Ads

عزيزات سوريا !!!

 شيرين أبو سمرة


توجهت ذات يوم إلي  محل التجميل “الكوافير” الذي اعتدت الذهاب إليه منذ سنوات وتقريباً أعرف جميع العاملات به وصاحبته ..أثناء انتظاري جائتنى إحداهن وكانت وجها جديداً بالنسبة لي في، عمر والدتى تقريباً ملابسها محتشمه ووجها صبوح راقيه جداً ،وبعد حوار قصير دار بيننا أدركت اختلافاً في لهجتها فلم أبال كثيراً، وقلت في نفسي ربما هى من إحدى القري المجاوره للمدينه الصغيرة التى أقطن بها ..

لكن أصابنى الفضول بعد ذكرها عدة  كلمات تبدو غريبة عن لهجتنا المصرية، فـسارعت بسؤالها عن وطنها فأجابت بأنها سورية , رسمت علي ملامحي كل علامات الاستغراب، قلت لها في دهشه فعلاً ؟ أنتى سورية ؟ قالت في حزن واضح جداً وانكسار  ”نعم” .. فرددت أنا معقول هنا في مدينتا الصغيره سوريات ؟! قالت نعم ياابنتى وصل بي الترحال إلى هنا حيث اقيم مع ابنى وابنتى،والتى تقترب من نفس عمرك .

وأضافت أنهما يعملان في مصنع للحلوى ،وصاحب المصنع أعطاهم غرفه صغيرة يسكنون فيها مقابل عملهم ولا أجر لهم سوي المأوي وأضطرت هي للعمل كي تعيش هى وبناتها ويجدوا ما يسد جوعهم ..

ذكرت لي انها كانت عزيزة في بلدها، ومن أسره مقتدرة ،وكانت تمتلك محل ملابس وكان زوجها تاجر ،حتى ،ن حل بسوريا ما حل. وذات يوم أصيب زوجها بسكته قلبية ووافته المنية بحسب تعبيرها ”.

وأضافت فى حسرة أن زوجي مات من الرعبة ” ..فاضطررنا أن تترك كل مانملك لتنجوا من الهلاك  وأتينا إلي مصر  ولجأنا إلى بيع كل مصوغاتنا التى أتينا بها حتى نفذ كل مانملك ووصل بنا الحال إلي تلك المدينة الصغيرة .

وأثناء الحوار الذى أبكانى، دخلت السيدة صاحبة المحل في الحوار قائلة في تهكم علي السوريات “ماهم مترميين في كل مكان دايرين يشحتوا ” الأمر الذى ازعجني كثيراً وأشعل غضبى، خاصة أننى لمحت عيون السيدة السورية تلمع بالدموع ..فقلت للسيدة صاحبة المحل، ليه كده، إحنا كان ممكن نكون مكانهم. فردت في إصرار علي توجيه الإهانات للسوريات ” لا لا إحنا فين وهما فين ” وظلت تتفاخر بمصر  وفي الوقت نفسه تسب السوريات بأسوأ الألفاظ وتصفهم بأنهم “يدورون يتسولوا” بل وتتعرض لشرفهن . فنطقت السيده السوريه في انكسار أنا شريفه بنت شرفاء والسوريات لسن كما تصفين .. فنهرتها السيده صاحبة المحل بكل قسوه كي تكف عن الحديث وتذهب لتنظيف المحل .. كتمت غيظي لأننى رايت في هذه السيده مثال قبيح للسيدة المصرية ولا جدوي من كلامي معها ..

وقبل أن اغادر المكان ناديت علي السيدة السورية، واعتذرت لها باسم كل مصري عما بدر من تلك السيدة التى لا تمثل إلا نفسها ..قلت لها بالحرف “” لا تحزني فأنت لنا أخت، ومصر بلدك وأنت بين إخوانك، والمصريين والله موش كده خالص المصري جدع وكريم،لكن بيننا اللئيم غير المهذب وإن كانوا قله .. احتضنتنى السيدة وهي تبكي في كتمان قم. أكملت لها أنا في عمر ابنتك تقريباً لا تحزني ياأمي، فأنت والله عزيزة لن يطول منك غدر الزمن وطلبت منها رقم تليفونها وأعطيتها رقمي .. و.. و انصرفت  وأنا في حالة من الحزن والهم لا أستطيع وصفها ..

هل يعقل أن يكون هناك بشر كتلك السيدة صاحبة المحل ليس لديها رحمة بحال هذه السيده الذي هو حال كثيرات من السوريات ..كان من الممكن أن تكون أمى مكان هذه السيدة لا قدر الله ،فحال مصر لم يكن أحسن حالاً بكثير عن سوريا لكن لطف الله بنا .. ظللت أردد بينى وبين نفسي ماهذا الذي آال اليه حال بنات العرب ؟ هل يعشن ذليلات هكذا يدفعن وحدهن ثمن الجحيم العربي الذي هبت رياحه علي بلاد العرب وأسموه بالخطأ ربيعاً عربياً ..!!

ظلت صورة السيدة وعيونها الدامعة الذليلة الكسيرة كامنة في مخيلتى لعدة أيام حتى رويت الحكاية لإحدي صديقاتي والتى وهبها الله  قلباً رحيماً مع سعة فى الرزق حيث أنها تمتلك مطعماً كبيراً ،فقبل أن أكمل طلبت مني الاتصال بها واستدعائها فجاءتنا السيده السورية “أم محمد” استقبلناها استقبال حافل كريم حقاً يليق بنا كمصريات وبها كأخت عربية، وعرضت عليها صديقتي أن تتكرم عليها وتقبل العمل معها في المطعم عزيزة مكرمة. ولأنها تعلم أن السوريات يُجيدن الطهي وفنون المطبخ ،وحرصت على توفير مسكن مناسب دون مقابل لتعيش فيها معززة .. كما خصصت لها راتبا مناسباً جداً .. إنهارت السيدة السورية في البكاء وظلت تردد دعوات لي ولصديقتي وتقول “لسه والله الزمن بخير ” .لا أخفي عليكم إنهمرت دموعي أنا الأخري، لكنها دموع فرحتي بأخلاق صديقتي والتي عدلت الصورة عند أختنا السورية عن المصريات .

بلاد العرب أوطاني ..!! كيف الله يخليك ..؟ وهي مقفلة أبوابها في وجوه بناتها  وللأجانب مفتوحة علي مصرعيها .. استغلوا بنات سوريا بحجة الستر علي المسلمة وجهاد النكاح ومسميات مقززة لا نطيقها ..

رفقاً ياعرب بعزيزات سوريا رفقاً .

0 تعليقات:

إرسال تعليق