Ads

موقف مرسي بعد حكم الإسماعيلية


دكتور عادل عامر

أثبتت محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية إن الرئيس مرسي قد قام  باتصاله وجماعته بعناصر وتنظيمات أجنبية ممثلة في حزب الله وحركة حماس لاقتحام الأراضي المصرية وانتهاك سيادتها وارتكاب العديد من الجرائم وثقت بعضها المحكمة وأهمها اقتحام عناصر من حماس وحزب الله لسجن وادي النطرون وتهريب محمد مرسي وآخرين من السجن وتهريب عناصر كان ينفذ عليها أحكام من حزب الله وحماس وأمرت المحكمة الانتربول الدولي بالقبض على الهاربين من السجن من حماس وحزب الله .
أنه من الثابت أن ما أثبتته المحكمة في حكمها يقطع بيقين ارتكاب محمد مرسي لجريمة الخيانة العظمى مما يفقده ما تبقى من شرعيته ويسقطه لارتكابه هذه الجريمة.
أن الاتصالات التي تم نشرها في الإعلام بشأن اقتحام السجون بين الدكتور محمد بديع وخالد مشعل هي اتصالات حقيقية بشأن اقتحام السجون. أن الرئيس محمد مرسي ليس أعلى من القانون أو العدالة ويجب القبض عليه،
لقد أصبح الآن أمام النيابة واجب تجاه الشعب في استدعاء محمد مرسى وقيادات الإخوان للتحقيق معهم واتخاذ كل الإجراءات القانونية ليس فقط لهروبهم من السجن استغلالا للانفلات الأمني وسعيهم بذلك التصرف لزيادة الانفلات الأمني، وإنما في تعاونهم مع قوى أجنبية وميليشيات غير شرعية لاقتحام السجون وهدمها، وأيضا المشاركة في تهريب عناصر إرهابية أساءت إلى مصر وشعبها كانت تقضى أحكاما صدرت من محاكم مصرية وجرت إدانتهم. لقد أصبح مرسى الآن ليس فاقدا للشرعية وإنما أصبح متهما الآن، وواجب عليه أن يقدم استقالته ويذهب إلى النائب العام للتحقيق معه.
 لكن لن يفعل مرسى ذلك أبدا فهو يتخيل أننا نعيش في عزبة الإخوان وأن مكتب الإرشاد كفيل بحل تلك القضية عن طريق إطلاقه رجاله وحلفاءهم لاتهامات للقضاة وللمحكمة التي أصدرت حكمها وللإعلام الذي يتناول تلك القضية لنشر الأكاذيب والتضليل، فضلا عن العناد الذي يتمسك به الإخوان ومعهم محمد مرسى، بالإضافة إلى موقف النائب العام الخاص الذي سيصمت عن تلك القضية. فهم يعتقدون أن مصر أصبحت عزبة خاصة لهم يتصرفون فيها كيفما يشاءون ويَضربون بكل شيء وبأحكام القضاء عرض الحائط. أليس محمد مرسى هو الذي يرفض تنفيذ أحكام القضاء ويعاند القضاة ويعتدي عليهم في أحكامهم بل والحض على محاصرتهم كما جرى في المحكمة الدستورية لتعطيل صدور الأحكام.
 أن أهمية الحكم ليست في منطوقة، بل في أسبابه التي أثبتت "حدوث هروب جماعي من عدد من المسجونين ومنهم الرئيس الحالي وعدد من رموز الإخوان، وعدد من المسجونين من مختلف التيارات الإسلامية"،
 أن عملية اقتحام السجن وتسهيل الهروب "تمت بمساعدة عناصر أجنبية من حماس وحزب الله". أن "هذه الوقائع التي أثبتتها المحكمة في أسبابها لم تكن معروضة على المحكمة للفصل فيها، لذا أحالتها المحكمة للنيابة العامة لتتخذ فيها شؤونها"، وشكك في "أن يحرك النائب العام الذي عينه "مرسي"، بالمخالفة للقانون،
."أن الحكم الصادر اليوم من محكمة جنح الإسماعيلية يعد من قبيل الإبلاغ الذي منحته المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية ، لكل من يعلم بجريمة ومتهمين أن يبلغ النيابة العامة حتى لو كان من آحاد الناس"."أن جنح الإسماعيلية ليس لها أن تتصدى للقضية بمعنى ليس لها أن تحرك الدعوى العمومية وتضيف متهمين جدد أو وقائع جديدة ، فهي محكمة مستأنف وليس محكمة جنايات التي لها مثل هذا الحق إذا رأته ، وقدرت محكمة جنح الإسماعيلية في القضية متهمين جدد ووقائع جديدة وهي مقيدة بالمتهمين السابقين في ملفات القضية التي نظرتها وليس لها أن توجه اتهامات جديدة غبر المعروضة عليها ". وقد انتهينا إلي انعقاد المسئولية علي أساس المبادئ فوق الدستورية وكذلك القواعد القانونية السارية وقت ارتكاب الجرائم الجنائية التي ارتكبها لتُحقِّق المسئوليتين وعلي نحو مُتكامل، وأهمها عدم الوفاء بالالتزامات المقررة دستوريا التي يُؤديها رئيس الجمهورية قبل أن يُباشر مهم منصبه المحددة صيغتها بالمادة (79) من الدستور والجرائم المرتبطة بها، المقرر لها عقوبات جنائية في القانون رقم 247 لسنة 1956 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء، والقانون رقم 79 لسنة 1958 بشأن محاكمة الوزراء وقانون العقوبات، وغيرها من القوانين الأخرى ذات الصلة بالجرائم المُرتكبة.
فتنص المادة 137 من الدستور الجديد يؤدى رئيس الجمهورية أمام مجلسي النواب والشورى، قبل مباشرة مهام
أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري، « : منصبه، اليمين الآتية وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ .» على استقلال الوطن وسلامة أ ا رضيه
ويكون أداء اليمين أمام مجلس الشورى عند حل مجلس النواب.وباستقراء عبارات القَسَم يتبين أنها تشكل أربع التزامات أساسية، واجبة التنفيذ وهي:
1- المحافظة (بإخلاص) علي النظام الجمهوري.
2- احترام الدستور والقانون.
3- رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة.
4- المحافظة علي استقلال الوطن وسلامة أراضيه.
ولعله من الواضح أن القَسَم بالله العظيم مُتكرِّر في الالتزامات الأربع: أُقسِم بالله العظيم أن. وأن. وأن. وأن).
وهذه الالتزامات هي حالة قانونية يلتزِم بمقتضاها بنقل حقوق معينة أو القيام بأعمال معينة أو الامتناع عن القيام بأعمال معينة.
المادة ) 152 0( يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى؛ بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل؛ ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس. وبمجرد صدور هذا القرار  يوقف رئيس الجمهورية عن عمله؛ ويعتبر ذلك مانعا مؤقتا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته حتى صدور الحكم.  ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام؛ وإذا قام بأحدهم مانع حل محله من يليه في الأقدمية.  وينظم القانون اجراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة؛ واذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى.
ومن المعروف أن هُناك فروقا بين الوظيفة الإدارية والوظيفة الحكومية، وأن الحكومة هي محور السلطة التنفيذية، وأن الإدارة ليست إلا أداتها، وأن الوظيفة الحكومية تتعلق بأمهات الأمور والمسائل الخطيرة والقرارات السياسية الكبرى المُؤثرة في المستقبل والأوضاع السياسية والاقتصادية وأن القائمين بممارستها هم، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء (السلطة التنفيذية) ونظرا لأن جانبا من أعمالها لا يخضع لرقابة القضاء سواء العادي أو الإداري، وهي الأعمال المُسماة بأعمال السيادة مثل: علاقة الحكومة بالبرلمان ذ العلاقات الدولية - التدابير الأساسية التي تُتخذ للدفاع عن الأمن العام من اضطراب داخلي أو لتأمين سلامة الدولة من عدوان خارجي، كإعلان حالة الطوارئ وإعلان الحرب والمسائل الخاصة بالأعمال الحربية، فقد استقر الفقه علي أن الرقابة القضائية، ليست الصورة الوحيدة للرقابة، حيث توجد الرقابة السياسية
ولا شك أنه عند غياب الرقابة السياسية دستوريا،علي رئيس الجمهورية( أمام مجلس الشعب) حينئذ تبدو أهمية المساءلة بقواعد مُتكاملة مصدرها المبادئ فوق الدستورية والدستور والقوانين الأساسية والقوانين العادية كما سنري تفصيلا، إذ لا يُتصوَّر أن يضع المشرع الدستوري الالتزامات الأربعة في اليمين الدستورية ذ كشرط لمباشرة مهام المنصب - دون أن يقصد الالتزام بها والمحاسبة عن الحِنْث وعدم الوفاء بها أو التراخي فيه. ولذلك لسنا مع الرأي القائل إن الدستور التي تُقرِّر اختصاصات ذات صبغة رئاسية واضحة لرئيس الجمهورية، هي اختصاصات مُقرَّرة بصيغة مرسلة وبغير تحديد واضح لماهية السلطات التي تُجيز مباشرتها، وأن إغفال تحديد سلطات معينة فيها، يجعل الاختصاصات المقررة فيها غير متميزة، وغير مستقلة عن الواردة في المواد الأخرى، وأنها ذ حسب ذلك الرأي - لا تُشكِّل سلطات بالمعني الحقيقي  ونحن نري أن تُردد أحكام الدستور ذاته، وأنها عبارة عن سلطات وتوجيهات سياسية من المشرع الدستوري للرئيس ليكون مُطالَبا بأن تنعكس علي ممارسته لما ورد بالدستور من اختصاصات بسلطات إما مُنفردا أو بواسطة الوزراء أو بالتنسيق مع مجلس الشعب، مما يجعله مسئولا عنها أو في ضوء أحكامها. وتكون المسئولية بقدر الإخلال بالموجبات التي يُقررها الدستور والقانون. ومادة واحدة فقط تتحدث عن محاكمته كما منحه الدستور 6 وظائف أخري بجانب مهمته كرئيس للجمهورية و20 سلطة مطلقة يستخدمها في وجه أي شخص دون رقيب ولا يسع المقام أو الموضوع عن ذكر تلك السلطات فشأن محاكمة الرئيس لم يتحدث الدستور المصري صراحة سوي في مادة واحدة لمحاسبته وهي المادة 85 من الدستور التي تنص صراحة بامكانية اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمي أو بارتكاب جريمة جنائية.
بناء علي اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب علي الأقل ولم يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس وبالقراءة السريعة لهذه المادة تعني عدم محاسبة رئيس الجمهورية.
ولكن نلاحظ إن المادة الثالثة من الدستور تقرر أن السيادة للشعب وحده فهو مصدر السلطات ويمارس هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية علي الوجه المبين بالدستور ومفاد ذلك إن الشعب إذا رفض استمرار رئيس الجمهورية في منصبه وأسقط عنه شرعيته في الحكم فان شرعية الحاكم تأتي من المحكوم ومن ثم تتم محاكمة رئيس الجمهورية إذا زالت عنه شرعيته كمواطن عادي بموجب قانون العقوبات وبالجرائم التي ارتكبها وتكون محاكمته أمام محكمة عادية وليس محكمة خاصة كما ينص الدستور أن يتحول إلي مواطن عادي ويحاكم كفرد من الشعب وليس رئيس جمهورية فاقد لشرعيته والتمسك بمحاكمته طبقاً للدستور أمام محكمة خاصة لا يكون إلا في حالة ارتكابه للجرائم ومازال يعمل كرئيس للدولة أما وكونه سقط الشرعية وفقدها فانه يحاكم محاكمة الأشخاص العاديين حيث إن عقوبة الهروب من السجن جنحة وليس لها حصانة في الدستور الجديد حيث حدد علي سبيل الحصر إذا اتهم الرئيس في جناية أو خيانة عظمي دون جرائم المخالفات والجنح مما يحوله إلي مواطن عاديا يجوز التحقيق معه ومحاكمته في هذان الجريمتان فقط المخالفات والجنح للان جريمة الهروب من السجن جنحة من ثم يجوز محاكمة فورا علي ذلك
إن نص الدستور في المادة 152 أحالت إلي قانون آخر ليحدد تشكيل المحكمة التي يحاكم أمامها رئيس الجمهورية خروجاً علي القواعد العادية لاختصاص المحاكم وتشكيلها والإجراءات المتبعة إمامها في قانون الإجراءات الجنائية. وكذا سيحدد القانون العقاب الذي تقضي به تلك المحكمة خروجاً علي قواعد قانون العقوبات وحتى الآن لم يصدر مثل هذا القانون بمعني انه طبقاً لوضع القانون الحالي لا توجد محكمة بمحاكمة رئيس الجمهورية.

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

0 تعليقات:

إرسال تعليق