Ads

يوم فى حياة أسرة


بقلم: حسن عزالدين

كعادة الشمس تشرق فى كل صباح بعد فجر كاذب ٍ يصدقه قول الله أكبر حي على الصلاة حي على الفلاح فيسفر الوجه عن ملامحه على الآفاق .ويدعو ذلك الشيخُ ثم يرَّتلُ آيات من قرءان فيها المعنى الوضَّاح يذكر ربه يؤدى ورده علَّه ينهل من مورده ما يسقى به حبوب اللقاح . ذلك أملٌ يراود المستهترون فى محراب عشقهم فى مجامع ذكرهم الله. والزوجُ أدت ما عليها من واجب لربها ثم دخلت مسرعة لكوخها مصنع قوتها سمِّه مطبخا أو تُكلاً أو كويزنة كيف ما شئت يا صاح .لا فرق فالمكان يحوى ذات النار والقدر والإبريق والكأس ولا يخلو من سويق ذرة ولحم بقر او حوت طازج كان أم قديد محفوظ وزيت وخل وبصل وبهارات واحدة والشاي هو ذلكم الاسود أم الأخضر .بدأت الزوجة باعداد الشاى على النسق والطقوس المعهودة عندها من روتين الحياة وبروتين الغذاء . وأبناءها كلٌ كان قد فاق من نومه وصلى صلاته ثم بدأو يعدون نفسهم للخروج طلبا للعلم من مناهله .والبنت الكُبرى جاءت لتعين والدتها فى تجهيز الفطور لوالدها وبقية أختها وهو بعض كعك وخبز من دقيق الشعير وزيت زيتون وعسل من رحيق مُصفى كان قد اشتراه والدها من جارهم التاجر ومالك المنحل فى مزرعة الوادي الأخضر من قرية أم القرى الواقعة بين جبل العين و نهر أم دافوق الذي يغذيه نبعٌ من قمة جبل الخضر . تحولق الجميع حول مائدة الإفطار الأرضية حيث افترشوا بساط من سعف النخيل من فوقه عدد من فرو الضأن المدبوغ بمدبغة الريف الحلبي وفى الوسط سفرة من ألمونيوم مستديرة الشكل كبيرة تراصت عليها كؤس الشاي والخبز والكعك بينه جفنا من عسل وجفنا من زيت وقارورة خل تفاحي . بدر الأب بعد التسمية بتناول قطعة الكعك ووضعها فى فم زوجته ثم دعا لها بالرضى والصحة ثم عاود الكرة بجميع اهل بيته ثم اتناول هو طعامه وهو يسال ان كان لأحدهم حاجة من السوق صمت الجميع ثم كأنما كانوا على وفاق وفى توافق هارموني وبصوت واحد بوركت يا أبا من المولى وزادك فى الرزق بحبه لك ألف حبة ليس لدينا حاجة وما يوجد كافي وفيه بركة . فابتسم وهو راض عنهم ثم نهض وخرج مسرعا إلى عمله مودعا إياهم لله ورسوله . ذهب الجميع الى مدارسهم وبقيت الأم فى بيتها تعدُ طعام الغداء ثم تستريح من العناء قيلولة وهي تنظر فى الساعة ساعة بعد ساعة فى شوق لعودة الزوج والأبناء . رنَّ جرس الهاتف فذهبت لتنوء من مجلسها فأحست بشعور غريب ينتابها كانما حدسها يحدثها بخبر ما لعلَّ الله جاء ببشرى وسعد وهناء من بلاد الغرباء وهم أبناءها الذين كانوا فى سفر بحثا عن الرزق المُيَّسر فى أرض فيها الخير وفير والمال غزير حيث الكل غني وقليل الفقير . ففقير تلك البلاد هو اغني من غني البلاد . أجابت الهاتف آلو ونبرة من حنان فى صوتها فيرد عليها صوت ابنها سعد الوالدة سلام الله عليكم اليوم وبعد 30 دقيقة من الان سنكون معكم بالمنزل ان شاء الله ومعي بشرى وهناء . تبتسم الأم ودمعة تسيل من مآقيها تبلل خدها ترطب يبسها فتمسحها بيديها .وهي تتمتم فى نفسها الحمد لله ربي يوصلهم بالسلامة وليكون غداءنا أرز محشو فى بطن الأوز والحمامة وشىء من فاكهة صيفية ولنضع زهرة بنفسجية واخرى من بيضاء أزهرية وحمراء أقحوانية . فاذا بها تسمع صرير الباب وأنزلاق المزلاج عن المغلاق فيدخل الزوج بصحبة الأبناء وهم ضحكون فرحون يلقون بالتحية وقبلة خدية فتقول لهم أخوانكم فى الطريق الينا وأحسب أنهم قد دنوا من الطريق المؤدية لبيتنا .ثم تسكت فيقول الزوج لأبنه افتح الباب فهم على الباب فيجري الابن نحو الباب ويفتحه فاذا باخوته يعانقونه فى شوق ويدخلون الى الدار .ثم ماذا بعد مازال النهار طويلا والوقائع تزداد تفاصيلها فقد حان وقت الزاد وفي غد نواصل ماكان من قصص ان كتب لنا الله المعاد.

0 تعليقات:

إرسال تعليق