الدكتور عادل عامر
إن المرحلة السياسية التي تمر بها الدولة المصرية صعبة ولا تحتاج إلى المزيد من الصراعات بين مؤسسات الدولة والقوى السياسية، لان هذا الصراع لن يكون في صالح أي طرف من الجانبين. أن تأخر قانون تقسيم الدوائر سيزيد من مشاكل الأحزاب والقوى السياسية التي من المفترض أن تكون قد أنهت مراحل الاستعداد للانتخابات منذ فترة طويلة، الانتخابات الحرة النزيهة هي الركيزة الأساسية لبناء النظام الديمقراطي ولشرعية السلطة وتدوالها في أي بلد، ولذلك اهتم بها وبشروطها وضماناتها المجتمع الدولي والمنظمات الاقليمية والوطنية المعنية بضمانات النظام الديمقراطي وصدرت البروتوكولات والصكوك الدولية والاقليمية التي تتناول بالتفصيل عناصر وشروط حرية الانتخابات ونزاهتها وشفاهيتها. وقد اشارت كثير من المواثيق والصكوك الدولية لهذه المبادئ واسهبت بعضها في توضيح تفاصيل الاجراءات التي تكفل الحرية والنزاهة والشفافية، ولكن تأخير هذه القانون ليس في صالح الأحزاب ولا القوى السياسية. إن تأخير قانون تقسيم الدوائر هو حلقة جديدة في الصراع بين السلطة ومجلس النواب الذي يتمتع بصلاحيات تنافس مؤسسة الرئاسة، وتأخير هذا القانون يؤكد ذلك.لان مجلس النواب القادم ستكون له صلاحيات تعتبر أقوى من صلاحيات رئيس الجمهورية من تشكيل حكومة واختيار رئيس لها والعديد من القرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية. ن المادة 102 من الدستور نصت على أن : تقسيم الدوائر الانتخابية، بما يراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين، ويجوز الأخذ بالنظام الانتخابي الفردي أو القائمة أو الجمع بأي نسبة بينهما، كما جاءت أحكام المحكمة الدستورية فيما يتعلق بتقسيم الدوائر لتؤكد ضرورة التوازن بين نسبة التمثيل والكثافة السكانية . وضعت الكثير من البلدان مجموعة من القواعد الرسمية، أو المعايير التي يتعين على سلطات ترسيم الحدود أخذها في الاعتبار عند رسم الدوائر الانتخابية. تتضمن معايير الترسيم هذه اشتراطات تتعلق بضرورة أن تتساوى الدوائر من حيث عدد السكان قدر الإمكان، مع أخذ مجموعة من العوامل الأخرى في الاعتبار. الحدود الإدارية و/أو الطبيعية وغيرها من السمات الجغرافية مثل المناطق ذات الكثافة السكانية الضئيلة أو المنعزلة تُعد من العوامل التي عادة ما تُدرج أيضا. كما أن احترام الجماعات ذات المصالح يعد عاملاً آخر تحدده الكثير من البلدان. في بعض البلدان، خاصةً البلدان النامية، يُطلب من القائمين على الترسيم الأخذ في الاعتبار وسائل النقل و/أو الاتصال. تتصل كل هذه معايير مباشرةً بعملية إنشاء الدوائر الانتخابية. تتعلق مجموعة أخرى من معايير الترسيم بنتائج عملية الترسيم—على سبيل المثال، من خلال اشتراط وضع خطط الدوائر بحيث تكون الأحزاب السياسية ممثلة تمثيلاً عادلاً أو بحيث تكون للأقليات العنصرية أو العرقية أو الدينية أو اللغوية فرصة عادلة في التمثيل. لكن البلدان التي ترسم حدود الدوائر الانتخابية عادةً لا تعتمد المعايير المتصلة بنزاهة النتائج. وذلك لأن البلدان ذات الدوائر الانتخابية أحادية التمثيل نادراً ما تتمكن من تلبية هذه المعايير، إذا عرفنا نزاهة النتائج بالتمثيل النسبي أو بالقريب من النسبي للأحزاب السياسية وجماعات الأقليات.
بغض النظر عما إذا كانت المعايير تتصل بالعملية أو بالنتيجة المحتملة، فغالباً ما يمكن استخدام برمجيات أنظمة المعلومات الجغرافية لقياس مدى الامتثال لهذه المعايير. ليس هناك نظام انتخابي مثالي لا يخلو من المزايا والعيوب، وتطبيق أي نظام انتخابي لايكون بوصفه النظام الامثل بل الانسب والاكثر قابلية للتطبيق في مجتمع ما وفقاً لطبيعة ذلك المجتمع وتشكيلاته، على ان هنالك ثلاثة عوامل رئيسية يفترض في النظام الانتخابي استهدافها وهي: السهولة، العدالة، الفعالية.
القاعدة الأكثر قبولاً لإعادة الترسيم هو أن المناطق يجب أن تتساوى نسبياً في عدد السكان. وذلك لأن التمثيل بحسب عدد السكان هو أحد الركائز الأساسية للديمقراطية، وفي البلدان التي تعتمد على الدوائر الانتخابية أحادية التمثيل، تُترجم هذه القاعدة من خلال مبدأ تساوي عدد سكان في مختلف الدوائر الانتخابية. فالدوائر الانتخابية المتساوية في عدد السكان ضرورية لكي تكون أصوات الناخبين ذات ثقل متساوٍ في انتخاب النواب. فمثلاً إذا تم انتخاب نائب في دائرة انتخابية تحتوي على ضعف عدد الناخبين في دائرة أخرى، فسيكون للناخبين في الدائرة الأكبر نصف التأثير الذي يحظى به الناخبون في الدائرة الأصغر. يتفاوت مدى اشتراط البلدان للمساواة في عدد السكان. فالولايات المتحدة فريدة من نوعها من حيث التزامها بمبدأ المساواة في عدد السكان. فلا تطالب أية دولة أخرى بعدم تجاوز نسبة ضئيلة من الانحراف عن قاعدة "شخص واحد، صوت واحد" كالتي تفرضها محاكم الولايات المتحدة منذ أوائل الستينيات. نيوزيلندا هي الأقرب للالتزام الصارم بهذا المعيار، إذ تسمح بنسبة انحراف لا تتعدى الخمسة في المائة أو أقل من الحصة الانتخابية.
وهناك بلدان أخرى اختارت، رغم اعترافها بأهمية التساوي في عدد السكان، تحقيق التوازن بين هذا العامل والعوامل الأخرى الداخلة في إعادة الترسيم التي تعتبر على نفس القدر من الأهمية. ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، يحظى احترام الحدود الإدارية المحلية بالأسبقية على التساوي الدقيق لعدد السكان. أما في كثير من البلدان الأفريقية، فإن الحاجة إلى الاعتراف بالقبائل الفردية لها الأسبقية على تساوي عدد السكان. لذا فإنه على كل بلد أن يحدد مقدار التجاوز المسموح به عن قاعدة تساوي عدد السكان في سبيل تحقيق الأهداف الأخرى لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية.
تُعد التقارير الموجزة التي تسرد مجموع السكان في كل دائرة في إطار خطة إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية ضرورية لتحديد ما إذا كانت هناك خطة بعينها تحقق معيار تساوي عدد السكان، بغض النظر عن مستوى الامتثال المطلوب. إذا كانت برمجيات أنظمة المعلومات الجغرافية قد استخدامت لوضع الخطة، فإن إعداد التقرير الإحصائي الذي يسرد عدد السكان في كل دائرة، وتحديد مقدار تجاوز الدائرة عن حصة السكان، يكون مسألة في غاية البساطة. فمن الممكن إعداد التقرير المطلوب بمجرد النقر بالفأرة.
في كثير من البلدان، تنص القوانين الانتخابية على أخذ الجغرافيا، أو بعض العوامل الجغرافية، في الاعتبار عند ترسيم حدود الدوائر الانتخابية. يمكن تقسيم المعايير الجغرافية إلى فئتين: معايير تتصل بالحدود الجغرافية ومعايير تتصل بالمساحة و/أو الشكل الجغرافي. وقد يُطلب من سلطة الحدود دراسة فئة ما من العوامل أو كلتا الفئتين.
فيما يتعلق بالمعايير ذات الصلة بالحدود الجغرافية، على سبيل المثال، قد يُطلب من سلطة إعادة الترسيم احترام الحدود الإدارية مثل خطوط المقاطعات والبلديات و/أو الحدود الطبيعية التي أوجدتها السمات الطوبوغرافية السائدة كسلاسل الجبال والأنهار أو الجزر. أما العوامل مثل بعد المنطقة، وضآلة السكان، وإمكانية الوصول إليها جغرافياً هي من الأمثلة الشائعة للمعايير المتصلة بالمساحة الجغرافية. تُعد هذه العوامل ذات أهمية خاصة في البلدان التي تضم مناطق شاسعة ذات كثافة سكانية منخفضة، مثل كندا وأستراليا أو روسيا، أو البلدان التي تضم الجزر أو غيرها من الدوائر المعزولة التي يصعب الوصول إليها. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض البلدان تطلب من القائمين على إعادة الترسيم أن يأخذوا في الاعتبار عوامل مثل ما إذا كانت الدوائر مدمجة جغرافياً. تتيح برمجيات أنظمة المعلومات الجغرافية للقائمين على إعادة الترسيم إنتاج خرائط للمناطق التي أنشئت حديثاً على الفور. تسمح هذه الخرائط للقائمين على إعادة الترسيم بعرض ترتيب العوامل بالمناطق التي أنشئت حديثاً ووضع الحدود الإدارية والسياسية والطبيعية على خطة الدائرة الجديدة من أجل الوصول إلى درجة توافق هذه الحدود مع خطوط الدائرة الجديدة. في كثير من الأحيان، لا تكون خريطة الدوائر الجديدة متاحة على الفور، ولكن يمكن أيضاً حساب الإحصاءات المتعلقة بحجم وشكل الدوائر على الفور وإعداد تقرير بها. على سبيل المثال، يمكن لبعض حزم برمجيات أنظمة المعلومات الجغرافية عرض طول أو محيط الدائرة الانتخابية بالأميال أو الكيلومترات فضلاً عن القياسات الرياضية للاندماج الجغرافي.
نظراً إلى أن الدوائر الانتخابية عادة ما يُشترط أن تكون متساوية نسبياً في عدد السكان، فإن الدوائر أحادية التمثيل لا تعكس في كثير من الأحيان المجتمعات الجغرافية المميزة كما تدل عليها تقسيمات البلدية أو المقاطعة أو غير ذلك من التقسيمات الإدارية. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن التمثيل السياسي قد انفصل عن مفهوم "المجتمع" في البلدان التي تقوم بإعادة ترسيم المقاطعات— العديد من البلدان التي تقوم بترسيم الدوائر أحادية التمثيل تظل تؤكد على أهمية إنشاء الدوائر التي تتفق بأكبر قدر ممكن مع المجتمعات القائمة بالفعل، والتي تُعرف بالتقسيمات الإدارية و/أو "جماعات المصالح".
والسبب المنطقي للاعتراف بالمجتمعات المحلية عند إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية هو أن الدوائر الانتخابية يجب أن تكون أكثر من مجرد تجمعات عشوائية من الأفراد. ينبغي أن تكون الدوائر الانتخابية، قدر الإمكان، وحدة متماسكة ذات مصالح مشتركة تتعلق بالتمثيل. هذه المصالح المشتركة قد تكون نتيجة لتاريخ أو ثقافة مشتركة، أو خلفية عرقية مشتركة، أو مجموعة متنوعة من العلاقات الأخرى التي خلقت مجتمعاً من الناخبين ذوي المصالح المميزة.
يمكن استخدام برمجيات أنظمة المعلومات الجغرافية لضمان الالتزام بالمجتمعات ذات المصالح والتي سبق تحديدها إن تم تحويل حدود هذه المجتمعات إلى الصيغة الرقمية وإدخالها في قاعدة بيانات الترسيم كطبقة للحدود. قد تكون تلك مهمة بسيطة نسبياً إذا اعتُبرت المجتمعات ذات المصالح تقسيمات إدارية، على سبيل المثال، أو غير ذلك من المجتمعات الإقليمية أو المحلية ذات الحدود الراسخة. غير أن الأمر يكون أكثر تعقيداً، إذا كانت الحدود غير واضحة المعالم.
تركز معايير تحديد النزاهة للأحزاب السياسية وجماعات الأقلية داخل بلد ما على نتائج الانتخابات، بدلاً من عملية إعادة الترسيم. ولكن الأنظمة الانتخابية التي تعتمد حصرياً على الدوائر أحادية التمثيل لا يمكنها أن تضمن التمثيل النسبي، أو حتى النسبة الدنيا من المقاعد لأحزاب الأقلية السياسية أو للأقليات العرقية أو العنصرية أو اللغوية أو الدينية في السكان. والسبب هو أن الدوائر أحادية التمثيل يتمخض عنها حتماً عدد أقل من المقاعد لأحزاب الأقلية، ما لم تكن هذه المجموعات مركزة جغرافياً بطريقة تُمكن القائمين على الترسيم بإنشاء عدد متناسب من الدوائر التي تسودها هذه الجماعات، أو ما لم تتم صياغة أحكام انتخابية خاصة تضمن للأقليات بعض التمثيل في المجلس التشريعي. نهج آخر للتعامل مع عدم التناسب الكامن في الدوائر أحادية التمثيل هو اعتماد الإصلاحات الرامية إلى ضمان إعادة ترسيم يمتاز بالنزاهة والحيادية. إلا أن الإصلاحات التي تتمثل في تبني لجان مستقلة وغير متحيزة ومعايير ترسيم محايدة لا تكاد تعود بفائدة تُذكر في التخفيف من عدم تكافؤ نتائج الانتخابات. إن استبعاد السياسة عن الترسيم لا يعني أن خطة إعادة ترسيم الدوائر ليس لها أي تأثير سياسي، وإنما يعني ببساطة أن أي تحيز سياسي في خطة إعادة الترسيم غير مقصود.
وهناك وسيلة أخرى للتعامل مع الآثار السياسية المحتملة لخطة إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية—والتي ربما كانت أفضل نهج عملي— وهي محاولة تحديد الآثار السياسية المرجحة للخطة المقترحة لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية قبل البدء في تنفيذ الخطة. إذا كانت البيانات السياسية (نتائج الانتخابات السابقة) قد أُدرجت في قاعدة بيانات الترسيم، يمكن لبرمجيات أنظمة المعلومات الجغرافية استخدام هذه المعلومات للتنبؤ بالتأثير السياسي المحتمل لخطة الترسيم المقترحة. تستطيع برمجيات أنظمة المعلومات الجغرافية القيام بذلك عن طريق إعادة تجميع نتائج الانتخابات السابقة كي تتفق مع حدود الدائرة المقترحة حديثاً. وبطبيعة الحال، فإن مجرد القدرة على التنبؤ بالأثر السياسي المحتمل لخطة إعادة الترسيم ليس كافياً لضمان أن تكون الخطة نزيهة قدر الإمكان بالنسبة لكل الجماعات السياسية. فلن ينجح هذا النهج إلا إذا كانت سلطة الترسيم حقاً غير متحيزة أو إذا كانت جميع المجموعات المعنية والمواطنون مسلحون بهذه المعلومات—ويستطيعون بالتالي مساءلة القائمين على إعادة الترسيم.
إذا كانت سلطة ترسيم الدوائر الانتخابية لديها أجندة سياسية محددة، وتتمتع وحدها بإمكانية الوصول إلى هذا النوع من المعلومات و/أو بحق اتخاذ القرار بشأن الخطط التي يجب اعتمادها، فإن هذا النوع من المعلومات يمكن أن يسفر في الواقع عن خطة منحازة سياسياً. قد يكون هذا هو السبب في أن العديد من سلطات الترسيم لا يُسمح لها بالنظر إلى أية بيانات سياسية على الإطلاق عند رسم حدود الدوائر الانتخابية. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية في كثير من الأحيان تستطيع الوصول إلى هذا النوع من المعلومات، حتى لو كان القائمون على الترسيم لا يقومون، ولا يجوز لهم، استخدام هذه المعلومات للتأثير على سلطة الحدود خلال جلسة علنية. هذا هو مثال للأسباب وراء أهمية دراسة السياق الذي يتم في ظله الإعلان عن خطط الترسيم عند تقرير ما إذا كانت أنظمة المعلومات الجغرافية ستُستخدم أم لا. يمارس النظام الانتخابي ايضاً دورا كبيرا في اعادة صياغة شكل الدولة وفقاً لارادة النظام السياسي فيما اذا كان متجهاً نحو مزيد من السلطة والمركزية للحكومة الاتحادية او مزيد من تقاسم السلطة و نقلها الى الأقاليم او الولايات في ظل النظام الاتحادي. فقد أدى تبني نظام الاغلبية (الفائز الاول) في الولايات المتحدة الأمريكية الى تعزيز سلطة الدولة والحكومة الاتحادية، ونجح الحزبان الكبيران الجمهوري والديمقراطي في استقطاب مختلف فئات وشرائح المجتمع الامريكي، وفي نفس الوقت نجح في استقطاب المصالح الاقتصادية الكبيرة وأتاح ذلك الهيمنة على الرئاسة والكونكرس. وتعاقب الحزبان في إدارة البيت الابيض مما أدى الى احداث تحوّل في مجلس الشيوخ من تمثيل مناطقي الى تمثيل حزبي وطني بسبب التجربة الحزبية، فإن هذا المجلس عادةً ما تتمثل فيه الولايات بشكل متساو اذ يمثل كل ولاية في مجلس الشيوخ شخصان، لكن التجربة الحزبية أحالت ذلك التمثيل من تمثيل مناطقي الى تمثيل حزبي وطني، وانعكس ذلك بدوره على التشريعات الصادرة من الكونكرس والتي تبرز اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية الى مزيد من الاندماج والوحدة، وهو ما يحدث الى حد كبير في استراليا.
كاتب المقالدكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
0 تعليقات:
إرسال تعليق