Ads

نساء منزوعة الحقوق


جيهان السنباطى

يبدو أن حلم الحرية والعدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير 2011 وشاركت فيها المرأة كتفا بكتف مع الرجل لن يتحقق , فمنذ قيام الثورة وحتى الأن لم تجنى المرأة الا انحسارا أكثر لدورها وحقوقها فى المجتمع , فقد تدهورت أوضاع المرأة عقب مجىء التيار الاسلامى واستحواذة على الحكم فى مصر بداية من رئيس الجمهورية ذو المرجعية الاخوانية الى الوزراء والمحافظين والمستشارين والبرلمانيين المنتميين الى جماعة الاخوان المسلمين والتى جعلت من فكرة انصاف المرأة أمرا مستحيلا فى ظل الافكار والمعتقدات الاخوانية التى تتخذ موقفا معاديا لمساواة المرأة بالرجل فى الحقوق والواجبات ونظرتهم الدونية لها واعتبارها عارا وخطيئة يجب اخفاؤها والتخلص منها بل وحبسها بين أربع جدران لاتخرج من بينهم الا الى الدار الأخرة ايمانا منهم بأن المرأة لم تخلق الا للبيت ودورها ينحصر فى تربية الأولاد وتلبية رغبات الرجال المكبوتة .
والدلائل على ذلك كثيرة ففى أول جلسات البرلمان المنحل تمت مناقشة مشروعات قوانين تخص المرأة ليس حبا فيها وايمانا بدورها الفعال فى المجتمع ولكن محاولة منهم لأحكام قبضتهم عليها وتكبيلها ووضع حد لمطالبتها الدائمة بمساواتها بالرجل وحصولها على حقوقها المشروعة واجبارها على ترك الساحة للرجال فقط والاستكانة فى منازلهن كالجوارى ينتظرون من ينفق عليهم , وعليه فقد فتعالت الأصوات فى مجلس الشعب من قبل بعض النواب الأسلاميين والسلفيين التى تنادى بسقوط قوانين الأحوال الشخصية (وعلى رأسها: الحضانة- الرؤية والإستضافة- الخلع-الولاية التعليمية) بدعوى أنها غير قانونية، أو غير دستورية، أو بحجة أنها مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية , كما خرجت من أروقة اجتماعات مجلس الشعب مشروعات قوانين لتنظيم الزواج وتحديد حد أدنى للعروس وما تقدم النائب السلفي ناصر مصطفى شاكر عضو مجلس الشعب عن حزب "النور"، بمشروع لتخفيض سن الزواج من 18 إلى 16 عاماً بدعوى احترام رغبة الفئة الأفقر في المجتمع ،كالريف والأماكن النائية، في تزويج البنات في سن صغير بالاضافة الى بعض الفتاوى التى تزيد من قهر المرأة ومنها أن المرأة غير المختونة ناقصة الإيمان، وأن المرأة لا يحق لها أن تتولى منصب القاضي ومناصب أخرى .
ولكن لم يكتب لهم النجاح فى اصدار تلك القوانين عبر مجلس الشعب المنحل حيث تم حله ولم يؤخذ بما تم مناقشته من مشروعات قوانين كانت تريد أن تنال من حرية المرأة وتسلبها حقوقها المكتسبة على مدار مائة عام , ولكن يبدوا أنهم لم يصيبهم اليأس بعد فعاودوا الكره مرة اخرى ولكن عن طريق مواد الدستور الجديدة فتم وضع مادة خاصة بحقوق النساء فى مسودة الدستور وهى المادة (68) وجاء نصها كالتالي: " تلتزم الدولة باتخاذ التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وتوفر الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، وتكفل للمرأة الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية وحق الإرث، والتوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها في المجتمع، وتولي الدولة رعاية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة وغيرهن من النساء الأكثر احتياجا".
الواضح من تلك المادة أن المساواة التى تتحدث عنها بين الرجل والمرأة والتى ربطتها بجملة دون اخلال بأحكام الشريعة الاسلامية ليست الا عودة بالمرأة الى الوراء لأنها تستند الى النظرة الدينية التى ترى فى المرأة مجرد تابع للرجل ولا يحق مساواتها به اذا هى بمثابة تهديد صريح للنساء وحق يراد به باطل حيث سيتم استغلال التيار الاسلامى السياسى لأحكام الشريعة وتفسيرها وفق أهوائهم ومنطقهم الذكورى والتى يمكن من خلالها تسهل تمرير قوانين تنتهك حقوق المرأة مثل تخفيض سن الزواج فيتم زواجهن فى سن مبكرة وانتزاع الطفل من أحضان أمه فى التاسعة او السابعه من عمره حيث أن الشريعة الاسلامية قد حددت سن الحضانة بسن البلوغ .
ولم يتوقف الصراع مع النساء عند هذا الحد بل وصل الى حد التحكم فى أجسادهن حيث تم الطعن على قانون الطفل فى المادة الخاصة بختان الإناث أمام المحكمة الدستورية ويطالب فيها حامد صديق الباحث القانونى من المحكمة الاستناد إلى القانون رقم 24 لسنة 2012والخاص بعرض الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية على المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية، وتأكيده على أن قانون تجريم الختان صدر بعوار دستورى ومخالف لنص القانون رقم 24 وبهدف غير مبرر, كل هذا من أجل تقليل مشقة الرجل فى الجماع مع زوجته ولم يهتموا بالأضرار الجسدية والنفسية التى تتعرض لها الفتيات المختنات جراء هذا الفعل الذى أكد الأطباء أنه تعد على جسد المرأة وانقاص من أحساسها كأنثى ,وأنه يصيبها بالبرود الجنسي و تؤدى الى مشاكل زوجية و سلوكية .
كل هذا يدل على أن المرأة تمر بمحنة كبيرة فى ظل تفشى حكم الاسلام السياسى فى مصر , وأنها اصبحت مهدده ليس فقط بأقصائها عن الحياة السياسية وسحب البساط من تحت أرجلها من خلال الغاء كافة الحقوق التى حصلت عليها خلال مائة عام من الجهاد والاصرار , ولكنها مهددة بالعودة الى الوراء مئات الأعوام ستتذوق فيها المرار وسيزداد فيها العنف المجتمعى ضدها وتدميرها روحا وجسدا باسم الدين والعادات والتقاليد .
-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق