مستشار التحكيم الدولي/ عبدالحميد شومان
بينما كان د.أحمد كمال أبو المجد يجلس وعدد من قيادات الإخوان بحثًا عن مخرج للجماعة من أزمتها، كان الزميل الكاتب الصحفى البارع خالد داوود يتلقى العلاج بالمستشفى بعد اعتداء مجموعة من الإخوان عليه خلال مظاهراتهم يوم الجمعة الماضى.
مواقف خالد الأخيرة لم تشفع له عند الإخوان، رغم أنه استقال من منصب المتحدث الرسمى لحزب الدستور تضامنًا مع د.محمد البرادعى فى رفضه فض اعتصام رابعة، بطريقة رآها مفرطة فى القوة، وكان من وجهة نظره أنه يمكن الانتظار للوصول إلى حل آخر، كما أنه تقدم بمبادرة للوصول إلى حل لا يقصى فيه الإخوان، لكن كل هذه المواقف لم تكن كافية لدى أنصار الجماعة لاستثنائه من الاعتداء عليه!
وكان لإصرار المعتدين على قطع يد خالد، دلالة مهمة.. منها:
أنَّ الكتابات التى لا تعبر عن أفكارهم، يجب أن تتوقف..
واليد التى لا تتبنى مواقفهم مطلوب أن تبتر.. فإما أنْ تكون معهم بالكامل أو تكون عدوًا يجب التخلص منه.
لكن يبدو أنَّ رسائل الإخوان هذه، لم تصل إلى د.أبو المجد.. فحسب ما صرح به القيادى الإخوانى محمد على بشر: (إن الجلسة مع د.أبو المجد، كانت تشاورية، وقد تكون مقدمة لمبادرة لم تحدد بنودها، وسيتم طرح بعض الأسماء للجلوس مع أطراف من القوات المسلحة والحكومة والقوى السياسية، لوضع حل للخروج من الأزمة إن رضيت قيادات الجيش).
إذا.. يريد د.أبو المجد أن تجلس الأطراف المختلفة مع بعضها على طاولة واحدة، فى إشارة إلى تساوى الجميع!
فهل يتصور الإخوان ومعهم د.أبو المجد أنَّ مظاهراتهم المستمرة تعطيهم قوة مساوية للدولة، وتمنحهم فرصة للمساومة بوقف المظاهرات مقابل الإفراج عن القيادات.. ثم تأتى بعد ذلك باقى المطالب؟!
هل لم تكن دماء خالد، التى سالت كافية لكى يقتنع د.أبو المجد أن الإخوان جماعة غير سلمية؟!
ألم يسأل نفسه أو من جلس معهم من الجماعة.. لماذا يحمل أفرادها «سنج ومطاوى وسكاكين»، خلال مظاهراتهم التى يدعون أنها سلمية؟! ألم يدرك أنهم لن يقتنعوا إلا بعودة الجماعة للحكم، رغم أنف الشعب المصرى، دون أدنى مبالاة بآلاف الأرواح التى تزهق من أجل هذا الهدف!
نعم.. قد ترى الجماعة نفسها، الآن، فى حالة ضعف، وتقبل بحل يبقيها على قيد الحياة، لكنها فى ما بعد ستفعل كل الآثام من أجل العودة إلى الحكم.
لقد لعبت الجماعة أقذر الأدوار بعد ثورة يناير، وبانتهازية كبيرة تحالفت مع كل الأطراف ضد كل الأطراف ثم خانت الجميع.. أوهمت الشرطة أنها معها ضد الثوار فى مظاهرات محمد محمود ومجلس الوزراء، واستخدمتها لفترة فى الاعتداء على المتظاهرين السلميين الحقيقيين عليها، ولترويع الثوار المعارضين لها.
ولعبت ضد الثورة مع المجلس العسكرى.. واستطاعت الحصول على الإعلان الدستورى الذى جعل الانتخابات النيابية قبل وضع الدستور.. وهو ما مهد لقياداتها الطريق للاستيلاء على الحكم، وإلى الوصول إلى ما نحن فيه الآن من وضع مؤلم.
واستغلت براءة الثوار فى الوقوف مع مرشحها فى الانتخابات الرئاسية، ورفعت الشعارات الدينية عندما احتاجت إلى إثارة النعرات الدينية.. وارتدت «قميص الثورة» عندما وجدت أنه أفيد لها!
وفى بعض المواقف، دافعت عن العسكر.. عندما هتف الثوار «يسقط يسقط حكم العسكر».. وقال قادتها: «الجيش المصرى خط أحمر».
ثم كان أن رددت نفس الهتاف، عندما رفض الجيش أن ينصاع لها ضد مصالح الوطن وأمنه!
رفضت إعادة هيكلة الداخلية عندما كانت تتصور أنها تتحكم فيها وتوجهها كما تريد، ثم عادت لتهتف: «الداخلية بلطجية»، بعد أن تخلت الداخلية عنها، وأصبحت تعمل لحماية الوطن لا لحماية مقرات الجماعة.
كانت هذه هى تصرفات الإخوان، حتى وصلوا إلى الحكم.. أما بعده فقد قتلوا الثوار، وسرقوا الثورة.
وعندما سقط نظام حكمهم.. بدأت أعمال العنف، وأصبح الجميع أعداء لهم، حتى المنادون بالحوار معهم لم يسلموا من أذاهم وشرهم!
أدرك، تمامًا، أن خالد داوود اتخذ موقفه الداعى لعدم إقصاء الإخوان، بناءً على قناعته الخاصة، ومن أجل مصلحة البلد من وجهة نظره، لكنه لم يدرك أن القتلة لا أمان لهم.. وأن سارقى الثورات لا عهد لديهم، وأن قواعد الجماعة تنفذ الأوامر التى تصدر لها من قيادتها دون تفكير.. وقد كانت الأوامر بالتخلص من أعدائهم وإرهاب كل من ليس معهم.. حتى لو تقدم خطوة نحوهم!
أما د.أبو المجد، ومن شابهه فى أفكاره وتصرفاته فعليه أن يقرأ «رسالة الإخوان» لخالد داوود، قبل أن يستمر فى جهوده، التى لن يقبلها أحد!
0 تعليقات:
إرسال تعليق