى الطهطاوى أن من أعظم ما قدم لوطنه تلاميذَه النوابغَ الذين حملوا فى مصر مشاعل نهضتها الحديثة ، وقدموا للأمة أكثر من ألفى كتاب خلال أقل من أربعين عامًا ما بين مؤلف ومترجم 0

-    ويعد الطهطاوى أحد رواد الفكر التنويرى فى مصر بعد فترة الاضمحلال الفكرى التى عاشتها والتى وصلت لذروة الجمود الفكرى 000 فقد كان لاتصال الطهطاوى بالفكر المستنير أثر بالغ الأهمية فى التواصل العلمى والفكرى بين مصر وبين الفكر والعلم فى كثير من دول العالم 0000

-   فالطهطاوى قد ابتكر لنفسه دورًا فى الحياة العلمية والفكرية ، وذلك يتضح فى إنشاء مدرسة الألسن ، وفى التفاعل مع الفكر المتطور المتنامى فى فرنسا اجتماعيا وخاصة بعد الثورة الفرنسية وما حملته من أفكار الدولة المدنية الحديثة القائمة على المشاركة المجتمعية والشعبية فى الإدارة والحكم ، وهى أبرز إسهامات المفكر "جان جاك روسو" المعروفة بنظرية "العقد الاجتماعي" ، وقد قامت الدولة الحديثة فى العالم على ذلك 0

-   وإذا كان محمد على باشا هو بانى مصر الحديثة فإن إسهام رفاعة رافع الطهطاوى فى النهضة الفكرية التى عاشتها مصر فى ذلك العهد واضح في كل أعماله .

-   ومن مواطن القدوة للحفاظ  على الهوية والشخصية الوطنية ما أدركه الطهطاوى بحسه العربى والإسلامى من أهمية دراسة العلوم والمعارف الإنسانية والانفتاح على الثقافات مع الحفاظ على الهوية وعدم الذوبان فى نطاق العولمة الثقافية ؛ لأن التحدى الثقافى الذي يواجهنا يكمن فى قدرته على مواجهة تغيير صورة الأمة وإلغاء ذاكرتها وتشويه شخصيتها مما يجعل تفتيتها وشرذمتها أمرًا سهلا على كافة المستويات 000

-   ومن الدروس المستفادة ومواطن القدوة عند الطهطاوى موقفه المشرف من التراث وذلك بإنجاز أول مشروع لإحياء التراث العربى الإسلامى بطبع كتب من عيون التراث، وكذلك إشرافه بروح وثابة على تدريس اللغة العربية بالمدارس واختيار مدرسيها وتوجيههم واختيار الكتب الدراسية المقررة ، ورئاسة كثير من لجان امتحانات المدارس الأجنبية والمصرية 0

-   ومن أعماله العظيمة الترجمة والتعريب مثلما فعل فى مدرسة الطب ، كما أنشأ أقسامًا متخصصة لترجمة كتب ( الرياضيات – الطبيعيات – الإنسانيات )  إلى جانب إعداد عشرين كتابا من ترجمته ، وعشرات أخرى أشرف على ترجمتها  ، ولا ننسى ترجمته لمسرحية " تليماك " لفنلون ، وإصداره جريدة الوقائع المصرية باللغة العربية بدلا من التركية 0

-   وهو فى كل ذلك كان له السبق فيما هو مطلوب الآن من تهيئة الرأى العام لاعتبار التعريب قضية وطنية وقومية لا غنى عنها؛ لأن التعريب دعم لوجود اللغة العربية مع ضرورة ربط خطط التعريب بالخطط الشاملة للمجتمع العربى وتطويره 0

-   ومن مواطن القدوة المبكرة عند الطهطاوى إصداره أول مجلة ثقافية فى تاريخنا وهى مجلة " روضة المدارس " 0000

-   ومن أعظم أعماله جعل دراسة اللغة العربية إجبارية على  جميع الطلبة فى المدرسة الحربية عندما تولى نظارتها فى عهد سعيد باشا مع إعطاء الحرية للطلبة فى اختيار إحدى اللغتين الشرقيتين : التركية أو الفارسية ، وإحدى اللغات الأوروبية : الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية ، وهذا ما ندعو إليه الآن؛  لأننا فى الوقت الذى ندعم فيه الإلمام باللغات الأجنبية وتعلمها وإتقانها نجد من الواجب علينا الإلمام بلغتنا الوطنية وإتقانها والاعتزاز بها والدفاع عنها ، ونغار عليها ؛ لأنها تمثل كيان كل منا وشخصيته ؛ ولأنها رمز للسيادة الوطنية والاستقلال كما تنص عليها الأنظمة والدساتير الوطنية .

-    وهكذا كان رفاعة الطهطاوى خير ممثل للعروبة والإسلام بفكره المستنير ، محققـًا بذلك التكامل بين اللغة العربية واللغات الأخرى بما يؤدى إلى الثراء الفكرى والعلمى والتواصل الثقافى والإنسانى والحضارى ، وذلك كله من ثوابت ديننا الحنيف الذى يدعو إلى طلب العلم بكل أنواعــه ، وكأنى برفاعة الطهطاوى فى كل حياته وفى كل أعماله كان يجد نفسه المقصود فى مثل قول الشاعر :

    إذا القــوم قالــوا مــن فتى خِلـت

           أننى عُنيت فلم أكسل ولم أتعنت 

 وفى الختام أدعو جميع أبنائى وجميع العاملين لاتخاذ الطهطاوى وأمثاله من عظماء الأمة قدوة حسنة لنحقق ما نصبو إليه من نهضة لمصرنا الحبيبة 0

والله ولى التوفيق ،،،،،
-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق