Ads

تهمة اهانة الرئيس سلاح الإخوان ضد المعارضين


دكتور عادل عامر

شهدت الفترة الأخيرة تزايدا ملحوظا في عدد الدعاوى القضائية المقامة من بعض المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين ضد الصحفيين ومقدمي البرامج التليفزيونية بتهمة "إهانة الرئيس" وهى التهمة التي يستخدمها النظام الحاكم في البلاد الشمولية لإسكات صوت المعارضة وتخويف الإعلاميين المناهضين لسياسات الحكومة. مؤكدين أن توجيه اتهام بإهانة رئيس الجمهورية لأحد الأشخاص أمر غير قانوني وليس هناك صفة قانونية لاى شخص يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد أحد الأشخاص بتهمة إهانة الرئيس

أن إهانة رئيس الجمهورية تعد اتهاما لا محل له من الناحية القانونية، حيث إن هذا الاتهام مأخوذ من قانون قديم يعود إلى أيام الملكية، وكان يعرف بـ«إهانة الملك»، وذلك على اعتبار أن الملك بحكم الدستور يملك ولا يحكم، وبالتالي لا يحق لأحد أن يتعرض له بمنطق أنه ليس موظفا أو يمارس عملا، «ولكن في ظل النظام الجمهوري أصبح الرئيس يعمل ويحكم، وهو موظف عام، وبالتالي فأعماله معرضة للانتقاد بالسلب أو الإيجاب أو المدح أو الذم. شكلت ثورة في 25 يناير اندماجا مدهشاً وتوحداً مذهلاً بين قلوب أخلاط الشعب المصري بغالبية  طوائفه ومذاهبه وثقافاته ومشاربه ضد آخر أنظمة الحكم الفردي الشمولي المستبد حتى أسقطته دون أدنى هوادة أو قبول لهدنة أو لمدة يحدث فيها انتقال هادئ للسلطة يجنب البلاد عواقب وخيمة أو فوضى مدمرة انتبه الناس إلى جماعة الأخوان وقد انضمت للاحتشاد في اليوم الثالث للثورة , ولتلتحم بجموع القوى الثورية في ميدان التحرير  وقد تيقظت في جوانح تلك القوى مخيلات الصراع الدائب الدائم بين الأنظمة الحاكمة المستبدة وبين جماعة الأخوان المسلمون الدعوية التي ترفع شعار إيقاظ الأمة من سباتها , وبث روح الدين فيها , وحثها على إتباع نهج الإسلام بوسطيته , واعتداله , وتسامحه , وثرائه بكل ما فيه من خير وتقدم وأعمار وتنمية أمة الإسلام ولأنها الفصيل الأدق تنظيماً والأقدر على الحشد والتحرك  أن نرصد انسلاخ كثير من رموز القوى الثورية وانفصالها عن الالتحام "الثوري" مع جماعة الأخوان المسلمون التي قلبت شعارها " مشاركة لا مغالبة " إلى نقيضه تماماً .  وبعد أن تخلصت من صفعها بالجماعة "المحظورة" التي لاكها الإعلام المباركي كالعلك .. فإنها قد ردت الصفعة بعشرة أمثالها .. فاخترعت أو استدعت أو تبنت وصف "الفلول" لتصم به ليس أرباب وتابعي النظام البائد فحسب , بل كل من يقف في طريقها أو يعارضها أو ينتقدها أو لا يتفق معها .. فكل من ليس مع جماعة الأخوان فهو من " الفلول"  وصار وصف الفل أو الفلول وكأنه عار أو عقاب تؤدب به الجماعة مخالفيها أو من ليسوا على دربها . ثم استدارت جماعة الأخوان "وبغباء سياسي منقطع النظير" إلى الإعلام لتقيم خصومة شديدة معه حد الملاعنة .. وحاولت أن تسيطر على منبر الإعلام لا  بكفاءة الإحلال والتجديد ولكن بغباء الإذلال والتقييد فاغلقت قنوات فضائية وأحالت إعلاميين وصحفيين إلى محاكم الجنايات تستهدف سجنهم بتهمة إهانة رئيس الجمهورية . ومنعت نشر مقالات العديد من كبار الكتاب كونها تنتقد استبداد وهيمنة  الأخوان .. واستدارت جماعة الأخوان إلى الجيش فضربت رابطة شديدة المتانة بين الشعب والجيش في مقتل بإهاجة الشعب على الجيش وإظهاره بصورة الطامع في السلطة الطامح إلى الانقلاب على الشرعية الثورية . وهو ما نتج عنه انفراد جماعة الأخوان بالجيش وتسديد أسوأ طعنات الغدر إليه وقتل رابطة التواصل بين الشعب وبين مؤسسته العسكرية ذلك .. ناهيك عن معركتهم ضد القضاء وشروعهم في تصفيته لا تنقيته علاوة على محاولة القضاء ومحو أعلى وأهم مؤسسة قضائية في البلاد ممن على خريطة العدالة وذلك باستخدام أسوأ ألوان الهجوم عليها بالطعن في ذمم ونزاهة وعدالة وحياد وكفاءة وتاريخ قضاتها توصلاً إلى هدمها كلية بل وإلغائها من مواد الدستور القادم إضافة إلى بلوى السيطرة على الجمعية التأسيسية للدستور الأولى الملغية والثانية  الحالية واستخدام كافة الحيل غير النزيهة لإعاقة وتعطيل القضاء عن اللحاق بها وكشف عوارها قبل أن "تضع" الدستور الأخوانى الجديد  حتى أصبح دستورا دائما .. إن هناك اتجاها واضحا الآن يتعلق بتزايد استخدام المحاكم والملاحقات القضائية لإسكات معارضي حكومة الرئيس محمد مرسي ومنتقديه، أن الدستور الجديد يجعل تلك الملاحقات أسهل مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. إنه لا يوجد أشياء يكرهها الحكام المستبدون أكثر من الساخرين، وفي ظل حكم حسني مبارك، كان الرأي العام المصري غني بالمصطلحات والتيمات الساخرة، وكانت تلك ظاهرة خفية تظهر في أحاديث المقاهي والرسائل القصيرة، فكان هناك من يطلق على الرئيس السابق لقب "البقرة الضاحكة"، وكان هذا شيئا مستحيلا أن نسمعه في التليفزيون المحلي، ونادرا ما لم يكن أبدا ما نسمعه في الصحف، بل نسمعه من الأصدقاء أو المعارف. كل هذا انقلب بين عشية وضحاها مع ثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك، فملصقات المحتجين في ميدان التحرير سخرت بلا هوادة من الرئيس، ونُقل هذا الأمر سريعا إلى التليفزيون والصحف، إلى أن استغل باسم يوسف الفرصة لتقديم برنامجه بطريقة جعلته يوصف بأنه جون ستيورات العالم العربي. برنامج باسم يوسف،  فقد كان يذاع على الإنترنت ثم انتقاله للتليفزيون والضجة التي أثارها مؤخرا بسبب انتقاداته للرئيس محمد مرسي إنه في حين أن مصر منفتحة أكثر مما كانت عليه قبل الثورة، إلا أن الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي دفعت به إلى السلطة أبدت استعدادا مقلقا لمحاولة إسكات المواطنين من أمثال يوسف بوسائل أشبه بتلك التي تم استخدامها في الماضي، أن يوسف هو آخر شخصية عامة يتم استهدافها، مع قيام عدد من المحامين الإسلاميين بتقديم عدد من البلاغات ضد منتقدي الحكومة بجريمة القذف أو تهديد الاستقرار الوطني، ومن بين هؤلاء المحامي رمضان الأقصري الذي تقدم بالبلاغ ضد باسم سويف، وكان أيضا من بدأ إجراءات ضد نجيب ساويرس العام الماضي بتهمة الإساءة للإسلام. أن الدستور الجديد يحظر إهانة الأشخاص والأديان، أن من حق أي فرد تقريبا أن يتقدم ببلاغ ضد شخصيات عامة أو خاصة بتهم إهانة الدين أو الأفراد، لكن الأمر يتوقف على النائب العام في تحديد ما إذا كان البلاغ سيحال للتحقيق فيه أم لا أن تزايد استخدام المحاكم لإسكات المعارضين والكوميديين المعارضين هو اتجاه واضح في مصر الآن في ظل دولة الإخوان ، والدستور الجديد سيجعل الملاحقات القضائية لهم أسهل مما كان عليه الحال في عهد حسني مبارك، أن الرئيس مرسي لم يبدِ استعداداً لوقف الدعاوى الجارية. ، أن أحد المكاسب الواضحة للثورة في مصر وهو حرية التعبير تحت التهديد، ويبدو أن الكثير من الموجودين في السلطة الآن مرتاحين تماما إزاء هذا الأمر، والغريب إنه على مستوى الصحافة اليومية لم يشير أحد أو يسلط الضوء على الميليشيات الإلكترونية ماعدا الصحفي والكاتب محمد سلماوي. أحد الأعضاء السابقين للإخوان المسلمين والذي لازال على علاقة مقربة للجماعة أوضح أن "الحملة الإلكترونية لمحمد مرسي كانت شديدة القوة على الفيس بوك وتويتر، أستطيع أن أجزم أن كل صفحة كبرت أو صغرت على الفيس بوك كان يتم اختراقها من الإخوان المسلمين" وهو يؤكد أن قادة الإخوان يقومون بتوزيع ملفات من الأسئلة والإجابات لشباب الإخوان المشتركين على الإنترنت تحت عنوان "شبهات وردود" هذه النصوص تغذي الأعضاء بالنقاط التي يجب التحدث عنها وكيفية مواجهة الانتقادات لتكون هذه النصوص على شكل قوالب كلامية ليقوم أعضاء الإخوان بحفظها في عقولهم أو نقلها لاستخدامها وقت الحاجة



--
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق