Ads

عفوا د/ البر صيام معتصمي رابعة العدوية من البر


بقلم : د/ عبد الحليم منصور
رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر – فرع الدقهلية

باديء ذي بدء أنوه للقاريء الكريم أنني ليس لي توجه سياسي لأي حزب أو فصيل ، فقط أعتز بانتمائي للإسلام وشرف انتمائي للأزهر العتيق .
نشرت بعض المواقع ، ووسائل الإعلام الخبر التالي : أفتى اليوم "عبد الرحمن البر" مفتى الإخوان المسلمين، "أن معتصمى رابعة العدوية يجوز لهم شرعًا الإفطار فى رمضان لأنهم يجاهدون فى سبيل الله، .
والدكتور عبد الرحمن البر ، شخصية معروفة ، وذات قدر علمي وديني معروف ، فهو عميد كلية أصول الدين والدعوة ، بالإضافة إلى كونه عالما أزهريا ، كما أنه عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين ، وهو رجل دمث الخلق ، نحسبه على خير ولا نزكيه على الله ، إلا أننا قد نتفق معه تارة ، ونختلف معه تارة أخرى ، كما هو الشأن في الفروع الفقهية ، التي يكتنفها الرأي والرأي الآخر. 
ولما كانت العصمة للبشر غير متوافرة ، كما قال الإمام مالك رحمه الله :" كل يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا المقام – يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإنني يبدو لي أن هذه الفتوى – إن نصح نسبتها إليه - قد جانبها الصواب لما يأتي :
أولا _ قوله تعالى :" فمن شهد منكم الشهر فليصمه " 
– وقوله عز وجل :" فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم البسر ولا يريد بكم " 
ووجه الدلالة من هاتين الآيتين : أن الأولى أوجبت الصيام على جميع المسلمين كافة بشهودهم هذا الشهر ، والآية الثانية ، استثنت من هذا العموم السابق ، - وهو وجوب الصوم بشهود الشهر فريقين وهما – من كان مريضا أو على سفر - وهؤلاء المتعصمون شاهدون للشهر ، أصحاء ، مقيمون ، وغير مسافرين ، ومن ثم فعموم الآية يتناولهم في وجوب أداء هذه الفريضة .
ثانيا – في القول بجواز الفطر لهؤلاء وأمثالهم ، بدعوى الجهاد في سبيل الله ، أن تنفرط عرى الدين عروة عروة ، فمن يسعى على أولاده ويعمل في المصنع ، أو في الفرن أمام لهيب حرارة الشمس ، أو في منجم ، وكذا الفلاح في أرضه تحت لهيب الشمس ، ونحو ذلك كل أولئك في سبيل الله ، والقول بإباحة الفطر لأولئك من شأنه أن يقودنا لإباحة الفطر لهؤلاء .
ثالثا – فكرة الجهاد التي تحدث عنها – سيادته – غير منضبطة ، ولا يمكن تعليل الحكم الذي انتهى إليه سياته بناء عليها ، فإسباغ هذا الوصف وهو الجهاد على المعتصمين غير دقيق ، فمن الممكن أن نسميهم معتصمين ، متظاهرين ، معارضين ، فهذا هو الوصف المناسب لهذه الحالة ، أما وصف عملهم بالجهاد ، فغير سائغ ؟ وإلا فهو جهاد ضد من ؟؟؟ !!! 
رابعا – القول بجواز الإفطار على النحو سالف الذكر لهؤلاء المعتصمون في رابعة العدوية ، بدعوى الجهاد – من وجهة نظرهم – من شأنه أن يؤدي إلى القول بجواز الفطر لمن يعتصم في كل ميادين مصر ، بنفس الدعوى ، وكل له تأويله السائغ عنده والمؤيد من قبل بعض رجال الفقه والدين .
خامسا – فكرة الجهاد التي بنى عليها د/ البر قوله بجواز الفطر ، مؤسسة ومؤصلة على أنهم يدافعون عن شرعية الدكتور / محمد مرسي الرئيس السابق ، وهذه الشرعية ، قد أسقطها الشعب بملايينه التي خرجت تطالبه بالتتنحي ، ومن ثم فالشعب الذي أعطاه شرعيته ، هو الذي سلبها منه بأغلبيته ، ومن ثم فمناط الحكم الذي بنى عليه ، وتم تأصيله عليه ، غير موجود عملا على أرض الواقع ، وإنما هو شيء نظري بحت ، لا يمكن الاعتماد ، أو التعويل عليه ، في بناء الحكم الشرعي في صورته الحالية .
سادسا – فكرة الجهاد التي يتحدث عنها د/ البر جهاد ضد من ؟ ضد الشعب المصري ؟ الذي انتخب الإخوان في عدة مراحل ؟ أليس هو نفسه الشعب الذي سحب هذه الشرعية ، وحجب عنهم تلك الثقة ؟ أم ضد الجيش المصري ؟ الذي طالما تغنى به السيد الرئيس السابق وبرجالاته ؟ أم ضد من ؟ 
سابعا – هذا ما يتعلق بالرد على هذه الفتوى ، أما ما عدا ذلك من حق كل الجموع في الخروج والتعبير عن رأيها السلمي ، فهذا حق كفله الشرع والقانون ، بل وكل دساتير العالم ، ومن ثم ولا يمكن إغفاله ، أو المساس به .
أسأل الله العظيم أن يجنب مصر وأهلها الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يجعلها سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين ، وأن يجنب أهلها الفرقة والشتات ، وأن يجمعهم على كلمة سواء اللهم آمين .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل


0 تعليقات:

إرسال تعليق