د.إيمان مكاوي
كان اليوم الأول في العام الدراسي الجديد ..ضوضاء البنات في فناء المدرسة ..ضحكاتهن ..فرحتهن بالعودة إلى المدرسة ..كل ذلك أعاد لي بعض النشاط الذي افتقدته بعد إجازة صيفية مملة ..قضيتها بين جلوسي وحيدة في النادي أنتظر الأولاد لينتهوا من تمارينهم الرياضية ...وبين زيارات عائلية لا جديد فيها سوى حكايات من سافرت إلى الخليج مع زوجها ورجعت لتشتري شقة جديدة في مدينة نصر ..ومن غضبت من زوجها وتركت له البيت ..وحكايات الموضة ..وآخر ما في الأسواق من صبغات للشعر ..أما في منزلي فأنا وحيدة ليلا أمام التلفاز أنتظر عودة زوجي لتبدأ طقوس الضيافة والخدمة المعتادة يوميا بعد رجوعه من عمله منهكا كنت أفتقد بالفعل رجوعي إلى المدرسة ..
رأيتها على بعد خطوات ..تقف تائهة في فناء المدرسة تسأل عن غرفة مديرة المدرسة ..لعلها وليَّة أمر تلميذة ..ولكن سنواتها التي لم تتعدى الخامسة والعشرين لا تشير إلى ذلك ..
وجهها الصبوح ..وملامحها الهادئة ..جعلتني أطوق للحديث معها ..وأدلها على ما تريد ..ذهبت إليها وبادرتها بأن عرضت عليها أن أوصلها لغرفة مديرة المدرسة ..
تلاقت أعيننا ..وشعرت منها بنفس الراحة والأنس ..أومأت لي برأسها شاكرة لي صنيعي ..وفي طريقنا لغرفة مديرة المدرسة عرفت منها أنها مدرسة الأشغال الفنية الجديدة ..نعم لا بد أن تكون كذلك.
ملامحها الهادئة ..بشرتها الخمرية التي تتلألأ في حجابها ذات الألوان المتناسقة ..والتي تشكل مع عيونها العسلية لوحة تشكيلية .. ..كانت ترتدي ملابس تدل على ذوق راقي ..وحس مرهف ..
عند وصولنا لغرفة مديرة المدرسة تركتها لأحضر طابور الصباح ..ثم إنشغلت بعد ذلك ولم أرها بقية اليوم ..وإن ظلت في ذاكرتي حتى بعد عودتي لمنزلي .
في الأيام التالية تلاقينا كثيرا ..في غرفة المدرسات ..وفي أثناء عودتنا من المدرسة ..فلقد إكتشفت أنها تسكن بالقرب من منزلي ..كم فرحت لذلك ..ووجدتها فرصة ليزداد الحوار بيننا ..لأفضي لها ..وتفضي لي ..فأنا قليلا ما أجد شخصا أرتاح له ..وأستطيع سماعه ..وتبادل الحديث معه ..وأرتاح لأن يسمعني ..لذا فصداقاتي قليلة ..
ولا أعرف ما الذي شدني لها ..وكذلك هي بعد فترة قصيرة أخبرتني بأنها ترتاح لي كثيرا وأنني الصديقة التي تحتاج إليها ..
لم يكن فارق العمر بيننا كبيرا ولكنها كانت تستشيرني في أشياء كثيرة ..
كنا نتجاذب الأحاديث الراقية عن إهتماماتنا وأحلامنا بعيدا عن تلك الأحاديث التافهة التي سأمت منها في جلسات النادي والتجمعات العائلية
كانت قد تزوجت منذ سنتين ولديها طفل جميل ..كانت تتحدث عن حياتها ..وعن حبها لزوجها ..وترسم لوحة بديعة لمشاعر غضة جميلة ..
ولكني كنت أستشعر منها دائما ..عدم الرضا ..شيء ما ينغص حياتها ..كلما تحدثت عن زوجها .
كانت تشتكي لي أنه يهملها ويهتم بعمله أكثر منها ..تسرب الملل إلى حياتهما التي لم تتجاوز السنتين بعد ..
كنت أرى في حكاياتها سلوى لنفسي عما أشعر به من برودة في حياتي ..ورغبة في تغيرها ..حاولت مع زوجي أنا أيضا ولكن محاولاتي باءت بالفشل حتى أعلنت الإستسلام ..
كانت سلوتي هي ذكرياتي ..ذكريات حبي الضائع ..وقصتي التي لم تتم ..
أحببته كثيرا وتعلقت به سنوات دراستي الأربعة ..كان زميلا لي ..أحبني ..وعدني بحياة رومانسية رائعة ..وبحب لا ينتهي ..كان يكتب لي أشعاره ..على أوراق معطرة لا زلت أحتفظ بها إلى الآن ..أقرأها من آن لآخر كلما أفتقد الحبيب والأنيس ..
كنت أستشعر بوخز ضميري في كل مرة أقرؤها فيها ..فأنا زوجة محترمة لرجل يحترمني ويقدم لي ولأولادي كل ما يسعدنا ..ولم يقصر في حقوقي المادية يوما ..ولكنني أفتقد معه ما كنت أشعر به مع حبيبي الذي لم أتزوجه ..
رفض أهلى إرتباطي بشاب في بداية حياته ..ليس لديه ما يؤهله لأن يقيم أسرة ..لم أستطع وقتها مواجهة أهلي ..لم أستطع أن أحافظ على حبي ..وتقدم لي زوجي ..كان مناسبا بكل مقاييس المجتمع الذي أعيش فيه ..
أفقت من ذكرياتي على صوت صديقتي ..تلقي علي تحية الصباح ..كان وجهها متعبا ..كأنها لم تنم ليلتها ..سألتها ..عن سبب شحوب وجهها ..أطرقت رأسها وطلبت مني أن نتحدث قليلا بعد إنتهاء اليوم الدراسي ..أشرت لها بالموافقة.
لم أستطع أن أتركها ترحل عن تفكيري طوال اليوم ..كانت تبدو حزينة ..
بعد إنتهاء اليوم الدراسي أسرعت إليها ..كنت أعلم أنها تريد أن تلقي بحملها إلي ..عرضت علي أن أصطحبها لمنزلها لنتحدث في هدوء ..فزوجها اليوم لن يأتي إلا في وقت متأخر ..
كانت المرة الأولى التي أزورها في بيتها ..
بدا منسقا وجميلا ..تركت لمساتها الفنية في كل ركن فيه ..
أحضرت عصيرا مثلجا وضعته أمامي وجلست ..شاردة ..لحظات وكانت تبكي ..تبكي بحرقة شديدة ..لم أرها هكذا من قبل ..
حبيبتي ..ماذا حدث ..لا أطيق أن أراك هكذا ..إهدئي ,أخبريني ماذا حدث ..
خرجت عباراتها مقطعة ..مليئة بالمرار ..
زوجي يخونني ..من أحببته ووهبته حياتي وحبي ..على علاقة بأخرى ..
لم أصدق ..تهت للحظات ..إستوضحت منها الأمر ..نعم هو على علاقة بأخرى ..وبأخريات ..إذا فهي ليست واحدة..
لماذا يفعل ذلك ..لديه زوجة رقيقة ..محبة ..
حبيبتي ..ستكون حياتنا كلها سعادة ..لن يكون هناك امرأة أخرى في حياتي سواك ..أنت حبي الأول والأخير ..
كانت تلك كلمات حبيبي ..الذي لم أتزوجه ..آه لو تزوجته ..ولو تزوجت صديقتي رجل مثله ..
أنا أعاني مع زوج لا يهتم بي ..وهي تعاني من زوج خائن ..لو كان حبيبي هنا ..
تنبهت على صوت صديقتي كانت لا زالت تشكي همها ..تحكي عن إخلاصها لزوجها ..عن الأماني التي رسمتها ..ومسحها هو بكل قسوة من لوحة أحلامها بتصرفاته ..أحضرت لي ألبوم صور زفافهما ..لتحكي لي عن سعادتهما في أيامهما الأولى من الزواج ..كانت تتكلم ..وتبكي ..أما أنا فقد توقف نبض قلبي للحظات ..لا أعرف إن كانت لحظات ..أم ساعات ..أم أنها كل سنيني التي مضت ..كان ..هو ...من أحببت ..من اشتقت أن..... أن أكون معه ..وأن يكون بجانبي ..
تركتها ..ورحلت ..لم أعرف كيف وصلت إلى منزلي ..كنت شبه مغيبة ..وعندما فتحت باب منزلي ..وجدته جالسا كعادته يقرأ ..جلست بجانبه ..نظرت إليه طويلا ..ربت على كتفي بحنان ..قائلا :
كان يومك شاقا ..
وللمرة الأولى أشعر بأنني أريد أن أختبأ بين أحضانه
كان اليوم الأول في العام الدراسي الجديد ..ضوضاء البنات في فناء المدرسة ..ضحكاتهن ..فرحتهن بالعودة إلى المدرسة ..كل ذلك أعاد لي بعض النشاط الذي افتقدته بعد إجازة صيفية مملة ..قضيتها بين جلوسي وحيدة في النادي أنتظر الأولاد لينتهوا من تمارينهم الرياضية ...وبين زيارات عائلية لا جديد فيها سوى حكايات من سافرت إلى الخليج مع زوجها ورجعت لتشتري شقة جديدة في مدينة نصر ..ومن غضبت من زوجها وتركت له البيت ..وحكايات الموضة ..وآخر ما في الأسواق من صبغات للشعر ..أما في منزلي فأنا وحيدة ليلا أمام التلفاز أنتظر عودة زوجي لتبدأ طقوس الضيافة والخدمة المعتادة يوميا بعد رجوعه من عمله منهكا كنت أفتقد بالفعل رجوعي إلى المدرسة ..
رأيتها على بعد خطوات ..تقف تائهة في فناء المدرسة تسأل عن غرفة مديرة المدرسة ..لعلها وليَّة أمر تلميذة ..ولكن سنواتها التي لم تتعدى الخامسة والعشرين لا تشير إلى ذلك ..
وجهها الصبوح ..وملامحها الهادئة ..جعلتني أطوق للحديث معها ..وأدلها على ما تريد ..ذهبت إليها وبادرتها بأن عرضت عليها أن أوصلها لغرفة مديرة المدرسة ..
تلاقت أعيننا ..وشعرت منها بنفس الراحة والأنس ..أومأت لي برأسها شاكرة لي صنيعي ..وفي طريقنا لغرفة مديرة المدرسة عرفت منها أنها مدرسة الأشغال الفنية الجديدة ..نعم لا بد أن تكون كذلك.
ملامحها الهادئة ..بشرتها الخمرية التي تتلألأ في حجابها ذات الألوان المتناسقة ..والتي تشكل مع عيونها العسلية لوحة تشكيلية .. ..كانت ترتدي ملابس تدل على ذوق راقي ..وحس مرهف ..
عند وصولنا لغرفة مديرة المدرسة تركتها لأحضر طابور الصباح ..ثم إنشغلت بعد ذلك ولم أرها بقية اليوم ..وإن ظلت في ذاكرتي حتى بعد عودتي لمنزلي .
في الأيام التالية تلاقينا كثيرا ..في غرفة المدرسات ..وفي أثناء عودتنا من المدرسة ..فلقد إكتشفت أنها تسكن بالقرب من منزلي ..كم فرحت لذلك ..ووجدتها فرصة ليزداد الحوار بيننا ..لأفضي لها ..وتفضي لي ..فأنا قليلا ما أجد شخصا أرتاح له ..وأستطيع سماعه ..وتبادل الحديث معه ..وأرتاح لأن يسمعني ..لذا فصداقاتي قليلة ..
ولا أعرف ما الذي شدني لها ..وكذلك هي بعد فترة قصيرة أخبرتني بأنها ترتاح لي كثيرا وأنني الصديقة التي تحتاج إليها ..
لم يكن فارق العمر بيننا كبيرا ولكنها كانت تستشيرني في أشياء كثيرة ..
كنا نتجاذب الأحاديث الراقية عن إهتماماتنا وأحلامنا بعيدا عن تلك الأحاديث التافهة التي سأمت منها في جلسات النادي والتجمعات العائلية
كانت قد تزوجت منذ سنتين ولديها طفل جميل ..كانت تتحدث عن حياتها ..وعن حبها لزوجها ..وترسم لوحة بديعة لمشاعر غضة جميلة ..
ولكني كنت أستشعر منها دائما ..عدم الرضا ..شيء ما ينغص حياتها ..كلما تحدثت عن زوجها .
كانت تشتكي لي أنه يهملها ويهتم بعمله أكثر منها ..تسرب الملل إلى حياتهما التي لم تتجاوز السنتين بعد ..
كنت أرى في حكاياتها سلوى لنفسي عما أشعر به من برودة في حياتي ..ورغبة في تغيرها ..حاولت مع زوجي أنا أيضا ولكن محاولاتي باءت بالفشل حتى أعلنت الإستسلام ..
كانت سلوتي هي ذكرياتي ..ذكريات حبي الضائع ..وقصتي التي لم تتم ..
أحببته كثيرا وتعلقت به سنوات دراستي الأربعة ..كان زميلا لي ..أحبني ..وعدني بحياة رومانسية رائعة ..وبحب لا ينتهي ..كان يكتب لي أشعاره ..على أوراق معطرة لا زلت أحتفظ بها إلى الآن ..أقرأها من آن لآخر كلما أفتقد الحبيب والأنيس ..
كنت أستشعر بوخز ضميري في كل مرة أقرؤها فيها ..فأنا زوجة محترمة لرجل يحترمني ويقدم لي ولأولادي كل ما يسعدنا ..ولم يقصر في حقوقي المادية يوما ..ولكنني أفتقد معه ما كنت أشعر به مع حبيبي الذي لم أتزوجه ..
رفض أهلى إرتباطي بشاب في بداية حياته ..ليس لديه ما يؤهله لأن يقيم أسرة ..لم أستطع وقتها مواجهة أهلي ..لم أستطع أن أحافظ على حبي ..وتقدم لي زوجي ..كان مناسبا بكل مقاييس المجتمع الذي أعيش فيه ..
أفقت من ذكرياتي على صوت صديقتي ..تلقي علي تحية الصباح ..كان وجهها متعبا ..كأنها لم تنم ليلتها ..سألتها ..عن سبب شحوب وجهها ..أطرقت رأسها وطلبت مني أن نتحدث قليلا بعد إنتهاء اليوم الدراسي ..أشرت لها بالموافقة.
لم أستطع أن أتركها ترحل عن تفكيري طوال اليوم ..كانت تبدو حزينة ..
بعد إنتهاء اليوم الدراسي أسرعت إليها ..كنت أعلم أنها تريد أن تلقي بحملها إلي ..عرضت علي أن أصطحبها لمنزلها لنتحدث في هدوء ..فزوجها اليوم لن يأتي إلا في وقت متأخر ..
كانت المرة الأولى التي أزورها في بيتها ..
بدا منسقا وجميلا ..تركت لمساتها الفنية في كل ركن فيه ..
أحضرت عصيرا مثلجا وضعته أمامي وجلست ..شاردة ..لحظات وكانت تبكي ..تبكي بحرقة شديدة ..لم أرها هكذا من قبل ..
حبيبتي ..ماذا حدث ..لا أطيق أن أراك هكذا ..إهدئي ,أخبريني ماذا حدث ..
خرجت عباراتها مقطعة ..مليئة بالمرار ..
زوجي يخونني ..من أحببته ووهبته حياتي وحبي ..على علاقة بأخرى ..
لم أصدق ..تهت للحظات ..إستوضحت منها الأمر ..نعم هو على علاقة بأخرى ..وبأخريات ..إذا فهي ليست واحدة..
لماذا يفعل ذلك ..لديه زوجة رقيقة ..محبة ..
حبيبتي ..ستكون حياتنا كلها سعادة ..لن يكون هناك امرأة أخرى في حياتي سواك ..أنت حبي الأول والأخير ..
كانت تلك كلمات حبيبي ..الذي لم أتزوجه ..آه لو تزوجته ..ولو تزوجت صديقتي رجل مثله ..
أنا أعاني مع زوج لا يهتم بي ..وهي تعاني من زوج خائن ..لو كان حبيبي هنا ..
تنبهت على صوت صديقتي كانت لا زالت تشكي همها ..تحكي عن إخلاصها لزوجها ..عن الأماني التي رسمتها ..ومسحها هو بكل قسوة من لوحة أحلامها بتصرفاته ..أحضرت لي ألبوم صور زفافهما ..لتحكي لي عن سعادتهما في أيامهما الأولى من الزواج ..كانت تتكلم ..وتبكي ..أما أنا فقد توقف نبض قلبي للحظات ..لا أعرف إن كانت لحظات ..أم ساعات ..أم أنها كل سنيني التي مضت ..كان ..هو ...من أحببت ..من اشتقت أن..... أن أكون معه ..وأن يكون بجانبي ..
تركتها ..ورحلت ..لم أعرف كيف وصلت إلى منزلي ..كنت شبه مغيبة ..وعندما فتحت باب منزلي ..وجدته جالسا كعادته يقرأ ..جلست بجانبه ..نظرت إليه طويلا ..ربت على كتفي بحنان ..قائلا :
كان يومك شاقا ..
وللمرة الأولى أشعر بأنني أريد أن أختبأ بين أحضانه
