الشيخ محمد عبد الله نصر
منسق جبهة أزهريون مع الدوله المدنيه
أسباب النزول .... حتى نفسرأيه من كتاب الله تعالى تفسيرا صحيحا منزها عن الهوى وبريئا من الغرض نعمد الى معرفة أسباب أومناسبة نزولها. وفى هذا يقول أبو الحسن على الواحدى النيسابورى فى كتابه (أسباب النزول) (..ابانة ما أنزل فيه من الأسباب اذهى أوفى مايجب الوقوف عليه وأولى ماتصرف العناية اليهما لامتناع تفسير الأيه وقصدسبيلهادون الوقوف على قصتها وبيان نزولها ). فهنا نرى الواحدى يبلغ بالأمر حد الامتناع عن التفسير للأيه أومجموع الأيات أوالسوره مالم نعرف سبب النزول _وهذا يؤكد الرابطه الحميمه بين الأيه وسبب أو مناسبة النزول. وبذلك يكون سبب النزول أشبه بما نسميه فى أيامنا هذه _المذكره التفسيريه للقانون _ولله المثل الأعلى والمشتغلون بالقانون يعرفون أنهم عندما يستشكل عليهم تفسير ماده من مواد القانون أو لمعرفة قصد المشرع منها يرجعون الى المذكره التفسيريه .
(وكان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. اذالم يجدوا التفسير فى كتاب الله تعالى و لم يتيسرلهم اخذه عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم رجعوا فى ذلك الى اجتهادهم واعمال رأيهم وساعدهم على التفسير انهم عرب خلص يعرفون معانى ايات الله واسرارها وانهم عاشوا فترة نزول الوحى مع الرسول فعرفوا اسباب النزول و ادركوا ما احاط بالقرأن من ظروف و ملابسات تعيم عليهم فهم كثير من الايات) من كتاب علوم التفسير للدكتور عبدالله محمود شحاتة نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب .
وقال ابن دقيق العيد: (بيان سبب النزول طريق قوى فى فهم معانى القرأن).
وقال ابن تيمية :(معرفة سبب النزول تعين على فهم الاية فان العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب , وقد أشكل على جماعة من السلف معانى أيات حتى لو وقفوا على أسباب نزولها فزال عنهم الاشكال ).
من مقدمة كتاب أسباب النزول للأمام جلال الدين السيوطى (أن بعض الأيات لايمكن فهمها أومعرفة أحكامها الا على ضوء سبب النزول ). محمد على الصابونى فى كتابه التبيان فى علوم القران أوردأربع أسباب للنزول منها تخصيص الحكم بالسبب .وفى هذا القدر الكفايه لتوضيح الفكره ومن أراد المزيد فعليه بكتاب (الاتقان فى علوم القران)للسيوطى . اذن لوأردنافهم الأيات الثلاث (فأولئك هم الكافرون _الظالمون _الفاسقون)فهما صحيحا ولو قصدنا تفسيرها التفسير الحق الذى لاتخاله شائبه من هوى أوغرض فعلينا أن نعرف أسباب النزول ولنا فى سلفنا الصالح قدوة حسنه يشرح لنا الواحدى أسباب نزول الأيات من (يا أيها الرسول لايحزنك الذين يسارعون فى الكفر )الى (فأولئك هم الكافرون ). بقوله (عن البراء بن عازب قال ..مررسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودى محمما (مسود الوجه )مجلودا فدعاهم فقال ..أهكذا تجدون حد الزانى فى كتابكم ،قالوا ..نعم ،فقال فدعا رجلا من علمائهم فقال ..أنشدك الله الذى أنزل التوراة على موسى عليه السلام ،هكذا تجدون حد الزانى فى كتابكم ؟قال ..لا ولولا أنك نشدتنى الله لم أخبرك ،تجد حد الزانى فى كتابنا الرجم ،ولكنه كثر فى أشرافنا فكنا اذا أخذنا الشريف تركناه واذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد ،فقلنا نجتمع على شئ نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم (تسويد الوجه)والجلد مكان الرجم ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..اللهم انى أول من أحيا أمرك اذ أماتوه ،فأمر به فرجم _فأنزل الله تعالى ..ياأيها الرسول )_ أما الامام السيوطى _فى أسباب النزول _فهو يروى سببا جديدا لنزول هذه الأيات ..(عن أحمد وأبو داوود عن ابن عباس قال :أنزلها الله فى طائفتين من اليهود قهرت احداهما الأخرى فى الجاهليه حتى ارتضوا فاصطلحوا على أن كل قتيل قتلته القبيلة العزيزه من الذليله فديته خمسون وسقا وكل قتيل قتلته الذليله من العزيزه فديته مائه وسق فكانوا على ذلك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت الذليله من العزيزه قتيلا فأرسلت العزيزه أن ابعثوا الينا بمائة وسق فقالت الذليله :وهل كان ذلك فى حيين قط ،دينهما واحدونسبتمها واحده وبلدهما واحد دية بعضهم نصف دية بعض ؟انا أعطيناكم هذا ضيما منكم (ظلما)لنا وخوفا وفرقا فأما اذا قدم محمد فلا نعطيكم _فكادت الحرب تهيج بينهما ثم ارتضوا على أن جعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ،فأرسلوااليه ناسا من المنافقين ليختبروا رأيه فأنزل الله :(يا أيها الرسول ...)الى أخر الايات هذا بالاضافه الى السبب السابق الذى أورده الواحدى النيسابورى . والامام ابن كثير فى كتابه المعروف (تفسير القرآن العظيم )يروى (أنها نزلت فى أقوام من اليهود قتلوا قتيلا و قالوا تعالوا نتحاكم الى محمد فان افتانا بالدية فخذوا ما قال وان حكم بالقصاص فلا تسمعوا منه ثم ذكر واقعة زنا اليهوديتين وواقعة اختلاف قيمة الدية بين القبيلة العزيزة والقبيلة الذليلة اليهوديتين).
وختم ذلك بقوله :
وقد روى العوفى وعلى بن طلحه الوالبى عن ابن عباس :أن هذه الايات نزلت فى اليهوديين اللذين زنيا كما تقدمت الأحاديث بذلك.
وقد يكون اجتمع هذان السببان فى وقت واحد فنزلت هذه الأيات فى ذلك كله, والله أعلم )_هذه هى أسباب نزول هذه الأيات كما رواها الأئمة الثقات فى كتبهم المعتمدة نقلا عن الاحاديث التى وردت فى الصحاح و المسانيد التى اجمع المسلمون عليها _ ويتضح منها جميعها بلا خلاف انها أسباب تتعلق بأقامة الحدود سواء فى القتل أو الزنا _وبذلك تكون صلتها بالحكومة مبتوتة ومن ثم فأن محاولة جرها الى نطاق الحكم من قبل السلفين الجدد ضرب من التعسف العارى من السند الوثيق الذى يؤازره ودفعهم الى ذلك طموح الى الحكم.
ونعوذ بالله تعالى أن تتخذ اياته مطية للأغراض..
ولايصح هنا الاحتجاج بالمبدأ المشهور فى أصول الفقة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) لأن اعمال المبدأ المذكور موقف على شرط وضوح اللفظ وعدم التباسه بالغيروأنه يفيد العمومية وليس الأمر كذلك بالنسبة الى لفظ (الحكم) الوارد فى الأيات الثلاث مدار الحديث اذ التبس على القائلين بالحاكميه فاعتبروه عاما فسحبوا أثره على الحكومة او ادارة الدولة واعتبرهما مترادفين فى حين ان الحكم الوارد فى تلك الايات خاص بالقضاء بين الناس ولا صله له بالحكم السياسى كما نعرفه فى ايامنا هذه وهذا ماسوف يتأكد من تفاسير القدماء .
يقول الراغب الاصفهانى فى المفردات فى غريب القران: (والحكم بالشىء أن تقضى بأنه كذا وليس بكذا سواء الزمته غيرك او لم تلزمه قال تعالى (واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)(يحكم به ذوا عدل منكم ).
وقال:فاحكم كحكم فتاة الحى اذ نظرت الى حمام سراع وارد الثمد ) .
يقصد أن هذا هو ما تعرفه العرب من كلمة (حكم) وأورد امثلة أخرى كثيره منها قوله تعالى (حتى يحكموك فيما شجر بينهم) وعرف الجرجانى فى التعريفات فى الحكم بأنه (اسناد أمر الى أخر ايجابا و سلبا ) ولا صله لهذا بادارة شؤون الدولة والقرآن يفسر بعضه بعض فالأيات :
(ان حكمت فاحكم بينهم بالقسط )(واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ).
(خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ).
(فان جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم). من الذى يقول عنها أنها تعنى الحكومه أى سياسه
الأمه ولا تعنى القضاء بين الناس . ويكون اللبس فى الفهم سواء عن قصد أوغير قصد للأيات الثلاث واعتباره عاما فى حين أنه خاص مانعا من انزال مبدأ(العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب )_وعلماء أصول الفقه عندما شرحوا هذا المبدأأتوا بأمثله لفظها واضح وضوح الشمس فى رابعة النهار فى يوم صائف فى الدلالة على العموميه مثل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن ماءالبحر (هو الطهور ماؤه ،الحل ميتته )الذى روته كتب السنه الصحيحه ورواه الدار قطنى فى سننه فى ست عشرة صيغه ،فهنا فلا غموض فى لفظ الماء والميته ويكون الحديث شاملا لكل من سأل عنه ولسائر الناس _وكذلك حديث جلد الشاه الميته الذى رواه الدراقطنى فيما يقرب من ثلاثين روايه (اذادبغ الاهاب فقد طهر )فاللفظه عامه وليس فيها غموض أو الهام ويكون من يقول عن الحديث أنه خاص بشاة السيده ميمونه أم المؤمنين رضوان الله عليها قد اخطأ .
اذن انسحاب الحاكميه على تلك الأيات مدار البحث لاتشفع له قاعدة (العبره بعموم اللفظ لابخصوص السبب )لأنه ليس عاما ولكنه خاص بالقضاء وحده دون سياسة الأمه . يتبع
0 تعليقات:
إرسال تعليق