الاثنين، 20 مايو 2013

مستقبل الحركات الثورية في الانتخابات البرلمانية


دكتور عادل عامر

أن هناك الكثير من التيارات الشبابية وعديد الأحزاب المناهضة لتيارات الإسلام السياسي  تدخل الانتخابات وهي خاسرة لأنها لم تستطع كسب قلوب وعقول الشارع المصري وركزوا على الظهور في وسائل إعلام مناصرة لهم ولخطهم السياسي ولم يركزوا على التواجد بين الجماهير بعكس التيارات الإسلامية  التي تنشط منذ سنوات طويلة عبر تقديم الخدمات الاجتماعية عبر الجمعيات الأهلية الإسلامية تعبيرا عن الطابع الاجتماعي للإسلام الذي يحض الأفراد على العمل الاجتماعي الايجابي، وعلى بر الأغنياء والقادرين بالفقراء  و ما ساعد على ذلك تنامي الحرص من جانب تيارات الإسلام السياسي  على إحياء الممارسات الدينية وانتصار الايدولوجيا الإسلامية ولتحقيق هدف الأسلمة من القاعدة. كما أن تيار الإسلام السياسي سيما الإخوان المسلمون طوروا من خطابهم السياسي، فمثلا  بعد إن سادت في الخمسينات والستينات أفكار سيد قطب التي قسمت المجتمع إلى طليعة مؤمنة وحكومة كافرة، واعتبرت أن وسيلة التغيير هي الثورة عبر تنظيم تلك الطليعة.
 لكن منذ الثمانينيات أبدى الإخوان اهتماما ملحوظا بقضايا احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل المجتمع المصري، وشاركوا بفاعلية في الحملات السياسية التي أطلقتها المعارضة المصرية من أجل مواجهه أي اعتداءات من قبل السلطة على الديمقراطية وعلى حق المواطنين في التعبير السلمي عن آرائهم. وشاركوا في الثورة بعد ظهور بوادر نجاحها وطوروا تباعا من أفكارهم تطويعا لضرورات العمل السياسي وكان من أهم ما عدلوه مؤخرا هو أنهم “جماعة من المسلمين” وليسوا جماعة المسلمين.وما يزيد من أهمية شأنهم أنهم يظهرون أكثر مرونة واعتدالا مقارنة بالتيارات السلفية في مصر التي فاجأت الجميع بقدرتها على الحشد في تظاهراتها الحاشدة وهم  يصرون على إسلامية الهوية والدولة بعد الثورة ووفقهم فإن الديمقراطية مشروطة دائماً بالمرجعية الإسلامية.
 إن الثورة لم تحقق أهدافها حتى ألان والقصاص لم يتحقق فعليا وهناك احتقان سياسي رهيب بين هذه القوى ونظام الإخوان الحاكم وهو يمثل لهذه الحركات حزب وطني بوجه جديد بل ينظرون إليه بأنه اخطر وبالتالي إن عام 2013 سيشهد تنامي للحركات الاحتجاجية رغم الردع من مدعى البطولة وفاردي العضلات وحتى بعد استكمال مؤسسات الدولة ستظل الغلبة للحركات الاحتجاجية وشباب الثورة في النزول للشارع ومخاطبة الجماهير. مع عدم إمكانية انصهار الحركات الاحتجاجية في بوتقة الأحزاب السياسية هذه الانتخابات البرلمانية المترقب إجرائها من بعد أزمة عدم قانونية دعوتها وفق حكم القضاة الإداري في انتظار حكم القضاة الدستوري فيها سيكون عاصف جدا وسيشهد مواجهات وتصفيات معنوية للقوى السياسية المعارضة لحكم الإخوان المسلمين واستخدام التشويه والتزييف. إن مصير الحركات الاحتجاجية سيكون في تصاعد كما يحدث عقب كل ثورة شعبية تقوم في بلاد العالم، إن الشباب يرون الحركات اقرب لهم من الأحزاب السياسية المقيدة. إن تتعرض الحركات السياسية والقوى الضاغطة إلى هجوم ضخم من قبل السلطة الجديدة التي ستعمل على تكميم الأفواه وتدجين المعارضة عبر إلقاء الفتات لهم ولكن هذا الهجوم لن ينجح نظرا للحالة الثورية في المجتمع التي ترفض وستقاوم عودة الاستبداد. إن مستقبل الحركات الثورية والقوى الضاغطة سيكون مرهوناً بالتطور الاشمل في المجتمع ولكن المؤكد إن كل الاحتمالات مفتوحة، فلم تعد القوى الإسلامية بمفردها في الساحة بل توجد أيضا القوى الثورية والجماهير التي كسرت حاجز الخوف وستواجه اى محاولة لإعادة عقارب الساعة للوراء. عام تحديد المصير واعتبر إن مصير الحركات الاحتجاجية وقوى الضغط الشعبي لن يتغير إيمانا بأن الحركات السياسية لا يوجد لها قيود مثل الأحزاب ولا توجه من قبل أشخاص بعينهم حيث أنها قائمة على فكر الشباب والمستقبل. الثورة تخطو للأمام من جانبها إن صعود نجم الإخوان المسلمون سيعقبه انهيار وتهاوى لشعبيتهم ما بين الناس. ونتوقع إن يكون الانهيار التام للجماعة في عام 2013 في الانتخابات البرلمانية، إن شباب الثورة لا يملكون رفاهية التفكير في فشل الثورة، بل يسعون دائما لتحقيق مكتسبات الثورة والنضال من اجل إرساء قيم العدالة الاجتماعية. إن الحركات الاحتجاجية والتيارات الثورية التي خرجت من رحم ثورة يناير ستسمر في أداء دورها وبقوة خلال الفترة المقبلة وستكون الأرق المزمن للنظام الحاكم ، للان دور الحركات يختلف عن دور الأحزاب السياسية فهي تسعى لخلق وعى وعمل حراك في الشارع السياسي بتنظيم المظاهرات والحملات المتواصلة للقضاء على الفساد والقضاء على سيطرة التيارات المتاجرة بالدين على عقول المصريين. إن ائتلاف شباب الثورة هو حركة ضمير وطني نشأ استجابة لطبيعة المرحلة بضمة شباب ثوري من كافة الأطياف السياسية شاركوا في تفجير الثورة وقادوا التغيير ورفضوا التفاوض علي بقاء النظام وتمسكوا بأهداف الثورة. هذه الخصوصيات التي تتمتع بها القوى المكونة لائتلاف شباب الثورة هي سبب نجاحه كحركة ثورية وطنية جامعة وهو أيضا سبب لعدم تحول الائتلاف لحزب سياسي.
أن المهمة صعبة أمام ائتلاف شباب الثورة في مرحلة ما بعد الثورة، وها هو الآن في مفترق طرق صعب وعليه أن يحدد الاختيارات شرط أن يكون واعياً بالتحديات وقادر على التعامل معها، أي شرط امتلاك القدرات اللازمة لكي يتحول إلى جماعة ضغط جماهيري قادرة علي استكمال مراحل الثورة ومواجه لأي انحراف سياسي أو الالتفاف علي أهداف الثورة. أن الإشكاليات التي تواجه الحركات الشبابية الحزبية والحركات الأخرى غير الحزبية ترتبط بالدور الذي يمكن أن يلعبه هؤلاء الشباب. وبالنسبة للحركات الشبابية الحزبية فإن هؤلاء الشباب قد يفكرون في البحث عن أطر حزبية أخرى، إما تحمل الاتجاه الأيديولوجي ذاته مثل الخروج من «الناصري» والانضمام إلى «الكرامة»، أو الخروج من «التجمع» والانضمام إلى «التحالف الاشتراكي»، أو الخروج من «الوفد» والانضمام إلى «الجبهة» من أجل استيعاب هؤلاء، أما البديل الثاني هو البقاء داخل أحزابهم بعد توافر مجموعة من الشروط أهمها تغير نظرة القيادة التقليدية وتصعيد بعضهم في المناصب القيادية في الحزب. أما بالنسبة إلى القوى غير الحزبية فإن مرحلة ما بعد الثورة تتطلب منهم ضرورة الانضمام إلى تنظيم سياسي قائم أو جديد لا سيما في ظل قانون انتخابي جديد يعتمد بالأساس على القائمة الحزبية أو نظام فردي أن هناك أربعة بدائل أساسخالص،م هذه القوى غير الحزبية أولها العمل من خلال أحزاب جديدة أو قائمة ، وثانيها العمل كجماعة ضغط جماهيرية لا يشترط أن تعبر عن مصالح فئوية معينة (مصالح الشباب) وإنما تعبر عن نبض الجماهير بصفة عامة، ، أما البديل الثالث فهو القيام بالمهام الإصلاحية من خلال منظمات المجتمع المدني سوى الأحزاب مثل الجمعيات الأهلية بأنشطتها المتنوعة. وأخيراً ترك العمل السياسي بصفة عامة بعد تحقيق الثورة أهدافها، والعودة إلى مرحلة ما قبل الثورة. وفي حالة اختيار هؤلاء البديل الأول المتمثل في الانخراط في العملية السياسية من خلال الأحزاب، فإن أمامهم بديلين أساسيين: أولهما الانضمام إلى الأحزاب القائمة بسبب افتقارهم الخبرة السياسية المطلوبة لإقامة حزب سياسي شبابي خالص ، أما البديل الثاني فهو تشكيل أحزاب جديدة. وهنا نكون أيضاً أمام خيارين، فإما أن يقوم هؤلاء بتشكيل أحزاب خاصة بهم، واستغلال هذا الزخم الثوري في هذا الإطار ، أما البديل الثاني فهو أن يقوم هؤلاء بالاتفاق مع بعض الشخصيات ذات الثقل المجتمعي والسياسي على تشكيل حزب يجمع بين خبرة الشيوخ، وحماسة الشباب.


--
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق