Ads

دخول عصر النهضةروكسلانا وما أدراك ما روكسلان( 1520 – 1566)

دكتور طارق على حسن

امرأة جارية سبي نحتقرها ثلاثاً من خلال ثقافتنا التي لم تتطور، فهي أولاً امرأة ، وثانياً سبي، وثالثاً جارية عبدة بلا ارادة.
وعاقبنا القدر والتاريخ على هذه المناظير المتجمدة، حيث حملت هذه المرأة السبي بعض مفاتيح بداية الإنهيار للخلافة الإسلامية، التي بلغت أحد أعلى مراحل تقدمها في عهد سليمان القانوني، الذي عُرف في العالم وفي الغرب بالذات باسم سليمان الرائع Soliman the Magnificent .
والذي ترتعد لمجرد ذكر اسمه كل عواصم العالم، والذي حاصرت جيوشه فيينا، وأوشكت على دحر أقوى امبراطورية آنذاك "امبراطورية الهابسبرج" (تدليل علي موازين القوي في هذا العصر وليس تفاخرا بالقوة العسكرية رغم أن هذا كان نهج العصر و كل عصر بكل أسف)-- أوقعت هذه الجارية سليمان في غرامها واستطاعت بالدهاء والحيلة أن تصل إلى قلبه وعقله.
وتحول أقوى و"أعقل" رجل في عصره، وتحولت معه الحضارة العربية الإسلامية في طريقها في القرن السادس عشر للأخذ بأسباب العلوم والفنون، وللسماح بالمشاركة مع رواد النهضة الأوربية والإسلامية في صنع مستقبل وعالم جديد بالغ القوة والأصالة..
استطاعت الجارية أن تسلب العقل والرشاد من خليفة الإمبراطورية العثمانية، وجعلته بالدسيسة والمكر والخداع والدهاء يتخلص من أخلص أعوانه ووزرائه، الواحد بعد الآخر. و لا دفاع ضدها فهي في الثقافة لسائدة "مجرد امرأة و جارية و ناقصة و ضعيفة معتمدة" و دفع سليمان الهائل الثمن !!
ثم جاءت الطامة الكبرى حينما نجحت في وضع المكائد والمؤامرات حول ولي العهد الشرعي، والابن الأكبر لسليمان القانوني "مصطفى". والذي كان عبقرياً في القيادة، ويضاهي إبراهيم باشا، ومحمد علي الذين جاءا بعده بعدة قرون.
أقنعت روكسلانا سليمان القانوني بقتل ابنه وولي عهده الشرعي "مصطفى" على أصداء مؤامرة وهمية اخترعتها الجارية الصربية أو الأوكرانية كما تقول بعض المراجع، والتي قتل أبوها وأخوها وأعمامها وأخوالها في الصراعات الدائرة، ثم بلغ بالبعض من الاستهتار بالنساء أن اعتبروها مجرد جارية، لاحول لها ولا قوة، تدخل لحريم السلطان لجمالها الأخاذ. و تنسي قومها و ناسها لأنها مجرد جارية و سبي و عبدة لا إرادة لها ثم كان ما كان ، ويا ليته ما كان.
تخلصت روكسلانا من كل من يقف أمامها وأمام ولديها شبه المتخلفين عقليا لتوصيلهم إلى العرش والخلافة، وقد كان
وكان من أولادها "سليم" ناقص العقل والذكاء والحكمة والرؤية، ولا يقارن بمصطفى عبقري القيادة و الكفاءة المقتول، الذي فقدته الخلافة الإسلامية ظلماً وعدواناً ومكائداًكما فقدنا العديد من أفضل الكفاءات في مشوار مأساوي وضع الولاء الأعمي قبل الكفاءة و العبقرية و ما كان أثرانا بالعبقريات التي دمرت أو لم يسمح لها بالتفتح تفضيلا لما نعتقد انه ولاء أعمي وهو في الواقع عداء كامن مدمر.
ودخلت سلالة روكسلانا إلى خط الخلافة والسلطنة، فعانت ما عانت من فساد وإفساد، حتى لم يمضي جيل إلا وكانت الامبراطورية الإسلامية في حصار دائم و قد تخلفت عن ركب النهضة التي قادت الكثير من عناصرها منذ عهد قريب، وهي التي كانت تطرق أبواب أوربا بعنفوان هائل وقت انبثاق النهضة الأوربية الهائلة و التي كان من الطبيعي أن تتفاعل معها و تتشاطر عناصر عصر النهضة المتفجر بالابداعات تلو الابداعات في العلوم و الفنون و المعارف وهي شريكة أصيلة فيه. و ليس غريبا بعد هذه الأحداث و فقد الكفاءات القيادية أن انعزلت من النهضة الأوروبية وعنها الامبراطورية الإسلامية بعد أن كانت جزءاً منها و محركا لها ورائداً فيها، ومتفتحة للمشاطرة والمشاركة بين الأنداد في شأنها.
هل نذكر و نتعلم و نعتبر؟؟؟؟

0 تعليقات:

إرسال تعليق