علم النفس .. لمحة
فلسفية
2-المعرفة وموازين
القوى
كتبت هيام محى الدين
هذه الحالة التي يحملها
القرن الحادي والعشرين تحتاج الي القدرة علي الاستيعاب والفهم والتبصر , والالتزام
و المشاركة و الاقتدارالمعرفي و الحصانة القيمية . إنها تحتاج أكثر من أي وقت مضي الي
عقلانية التعامل مع المسار والمصير , والخروج من الذاتية الي الغيرية . إذا كانت المعرفة
قد أصبحت الأداة الرئيسية للسيطرة علي المصير وإذا كانت قوة الأمم تتحد بمقدار اقتدارها
المعرفي , ومدي سعيها لبناء قاعدتها المعرفية , فإن سلطة المعرفة تتوطد بمقدار انفتاحها
علي رؤى تغير منظور مقاربة الواقع و التعامل معه .
لقد اصبحت المعرفة ملحة
فى إعادة النظر في وظائف العلوم الإنسانية , وخاصة وظائف علم النفس , وفلسفاته وممارساته
,وتثار بهذا الصدد , أسئلة كبرى , مثل : هل نوعية ما يتم التعامل معه من المعرفة هي
تلك النوعيات القابلة للتطبيق في أغراض الإنماء والإنتاج , أم أن ما ينتج من معرفة
لا يعدو كونه مسألة مخزون من المعلومات والمعارف بمعزل عن الواقع والحياة وخدمة احتياجاتهما
؟ وهل ما ينتج من معرفة يصب فى خدمة الناس والمجتمع والإرتقاء بنوعية حياتهم؟
تطرح هذة الأسئلة علي
واقعنا العربي الراهن , بعد أن أصبحت المعرفة هي القوة ,وهي السلطة , وهي الثورة .
ذلك أن كل مظاهر القوة والسلطة والثروة تقوم . راهنا , على قاعدة معرفية .
لكل مجتمع ثقافته ووسائطها
. وثقافة المجتمع هي التعبير عن حالته الحضارية . فالثورة الصناعية في الغرب أنتجت
ثقافتها القائمة على العقلانية والفاعلية والتخطيط , وتسيير الموارد المادية والبشرية,
والنظم والمؤسسات كلها قامت لخدمة احتياجات وأغراض الثورة الصناعية في السيطرة المزدوجة
علي الموارد الطبيعية من خلال العلوم والتكنولوجيا على الطاقات الإنسانية من خلال العلوم
الإنسانية . ومن خلال السيطرة حدثت الإنجازات الحضارية الراهنة . إلا أنها حملت معها
قوة السيطرة لخدمة أغراض الانتاج .
كل معارك الفكر الغربي
الفلسفية الكبرى كانت ترمي إلى إحلال العقل والعقلانية في موقع الصدارة . فكان له استيعاب
اللاعقلاني وفهمه علميآ , واستيعاب اللاوعي وعقلنته من خلال اكتشاف لغته ورموزه , واستيعاب
الرغبات وهواماتها , كل ذلك من أجل مزيد من الاقتدار المعرفي على السيطرة والضبط والتوجيه
وفاعلية الإنتاج. وكان لعلم النفس إسهام كبير
فى معرفة كيف يعمل العقل , وكيف يدرك المعلومات ويخزنها ويعيد إنتاجها . وهي كلها تشكل
أحد الموضوعات الرئيسية لعلم النفس المعرفي
إن النقلة النوعية التي
ستدخل البشرية في حضارة ((ما بعد الحداثة)) , تحتم إعادة طرح القضايا الرئيسية علي
صعيد النظرية والممارسة . فما هي المهام التي ستناط بعلم النفس في عالمنا العربي ,
إذا كان له دور في الإعداد لهذه التحولات ؟
المعرفة هى القضية الرئيسية
التى تشكل مفتاح الدخول إلى المستقبل لقد أصبحت المعرفة وتطبيقاتها التقنية وتوزيعها
تقود النشاط الإنسانى كما انها تحدد مصير الإنسان.
المعرفة هى القوة حيث تقاس قوة الامم على الساحة
الدولية راهنا بمقدار إنتاجها للمعرفة وتسويقها وما دامت المعرفة هى القوة فانها بالتالى
هى السلطة
إن السلطة تحولت من
قوة السلاح الى قوة المعرفة والمعرفة الفاعلة والمتمكنة هى صاحبة القرار فى شتى الأمور
المعرفة هى تحليل المعلومات وتأويلها وصولا إلى بناء نظم ذهنية تحيط بالظاهرة فحين
تتحول المعلومات إلى معرفة يتمكن الذهن من التحكم بالواقع من خلال إعادة إستخدام هذا
الإنتاج بالتحليل والنقد هنا تبلغ السيطرة الذهنية على المعرفة وتصبح المعرفة جزءا
من التكوين الذهنى كما تكسب صفة المرجعية وحين تتحول المادة الفكرية الى توجهات كبرى
فى الحياة تتمثل المرجعيات الأساسية للمواقف والسوك والأفكار وبالتالى السيطرة على
قضايا الحياة والمصير.
إن العلم أصبح قوة منتجة
لأنه يضاعف إمكانات الإنسان.وأن المعرفة العلمية , بفضل تجسدها العلمي في التكنولوجيا
والتجربة ومهارة الانسان نفسه تبعث الحركة والدينامية في المصادر الجبارة لخلق ومضاعفة
الثروة للإنسان ولقد جاءت تكنولوجيا المعلومات التى تؤكد صحة مقولة إن المعلومات والمعرفة
قوة .
ولقد جاءت تكنولوجيا
المعلومات لتضيف العديد من أن الأدلة التى تؤكد صحة مقولة أن اصبحت المعلومات والمعرفة
أهم مصادر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية ويزداد ثقلها من موازين القوة العالمية
المعرفة لا تتقدم
وتنمو إلا من خلال الإنفتاح على الجديد وخوض مغامرة الجرأة على اليقينيات والخروج
عن المألوف وخروج المرء على ذاكرته بصورة تتيح له تحويل العلاقة مع ثوابته من
شكلها المغلق إلى شكلها المفتوح والمتحرك كطاقة على الخلق والإبداع.
هيام محى الدين