Ads

ماذا حدث للمصريين .. الشرفاء

محمود التونسي‏

هكذا كان يخاطبهم العسكر داعيًا إياهم للمشاركة و عدم السكوت عن تجاوزات الثوّار المأجورين ذوي الأجندات الخاصة و متحدي إعاقة التنمية، و هكذا أيضًا استهواهم اللقب كما استهوانا أكثر أن نخاطبهم به لأننا ندرك تمامًا صحة ما قال توفيق الدقن رحمه و رحمنا الله.

كانت البداية برفضهم مطالب الثورة و تشويههم لها و لرموزها منذ بدايتها قبل أن ينزلوا بأنفسهم للاحتفال بنجاحها جزئيًا بخلع مبارك الذي كانوا هم أنفسهم من انهمروا في البكاء عليه بعد خطابه الأخير !!

كانت روعة المشهد تطغى على غرابة مواقفهم فلم يلتفت الكثيرين و يقفوا محاولين البحث عن تفسير لهذا التناقض، ثم توالت المواقف التي أرجوكم بمراجعتها بداية من دعوات وقف التظاهر و غضّ النظر عن باقي طلبات الثورة مرورًا بمعارضتهم رفض حكومة شفيق و تأييدهم للعنف غير المبرر في فضّ اعتصام تزامن مع انقضاء الشهر الأول على ثورة الخامس و العشرين من يناير بينما اعتذر العسكر أنفسهم عمّا صدر منهم من عنف، و كذلك الحال في موقفهم من لجنة البشري و الاستفتاء المزعوم و حتى اختيارهم جانب الإسلاميين فقط ليكونوا في الجانب الآخر من الثورة ليس إلّا، و حينما انتقلنا لمرحلة الانتخابات البرلمانية لم يختاروا أحدًا ممن يؤيدوه الثوّار بغض النظر عن انتماءات المرشحين السياسية أو الحزبية و لكن فقط ليكونوا أصحاب موقف مختلف عنهم.

أتفهم تلك الرغبة الخفية في البحث عن دورٍ ما وسط هذا الزخم الثوري و يا حبذا اختلافه عن باقي أدوار المشهد، و لكن للأسف لم يفهم معظمهم أن نجاح عادل أدهم لم يكن فقط لأنه يلعب أدوار الشرّ في أفلام رومانسية لذلك لم يصفق لهم أحدًا سوى هؤلاء الجالسين في الصفوف الأولى المختومة بختم النسر، لكن ما يحيّرني في مواقفهم هو اصرارهم على تشويه الثورة و الثوّار على طول الخط.

حينما كان الثوّار يهاجمون الإخوان و السلفيين بسبب مواقفهم المخزية كان المصريون الشرفاء يتهمون الثوّار بالماسونية و الكفر و العمالة لأمريكا التي تبحث عن إغراقنا في الفجور، و حينما كان الثوّار يهاجمون المجلس العسكري على سلبيته أمام تجاوزات و انتهاكات الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية كان المصريون الشرفاء يدافعون عن العسكر باستماتة و يحاربون في جبهة الإسلاميين أمام الثوّار الذين وصِفوا باليائسين و ذلك بعدما خروجهم من البرلمان و حينها تم تخوينهم بدعوى الخروج على الشرعية، و حينما وصلنا إلى انتخابات الرئاسة و لوّح الثوّار بأن أوراق اللعبة بالكامل بيد العسكر و الأمر برمته تمثيلية قام المصريون الشرفاء بالتهكم عليهم و السخرية من سذاجتهم و وصل الأمر لاقتناعهم أن مرشحهم أو مرشحيهم في الانتخابات - قبل استبعاد سليمان و خروج موسى من الجولة الأولى - أقوى كثيرًا من مرشحي الثوّار و بعد الوصول لنتيجة الجولة الأولى و تحوّل الإسلاميين للدور الثوري كما الحاجة بدأوا هم أيضًا يرددوا ما قاله الثوّار من قبل عن تمثيلية الانتخابات، فقام المصريون الشرفاء بالرد بأن الغرض من هذه الاشاعات ما هو إلّا محاولة لسحب مصداقية شفيق قبل فوزه المؤكد.

و فجأة و بعد النتيجة تحوّلوا إلى الهجوم على الجميع .. الثوّار كما جرت العادة بدون أسباب واضحة و الإسلاميين بدعوى الخلافة و العسكريين بدعوى الحلاقة، لينتهي بهم الأمر في النهاية و قد أصبحوا وحدهم تمامًا، يتآمر الجميع عليهم لأسباب عديدة لا يعلمها سواهم.

الأغرب من كل هذا أنهم و على الرغم من انقلابهم على العسكر فمازالوا يتمسكون بمصطلح أو بفكرة المصريين الشرفاء و أنهم وحدهم من اختارهم الله للدفاع عن مصر ضد الخونة و العملاء و أن نضجهم السياسي الفذ بعد كل هذه الخبرات سالفة الذكر يؤهلهم دون غيرهم لرؤية الأصلح و اكتشاف المؤامرات الداخلية و الخارجية و تحذير أمثالي من المراهقين السياسيين من الانسياق وراءها، و في الواقع ما يستفزني بشدة هو عدم وجود أية أدلة مادية تُمكّن أي شخص من ادّعاء البلوغ السياسي في مرحلة ما من عمره، فلن ينبت له الشعر في مواقف حسّاسة أو يكبر صدره في مواجهة الأزمات أو حتى يمارس القيادة السرّية، فكيف نتقبل تلك الوصاية غير المنطقية و خاصة حينما نعود لمواقفهم السياسية منذ بداية الثورة و حتى الآن؟

لا نستطيع أن ندّعي بأن الثورة قد نجحت أو أن مرسي مرشّح الثورة أكثر مما هو أمر واقع لكني أتمنّى من كل قلبي أن يتوقف الجميع عن ادّعاء الوطنية و الإخلاص للوطن قبل أن يفيق من غفلته و يعمل حقًا من أجل هذا الوطن، فليس من المقبول أبدًا إفساد الطبخة على الجميع لأن الطاهي لا يروق لي، و ليس من الوطنية أبدًا أن أعمل جاهدًا من أجل شخص ما ثم أنسحب مع رحيله، و إذا راجعنا شعارات مرشّحينا -و إن كانت لا تعبر عن حقيقة اقتناعهم بها- سنجد أن حمدين كان "واحد مننا" و ليس واحد بينا كلنا، و شفيق كان الأفعال و ليس الكلام و مصر للجميع ليس له و أنصاره فقط، و مرسي كان النهضة إرادة شعب و ليس جماعة، و بالتالي الهدف دومًا هو مصر و لا شيء آخر، لذلك من كان منكم يفضّل الاستمرار في دعم مرشّحه على حساب مصر فليستمرّ بعيدًا عنّي و يتفضّل بحذف اسمه، و من أراد دعم مصر معي فلينسى لمن أعطى صوته و يدرك أن الألقاب لا تُعبّر دائمًا عن أصحابها و "الشريف" في أحيان كثيرة هو مجرد قوّاد

0 تعليقات:

إرسال تعليق